تضاد الجماعات الدينية!

عبدالله السالمي


 - يلعب التاريخ المتخيل أو الواقعي دورا فاعلا في رسم حدود ومعالم هويات الجماعات العرقية والطائفية والمذهبية واللغوية والجهوية.. إلى ما هنالك من العناوين التي تشي بانتظام مجموعة من البشر بينهم قدر من التجانس في رابطة متخيلة واستيهامية.
عبدالله السالمي –

يلعب التاريخ المتخيل أو الواقعي دورا فاعلا في رسم حدود ومعالم هويات الجماعات العرقية والطائفية والمذهبية واللغوية والجهوية.. إلى ما هنالك من العناوين التي تشي بانتظام مجموعة من البشر بينهم قدر من التجانس في رابطة متخيلة واستيهامية.
وعادة ما تتم العودة إلى الماضي كمادة تستعين بها هذه الجماعة أو تلك ليس في معرض السعي إلى تأكيد أنها أصيلة وعريقة وعميقة الجذور فحسب وإنما أيضا يتم استلهام التاريخ لتدعيم التضاد القائم بين الهويات الآخذة في التنازع بإحياء سجالات الزمن الغابر وتناقضاته.
وبمقدار ما للماضي من حضور في المرجعية التي تصúدر عنها الجماعة يتحدد مدى اعتمادها على التاريخ في الموقف من الجماعة أو الجماعات الأخرى.
وبحكم تقادم المعطى الديني كنص وتراث تاريخييúنö فإن الجماعة الدينية لا تجد كينونتها إلا بمقدار إعادة إنتاجها للماضي والعيش فيه. وهو ما يفسر إمعان الهويات الدينية كأديان أو فرق ومذاهب وطوائف داخل كل دين في استدعاء التباينات التاريخية التي هي بمثابة مخزون استراتيجي يغذي تمايز الهويات الطائفية ويبقöي التضاد بينها قائما على أشده.
في حالات كثيرة وبناء على استدعاء التباينات التاريخية الفاعلة في رسم حدود الجماعات الدينية يحúدث أن يكون التضاد بين جماعات الإسلام السياسي أعúمق منه بينها أو بين بعضها وبين التيارات والقوى الأخرى كالقومية واليسارية..
“إن المنطق يقضي أن يؤدي الدين بما هو عنصر توحيد إلى إقرار نوع من الوحدة في السياسة”.. هذا ما يقوله الدكتور محمد عابد الجابري الذي لاحظ أن ما يجري هو العكس.
وبحسب المفكر الجابري “فالذي يحدث هو أن توظيف الدين في السياسة إنما يلجأ إليه العقل السياسي للجماعة عندما لا يكون من مصلحتها التعبير عن قضيتها/ الاقتصادية تعبيرا سياسيا صريحا ومطابقا لأن ذلك يفضح الطابع المادي الاستغلالي لتلك القضية أو عندما لا تستطيع تلك الجماعة ذلك بسبب ضعف وعيها نتيجة عدم بلوغها مستوى من التطور يجعلها قادرة على طرح قضيتها الاجتماعية/ الاقتصادية طرحا مكشوفا”.
وفي المجمل فإن لكل من الجماعات الدينية مشاريعها السياسية التي تبنيها على تصورات تاريخية عن الدين وهذه التصورات ينتج عنها تعددية دينية سياسية متعارöضة ومتصارöعة بقدر تعارض وصراع الأنماط السياسية التاريخية للدين.

قد يعجبك ايضا