وقتا وتنسى الجماهير من جاءوا

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - بصدور قرارات هيكلة الجيش تكون اليمن قد فتحت نافذة على المستقبل وشعرت أن ثمة متغير قادم وثمة حالة انتقالية قد تحدث في المستقبل القريب  حين يشار في مؤتمر الحوار على الفراغ من مهامه الوطنية ومهامه
عبدالرحمن مراد –

مقالة

بصدور قرارات هيكلة الجيش تكون اليمن قد فتحت نافذة على المستقبل وشعرت أن ثمة متغير قادم وثمة حالة انتقالية قد تحدث في المستقبل القريب حين يشار في مؤتمر الحوار على الفراغ من مهامه الوطنية ومهامه التاريخية في صياغة شكل الدولة القادمة ونظامها السياسي والذي نتمنى أن تكون مخرجاته في توافق كلي مع تطلعات الجماهير التي سئمت طوال عقود من الزمن من تلك القوى التقليدية التي أفسدت أو ساهمت في إفساد الحياة في اليمن.
المعركة القادمة التي يجب أن نخوضها قبل الولوج إلى الدولة الحديثة التي نعمل على التأسيس لها في مؤتمر الحوار هي معركة ثقافية في المقام الأول معركة وعي بالمفاهيم والمصطلحات وبالحقائق الموضوعية والقضايا الحقوقية فالتضليل الذي مارسه الشيخ الاجتماعي والشيخ الديني يفترض أن يقف عند حد فالمرحلة القادمة لا أظنها قادرة على تحمل ذلك الزيف والتزوير في وعي المجتمع وفي مستقبله فالتشويه المكرس طوال عقد ونيف ساهم على فساد الحياة السياسية ذلك أن الأحزاب الكبيرة التي اتخذته طريقا للوصول إلى بغيتها في الأغلبية هي الآن تعاني من تبعاته بشكل أو بآخر.
ما حدث يوم «10 أبريل» شكل علامة فارقة بين حالين وهو بالضرورة قد أحدث انتقالا وأي انتقال هو حالة تحولية تترك متغيرا على كثير من المكونات ويصبح الوعي بالحالة الانتقالية والوعي بالمتغير هو الاستمرار التفاعلي مع المشهد في المستقبل وقد يصبح الثبات عند نقطة مضيئة من الماضي هو الفناء المؤجل للمكونات السياسية والاجتماعية ولذلك فإن الوقوف أمام التجربة السياسية لما قبل «10 أبريل» أصبح من الضرورة بمكان من حيث النقد والتقييم ومن حيث استيعاب المستجدات وقياس أثرها وحتى من حيث الخطاب الإعلامي والخطاب السياسي إذ أن الكثير من الخطابات الإعلامية ما زالت عاجزة عن فهم ضرورات التحول والانتقال كما يبدو لنا من ثباتها وثبات مصطلحاتها وديدنها الخطابي الذي دابت عليه منذ عامين ولم تتجاوزه.
إدراك ما يعتمل في حنايا اللحظة الجديدة هو بالضرورة إسهام غير مباشر في عملية النجاح وعملية صناعة المسقبل الآمن والمستقر فالحوار هو عملية تصحيح مستمرة لتصوراتنا الخاطئة عن بعضنا وهو في السياق ترميم لما تصدع في الوجدان العام وبقاء بعض الخطابات تحت مناخات ومفردات ومصطلحات اللحظة العدائية التي انتجتها وهي لحظة بلغت مبلغها من الاحتقان والدم والدمار النفسي والأخلاقي والمادي- لا يعني أكثر من هيمنة الروح المتوحشة واستحكام ثقافة الصحراء التي ترتكز على بعد الهدم وبعد الغنيمة وبعد الثبات والوقوف أمام مثل هذه الظاهرة وهي ظاهرة معيقة للانتقال- يتطلب جهدا مضاعفا في عملية التفكيك وعملية إعادة البناء التي تتوافق مع روح التعايش والسلام وروح الاستقرار وهذه العملية- إعادة البناء- تأخذ مداها في مؤتمر الحوار المنعقد منذ (18 مارس) وكان من المفترض أن يتزامن معها اشتغال ثقافي موازي بما يعزز من القيمة والمعنى وبما يجعل المستقبل أكثر استقرارا وأكثر أمانا.
القضية الوطنية ليست مسؤولية الرئيس وحده ولا مسؤولية الأطراف السياسية ولكنها مسؤولية مشتركة وتكاملية وإدراك القيادة لدورها في تحفيز الكيانات والفئات النوعية قد يسهل عليها الطريق للوصول إلى الغايات والأهداف الوطنية الكبرى التي تجهد في الوصول إليها وهي- لا ريب- ستدرك فاعلية مثل ذلك الدور التحفيزي بيد أن الانشغالات في المستويات المتعددة يجعلها تنصرف حينا عن قضايا مهمة لا تحتمل التأجيل فأثر قرارات 10 أبريل النفسي يبدو ناقصا إن لم تآزره حالة من حالات الترميم للمتصدع الوجداني ومثل ذلك الدور تقوم به الفنون باعتبار الفنون إحدى دوائر تطور الروح- كما يذهب إلى ذلك العقل الفلسفي.
وقد أصبحت الحاجة إلى الفنون ضرورية ومثل تلك الحاجة تتطلب توجها في منظومة السياسة العامة وقدرا من الاهتمام حتى تتمكن من تفعيل دورها في منظومة التطور الذي نسعى إليه فالتكامل بين الدوائر الدينية والعقلية والفنية هو تكامل في البناء وفي العامل الحضاري القادر على التفاعل مع اللحظة الزمنية الجديدة وجدليتها الكيميائية.
فالجماهير التي تشرئب إلى صناعة لحظتها وتتوق إلى صناعة تاريخ جديد يتغاير عن ماضيه ولا يكرر صوره ومشاهده قد تنسى من جاءوا وتنسى من رحلوا.. ولكنها لن تنسى أبدا من تشعر بصدقه وإخلاصه لها ذلك أنها تستحضره في لحظاتها الفارقة ولعل المتأمل في مناخات 2011م قد أدرك اتساع دائرة الرموز الوطنية والعربية والإنسانية التي كانت حاضرة في الوجدان الجمعي دون أدنى اعتبار للروابط العرقية أو السلالية فا

قد يعجبك ايضا