ليس اليوم كالبارحة

بلقيس أحمد الكبسي


بلقيس أحمد الكبسي –
ألقت جسدها العليل على أحد المقاعد وهي تئن من الألم ترامى إلى سمعها الضئيل صوت الممرضة وهي تشعرها بدورها نهضت متهالكة الخطى خطت بضعها نحو الباب , أدارت مقبضه وأدخلت جسدها المنهك تفحصت نظراتها محتويات الغرفة رأت الطبيبة تنتظرها على مقعدها المتحرك. أشارت إليها بالجلوس على الكرسي المواجه لها سألتها عن حالتها وما تشعر به.
أخذت تشرح أعراض وجعها وبينما هي تصف مرضها أحست بجفاف يلفح شفتيها وثقل أجهد لسانها أرخت لثامها ضمت إبهامها وسبابتها على شفتيها ومسحتهما حدقت الطبيبة في وجهها همست لنفسها:
– هذه الملامح..إنها لها..!! لن تكون لغيرها.
طلبت منها الصعود إلى سرير الكشف ساعدتها على خلع عباءتها وبعض ملابسها أمسكت بيدها حتى استرخت على السرير وشرعت تفحصها.
تسمرت حدقاتها تتأمل طبيبتها أرخت جفونها رفعت حاجبيها أطرقت تفكر وهي تصارع بنات أفكارها أسرت لنفسها :
– صوتها تفاصيل وجهها تشبه فتاة أعرفها.
أطلقت لذاكرتها العنان علها تتذكر هذه الملامح وذاك الصوت الذي يقرع أجراسه على بوابة مسامعها تريثت تفكر للحظات ثم خاطبت نفسها بصمت:
– لا لا يعقل أن تكون هى بل من المستحيل أن تكون هى هذه طبيبة ويبدو عليها الإتقان في العمل خلوقة التعامل وشمائلها لطيفة.
أنهت الطبيبة فحص مريضتها ساعدتها على النهوض طلبت منها أن ترتدي ملابسها ريثما تكتب لها (وصفة العلاج).
ارتدت ملابسها تثاقلت خطواتها وصلت إلى حيث تنتظرها التعليمات الطبية جلست على الكرسي المقابل لها رفعت الطبيبة نظرها وحدقتاها تراقص عيني مريضتها تمددت شفتاها بابتسامة حزينة خاطبتها:
– اطمئني حالتك ليست بالخطيرة بعد استعمالك العلاج ستكونين بصحة جيدة هذه الورقة تحوي بعض النصائح الطبية استخدمي العلاج واتبعي هذه النصائح إن شاء الله ستتحسن صحتك يا (أستاذة منى).
قطبت حاجبيها حدقت في وجهها هزت رأسها باستغراب خاطبت نفسها:
أستاذة منى..!! كيف عرفت..¿!! ما أدراها أني معلمة ¿!! لقد أكدت شكوكي أيعقل أنها…¿! لا لا مستحيل أن تكون … هذه فتاة أخرى تشبهها.
أمطر وجهها بزخات من الأسئلة تدفقت عيناها بسيل من علامات الاستفهام قرأت الطبيبة علامات الاستغراب في وجهها أعطتها (وصفة العلاج وورقة التعليمات الطبية) وقفت ..مدت يدها لمصافحتها ونظراتها تشيعها لمغادرة الغرفة خاطبتها مودعة:
– أتمنى لك öالصحة والعافية يا أستاذة منى.
انتصبت والدهشة تتقافز في وجهها سألتها:
– هل تعرفينني¿! ردت على سؤالها بسؤال:
– وهل مثلك يطويه النسيان..¿! صرخت في وجهها:
– من أنت..¿! هيا أخبريني من أنت..¿! أجابتها :
– أنا نجاح نجاح يا أستاذة منى. صفعتها إجابتها فهمست بدهشة :
– ماذا..¿! نجاح أمعقول..¿!
– أجل أنا نجاح طالبتك الفاشلة التي تم فصلها من المدرسة بسبب….
أسبلت ذراعيها نحو ركبتيها توكأت عليهما رمت جسدها على الكرسي طأطأت رأسها أطلقت حبل تفكيرها استرجعت تلك الأيام أيام مجدها التعليمي كانت (حجاج) مدرستها تذكرت مبدأها الاستبدادي وشعارها الصارم :
– البنات لا ينفع لتربيتهن إلا القسوة والشدة وقوانين حجر الصوان.
وتذكرت تلك الطالبة المتمردة عليها كانت متحدية لها ولقوانين مدرستها التي نعتتها بالظالمة والقهرية لم تنس عندما صرخت في وجهها وهي من ترتعد الطالبات لمرأى خيالها من بعيد مازالت تدوي صرخاتها في طبلتي أذنيها:
– أنا لي رأي واختيار لست لعبة تحركينها كيفما تشائين.
أيقظتها من سبات ذكرياتها صرخات حية وصوت مجلجل هو الصوت نفسه وللفتاة نفسها دوى صداها واخترق حصون مسامعها:
– هل لأني فتاة حكمتö علي بالضياع والفلتان ..¿! لم تعطني ثقة وحرية حتى أبادلك احتراما والتزاما لم تمنحيني اختيارا فأهديك تقديرا ووفاء لقد حكمت علي ظلما حين فصلتني من المدرسة وقررت إدارتك الموقرة أني فتاة مستهترة وجريئة وسليطة اللسان لا اخضع للقوانين واللوائح وستفسد أفكاري طالبات المدرسة ستتفشى العدوى بينهن ويفلت زمام الإدارة من السيطرة عليهن.
رفعت وجهها صوب الطبيبة ومآقيها تمطر أصدرت تنهيدة من أعماقها دوت صداها في فضاءات الغرفة خاطبتها بصوت كسير:
– أنتö نجاح..¿! تلك الطالبة التي لم يمض يوم دراسي إلا ووبختها أو أخرجتها من الفصل وفي معظم الأيام تجر إلى الإدارة ويحرر استدعاء لولي أمرها. هل أنت طبيبة حقا..¿!! أجابتها بنبرة استغراب ساخرة:
– نعم طبيبة وحاصلة على الامتياز أتصدقين¿!!تقاذفت الأسئلة بحيرة ودهشة في

قد يعجبك ايضا