«ضياع التراث بين الآراء المتباينة والإهمال الممنهج »

خالد يحيى السوسوة

 - في حي الحوطة بمدينة ذمار يقع الجامع الكبير الذي أسس بناءه المعماري الصحابي الجليل دحية الكلبي ثم بعدها بفترة تم توسيعه وتلتها توسعة أخرى شكلت الثلاث المراحل البناء المتكا
خالد يحيى السوسوة –
في حي الحوطة بمدينة ذمار يقع الجامع الكبير الذي أسس بناءه المعماري الصحابي الجليل دحية الكلبي ثم بعدها بفترة تم توسيعه وتلتها توسعة أخرى شكلت الثلاث المراحل البناء المتكامل للجامع الكبير الذي عرف به إلى ثمانينات القرن الماضي فكان لوحة تراثية فائقة الجمال ولا أبالغ كوني من أبناء المدينة وما يؤكد كلامي سجلات مكتب السياحة والآثار وعدد السواح الوافدين في الثمانينيات لزيارة هذا المعلم التاريخي الفريد في حينه وللأسف فإن النكسة الأخيرة التي أصابت البناء التراثي للجامع الكبير نتيجة لتباين الآراء بين قائل بالتجديد الكامل للبناء دون مراعاة لتاريخه الذي يعود إلى القرن الأول الهجري . وما ترتب على ذلك من خروج الجامع من موقعه الأثري في جغرافيا المعمل السياحي باليمن عموما وبالتالي حرمان المحافظة من معلم تاريخي تنافس به في ميادين السياحة وما يترتب عليها من رفع المستوى الاقتصادي لأبناء المحافظة .
وآخر يرى بأن يتم ترميم الجامع وتجديد ما يتطلب التجديد مع مراعاة أصالة وتاريخ وتراث الجامع ولكن تمكن أصحاب الرأي الأول من فرض رأيهم معتقدين بأن هذا هو الصواب وفي غياب التوعية بأهمية التراث يسود مثل هذا الرأي لذلك فإن وزارة السياحة والهيئة العامة لحماية الآثار معنيتان ومسئولتان أن تواجها مثل هذه الآراء السلبية وأن تعملا على مراقبة كل الأعمال المتعلقة بترميم أو بتجديد المساجد الأثرية ولا يجب أن تكتفيا بتوجيه الرسائل إلى الجهات المنفذة للتجديد أو الترميم بضرورة الحفاظ على التراث ووضع بعض الإشارات على أبواب المساجد أو على جدرانها وأن كانت هذه خطوات نؤيدها ولكن المفترض المراقبة والمتابعة فقد تبتكر أساليب جديدة لضياع التراث وما الإهمال الممنهج إلا أحد هذه الأساليب .
الذي شدني إلى الكتابة عن تراث مدينة ذمار هو الإهمال الممنهج الذي يتعرض له تراث المدينة في صمت مطبق من أبناءها خاصة الشريحة الواعية التي يعول عليها الحفاظ على التراث وإفشال منهجية الإهمال من أي جهة كانت يكفي الجامع الكبير ومبنى الحكومة القديمة والسجن القديم التي تم ازالتها نهائيا .
واليوم علينا الحفاظ على ما تبقى وفهم الطرق المثلى للحفاظ عليها فقد يكون من ضمن منهجية إهمال التراث إظهاره بصورة غير لائقة من حيث النظافة وهذا ما نشاهده في أغلب المباني الإسلامية التراثية أعني المساجد التراثية وعلى رأسها المدرسة الشمسية إحدى قلاع العلم باليمن عامة والذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع الهجري تقريبا فالزائر للمدرسة الشمسية سيلحظ ما هي عليه من إهمال أولا من ناحية النظافة تجد الباب الجنوبي للمدرسة مركزا لتجميع القمامة والباب الشمالي للمخلفات الآدمية والباب الشرقي لبيع القات والباب الغربي للخضروات وأعلاف المواشي الجملة أن جميع الأبواب تنبعث منها الروائح الكريهة التي لا تليق بمركز عبادة في الدرجة الأولى وصرح علمي شامخ له حضوره الإ قليمي والعربي سابقا بتخريج العلماء والأدباء والمفكرين وما جارالله عمر والبردوني وغيرهما إلا أنموذجا .
أما من حيث البناء فإن الملاحظات كثيرة أدعو الإخوة من أبناء المحافظة خاصة من لديهم تخصصات في فن العمارة والحفاظ على التراث أن يزوروا المدرسة الشمسية ويدونوا ملاحظاتهم ويتم الرفع بها إلى جهة الاختصاص لوضع مباني المدرسة الشمسية عموما ( المقصورة والمصافي القديمة والمنازل الخاصة بالمهاجرين والمفاسح التي تعرف بالصروح الداخلية والخارجية والمجازع المتفرعة والمآذن التي تم طلاؤها عشوائيا ) في الوضع الذي تستحقه من الاهتمام ومعاملتها كالجامع الكبير في صنعاء والعامرية في رداع من حيث الحفاظ على معالمها التاريخية المميزة لها بما في ذلك النقوش والخطوط والزخارف القديمة التي على الجدران والأبواب والنوافذ والخزائن حيث يتم طلاؤها بشكل عشوائي وفي الغالب استبدالها بأشياء لا تحمل أي معنى تاريخي كما هي عليه المستبدلة منها .
نأمل أن يقوم مكتب السياحة والآثار بالتنسيق مع مكتب الأوقاف بالمحافظة بالدور المؤمل منها للحفاظ على ما تبقى من جمال هذه المساجد الأثرية وهي كثيرة وتستحق الاهتمام وفي الاولوية نظافة الساحات المحيطة بها وكبح جماح من يريدون ضرب النسيج الاجتماعي المتماسك ليمن الأصالة والتراث .من خلال استهداف تراثه وعمقه التاريخي .

قد يعجبك ايضا