تهامة .. يحق لها أن تعيش!!

محاسن الحواتي


 -  من المحافظات النادرة من حيث الصبر والجلد أهلها هادئون ومسالمون إنها الحديدة عروس البحر عاشت الحرمان والتهميش بكل أنواعه كما أنها عانت من جبروت الآخر حتى أصبح أهلها بلا صوت وبالتالي حضورهم خافت في السياسة وفي المشهد الاجتماعي والثقافي..
محاسن الحواتي –

من المحافظات النادرة من حيث الصبر والجلد أهلها هادئون ومسالمون إنها الحديدة عروس البحر عاشت الحرمان والتهميش بكل أنواعه كما أنها عانت من جبروت الآخر حتى أصبح أهلها بلا صوت وبالتالي حضورهم خافت في السياسة وفي المشهد الاجتماعي والثقافي..
ترى قبل أن نكيل اللوم على السلطة وعلى آلياتها وأذرعها أو على نظرتها القاصرة أليس من باب قول الحق أن نلوم أهل تهامة أنفسهم¿ أي أنهم يتحملون جزءا من أسباب ما وقع بهم من تهميش وإقصاء.. لأن وكما يقال “لا أحد ينال منك إلا بموافقتك” فالنظرة النمطية التي تكونت عن أهل تهامة هي أنهم مسالمون هادئون لا يعرفون اللف والدوران.. معظمهم فقراء والقبيلة عندهم لا حضور سياسي لها كما في أغلب مناطق اليمن هذه الصورة ظلت منذ عقود وإلى يومنا هذا لم تتغير لذا عندما ثارت تهامة الآن ضد التهميش والإقصاء لم يتقبل منها فهي المنطقة المسالمة والصابرة دوما على عبث الفاسدين.. كيف لها أن تثور في ما يخصها ويخص أبناءها¿
> إن عملية البسط على الأراضي في تهامة من أبرز ملفات تهامة الساخنة والتي تمت على يد كبار المتنفذين في البلد حيث لا احترام لإنسان تهامة الذي مازال يعيش في صندقة أو عشة.. والبساطون والكبار والفاسدون قاموا ببناء الفلل والمزارع وبسطوا على سواحل البحر وتوغلوا في المياه ولا حياة لمن يصرخ “سرقوا أرضنا”.. في هذا الملف الهام والخطير هناك أسماء وردت ولم تبر ساحتها من وزر تهامة.. كما أن هناك تواطؤ من قبل بعض أبناء تهامة مع ناهبي الأراضي.
> في مجال الوظيفة العامة وبما أن سكان الحديد هم خليط من كل المحافظات تأتي الفرص لغير أبنائها ويستأثر بها أصحاب الوساطات وأبناء تهامة الفقراء يعيشون البطالة بكل أنواعها وتبعات الفقر اللعينة جراء السياسات الخرقاء التي تمارس ضدهم.
> السكن المناسب لأبناء الحديدة محدودي الدخل ليس متوفرا فآخر المدن السكنية هي مدينة العمال التي بناها الشهيد الحمدي رحمه الله.. فالبؤس والفقر لا يحتاج إلى دليل في الحديدة ما أن تطئ قدماك المدينة الرائعة حتى تتأكد أن هؤلاء البشر نالوا من الظلم ما لم ينله أحد فهم في عششهم وصنادقهم ينتظرون أن تتغير الأحوال ويشعرون بالمواطنة المتساوية التي تجعل أصواتهم عالية ومسموعة.
> إن تهامة وهي بلاد عرفت الهجرات وانصهار الثقافات كما عرفت التدين والتصوف منذ فجر التاريخ أي أنها منطقة تثري الروح قبل الجيوب لذلك كان الزهد أحد مميزات أهلها والذي يفسر بغير ما يحتمل .. فهل ذنب أهل تهامة أنهم لا يرون في الثراء شرفا ولا في الفقر عيبا.
إن عملية التهميش السياسي لتهامة تمت بوعي شديد من قبل السلطة في العهد السابق فمن برز منهم قليل وأدوارهم كانت تنتهي بسرعة ولا يتجاوزون خطوطا بعينها.. قد يقول قائل حدث هذا مع مناطق وفئات أخرى أيضا.. لكننا نقول تهامة كانت الأكبر من حيث المساجد والسكان ومع ذلك تم تهميش كل أهلها ولم تحظ بمشروعات تنموية تناسب احتياجاتها.
> أخيرا على أبناء تهامة أن يتمسكوا بحقوقهم ويرفعوا بها بل ويوصلوها إلى أبعد مدى ويناضلوا من أجلها فقد ولى زمن الانكسار ولى زمن البسط والفيد وكل سيد نفسه ولا مكان في اليمن الجديد لناهبي الأراضي ومنتهكي الحقوق وسالبي الحريات ومن حق تهامة أن تعيش وترفض كل من يحاول تركيعها وعليها أن تفتح أبواب الحب وتبدأ مشوار الحياة وتلون الأفق بزاهي الألوان لأنها ستولد من جديد.

قد يعجبك ايضا