طلقة تغتال ثورة

خالد الصعفاني


 - وتخيلوا أن " شخصنا " طالب أتم مشروعا وهو يحمل شهادة الجامعة أو الدكتوراه وبينما هو فرح ورازح رأسه على فريم الباص يقلب أخماس النشوة في أسداس الطموح إذا به يودع الحياة لنفس السبب السابق .. وتخيلوا رب أسرة مثاليا يجمع لأسرته
خالد الصعفاني –

وتخيلوا أن ” شخصنا ” طالب أتم مشروعا وهو يحمل شهادة الجامعة أو الدكتوراه وبينما هو فرح ورازح رأسه على فريم الباص يقلب أخماس النشوة في أسداس الطموح إذا به يودع الحياة لنفس السبب السابق .. وتخيلوا رب أسرة مثاليا يجمع لأسرته الصغيرة أو الكبيرة لقمة العيش على طريقة ” النمل ” وبينما يجتهد وأسرته من زوجة وأطفال ينتظرون إذا بخبر مقتله يأتي وبذات الكيفية .. ولن أزيد من الضغط على مخيلة القارئ العزيز وسأترك له الاستمرار في ما يريد من سيناريوهات وسأنتقل بدوري إلى فقرة أخرى من هذا التناول ..
أما مصدر الفكرة الجهنمية التي افتتحت بها فهي خبر محاولة اغتيال عضو حوار وإصابة سيارته بست وعشرين طلقة .. يا لطيف ألطف هو عدد كاف لإزهاق روح 26 إنسانا بذنوب أم لا .. أين حدث هذا ¿ في العاصمة ..!
هذه المرة نقل لي احدهم هذا الأسبوع عاين حادثة أليمة فقد شاب روحه أمام زوجته العروس وبجوار سيارته في منطقة الحصبة حين فاجأته طلقة آلي حطت على ترقوته من بناء مجاور كما يبدو فكانت النهاية بعد دقائق من محاولة إسعاف الشاب الذي تزوج للتو ..
يموت البعض أو “يتبهذل” على الطرقات بفعل قاطعي الطريق الذي أصبحوا أكثر من أعضاء مؤتمر الحوار , وقلت حوادث الثأر لكن الاغتيالات زادت بطريقة تقلق الحياة في اليمن .. قل عدد ضحايا الحصبة أو الملاريا لكن أصبح ضحايا النزاعات والشجارات أكثر .. انخفض مستوى الجهل زاد عدد المتعلمين لكننا بقينا رافعين شعار “عمرو بن كلثوم التغلبي” وهو يحذر من أن يجهل عليه أحد فيجهل فوق جهل الجاهلين ..!
أعود لأقول والقلب يعتصر ألما , ما أسرع أن يموت اليمني بهذه الطريقة أو غيرها.. وما أسوأ أن تذهب روح بريء ” بلاش ” في مكان عام .. وما أتعس أن ينجذب الواحد للطموح والمجد وهو يتخيل نفسه في أي لحظة ضحية لأسباب لا علاقة له بها من قريب أو بعيد ..!
وإذا كنا بعد ألف وأربعمائة سنة إسلام وعبادة لم نعرف حرمة المسلم فكيف لنا أن نعيش سعداء .. وإذا كان اليمنيون بعد ستين عاما من الثورة على التخلف والجهل كما ادعينا يقتلون بالشكل الذي يجري في أوقات السلم أو أوقات الحرب فأي جهل وأي تخلف قضينا عليه أو ثرنا عليه .. هل نحن بحاجة لاستجلاب كرامة الإمام يحيى أو جن ابنه الإمام أحمد حتى نعاقب القتلة بعمد أو بلا عمد .. أي جهل أكثر من زيادة قطع السلاح في بلادنا بمرور الأيام وكأننا نستخدم الذخيرة وأدوات القتل من أجل العلاج والتعلم وإنجاز الوظيفة .!!
أخيرا :
في ظل “الموت الفجأة” الذي ينتظر اليمنيين في السوق أو الجامع أو المقيل أو حتى العرس , تبقى الأمنية الأكبر متصلة بنظام وقانون يمنع السلاح نهائيا في المدن , ويسام حامل السلاح أكان مواطنا أو مرافقا لشيخ سوء العذاب .. وحينما يكتفي المسئولون الكبار جدا بمرافقين “أبو مسدس” وترك “الكلاشنكوف” وما فوقه للمعسكرات وحماة الحدود , فإن اليمن سيكون آمنا لأهله وخيرا لناسه , وسنصبح أكثر فرحا بالتخلص من الحصبة أو الملاريا لأننا حينها سنكون قد تخلصنا أيضا من وباء أكبر وخطر أسرع فتكا يداهم أي أحد في أي وقت ومن أي مكان ..!!
====

قد يعجبك ايضا