الكتاب.. بين الشكل التقليدي الورقي والتقنية الإلكترونية



أسامة عبدالملك القرشي
أعز مكان في الدنى سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
تتفشى الأمية الثقافية والمعرفية بنسبة كبيرة في الأوساط المجتمعية العربية ولذلك أسباب عدة لا يتسع المجال لذكرها في هذه الورقة باعتبار أن ذلك هو محور اهتمامنا هنا ولعل أهم أسباب تفشي هذه الأمية الثقافية والمعرفية في الأوساط الاجتماعية العربية هو تدني مستوى الدخل لدى المواطن العربي ولهاثه طوال الوقت وراء لقمة العيش مما يجعل القراءة تحتل موقعا متأخرا في سلم اهتماماته إضافة إلى ما ترسخ في ذهن المواطن العربي البسيط بأن «القراءة لا تؤكل عيشا» بسبب اهتمام الكثير من أرباب العمل بمعايير أخرى لا تعتبر الثقافة العامة شرطا رئيسيا فيها ولأن الكتاب يعد أهم الوسائل المتاحة للحصول على المعرفة فقد رأينا أنه الوسيلة التي ينبغي التركيز عليها في ورقتنا هذه..
وفي ظل ظهور الوسائل والتقنيات الحديثة نشأ جدل واسع حول دور الكتاب الإلكتروني في نشر الوعي المعرفي ومدى منافسته للكتاب الورقي في الحصول على المعرفة بل إن البعض تجاوز ذلك ليشير إلى إمكانية قضاء الكتاب الإلكتروني على دور الكتاب الورقي وإزاحته تماما من الساحة وهو ما سنناقشه لاحقا من خلال استبيان بسيط أجريناه مع شرائح مختلفة من القراء.
وقبل الولوج في استخلاص نتائج الاستبيان نرى لزاما علينا أن نستعرض تاريخ الكتاب ودوره في نشر الوعي المعرفي استرشادا بالبيت الشعري الذي استهللنا به هذه الورقة والذي لم يحدد فيه شاعرنا الكبير «أبو الطيب المتنبي» شكلا معينا للكتاب وهو يتغنى به بل تطرق إليه كقيمة ثقافية وحياتية في حياة الأمم والشعوب باعتبار أن الكتاب هو سجل الإنسانية الخالد الذي تدون فيه تجاربها ومعارفها وعلومها وتشريعاتها وطبيعة الحياة فيها ولولاه لما عرفنا شيئا عن هذه الأمم والشعوب بل إن التعاليم السماوية لم تصل إلينا إلا عبر تدوينها بين دفتي كتاب تتداوله الأجيال المتلاحقة ولذا ارتبط اسم الكتاب بمعاني التقديس والتبجيل وعرفت التعاليم السماوية باسم الكتاب المقدس» في سائر الأديان وقد احتفى شاعرنا العربي الكبير «أبو الطيب المتنبي» بالكتاب باعتباره كل ما يضم بين دفتيه من معلومات ومعارف وتجارب وآداب وفي أي شكل جاء هذا التدوين..
وعلى امتداد العصور المتعاقبة عرف الكتاب أشكالا متعددة تبعا لتغير تطورات العصر وتقنياته ابتداء بالنقش على الصخور الذي عرفته سائر الحضارات الإنسانية الشرقية والغربية وهو ما نجده بشكل واضح في الحضارات الشرقية كــ(البابلية والسومرية والآشورية والفينيقية والأكادية والفرعونية والحضارات اليمنية القديمة» وكذلك نجده في الحضارات الغربية القديمة سواء الأوروبية منها والأمريكية فهو ما عرفته الحضارات «اليونانية والرومانية» في أوروبا وحضارات «الأنكا والأزتك» في الأمريكيتين وأرتقى هذا الشكل إلى الألواح الطينية المحروقة ليسهل انتقالها ثم ظهرت أشكال التدوين على أوراق ولحاء الشجر كما في الحضارة الفرعونية التي كانت تدون معارفها على «ورق البردي» وجاءت من بعدها الرقرق المصنوعة من الجلود التي استخدمت بشكل واسع في منطقتنا العربية في صدر الإسلام وشطر طويل من العصر الأموي بعد ذلك شهدت الحضارة الإنسانية نقلة نوعية باكتشاف صناعة الورق في الصين وانتقل أسلوب التدوين على الورق إلى سائر الحضارات الشرقية والغربية وجاءت بعد ذلك حروف الطباعة التي ابتكرها «يوحنا جوتنبرج» واستمر هذا الشكل من الكتب حتى عصرنا الراهن الذي عرف التقنية الحديثة والكتب الإلكترونية عبر الأسطوانات والأقراص المدمجة والشبكة الإليكترونية.. وغيرها من الوسائل والوسائط الإلكترونية.. ومهما اختلفت أشكال الكتاب إلا أن ما يجمع عليه سائر المهتمين هو أن الكتاب قد حظى بعناية واهتمام بالغين في مختلف الحضارات وفي كل الأزمان مهما تغيرت أشكاله أو تعددت..
وبالعودة إلى موضوع الاستبيان فقد تمحورت فكرته حول أبرز الفوارق بين الكتاب التقليدي الورقي والكتاب الإلكتروني ومميزات وسلبيات كل منهما وهل يغني أي منهما عن الآخر وقد طرحنا على من استهدفهم الاستبيان جملة من الأسئلة هي:
٭ هل تحبذ القراءة في الكتاب الورقي أم الكتاب الإلكتروني¿
٭ هل تعتقد أن الكتاب الإلكتروني يغني عن الكتاب الورقي في اكتساب المعلومات¿
٭ هل تجد العلاقة الحميمة أوثق عند تصفحك للكتاب الورقي أم الكتاب الإلكتروني¿
٭ ما هي مميزات الكتاب الورقي عن الكتاب الإلكتروني¿
٭ ما هي مميزات الكتاب الإلكتروني عن الكتاب الورقي¿
وبقراءة نتائج الاستبيان والتمعن فيها استطعنا أن نخرج بأبرز الفوارق بين «الكتاب الإلكتروني» و«الكتاب الورقي» ومميزات وسلبيات كل منهما- في نظر القراء-

قد يعجبك ايضا