الضوابط المعيارية للحوارات الموضوعية

دغيلان الشرجبي

 - 

كثيرا ما نستند إلى النماذج القرآنية لإثبات المشروعية المطلقة لأهمية التحاور وإلا لما نزلت سورة (المجادلة) ولما حاور الخالق سبحانه وتعالى إبليس  كما حاور ملائكته الكرام ...ألخ)
د/غيلان الشرجبي –

كثيرا ما نستند إلى النماذج القرآنية لإثبات المشروعية المطلقة لأهمية التحاور وإلا لما نزلت سورة (المجادلة) ولما حاور الخالق سبحانه وتعالى إبليس كما حاور ملائكته الكرام …ألخ) لكننا نغفل أن التحاور وسيلة وليس غاية وأنه يهدف للتوصل إلى توافقات تجعل للجهد الذهني جدوى مالم فإن منطق (أيهما خلق قبل البيضة أم الدجاجة) سيفرض نفسه ليدور المتحاورون في حلقات مفرغة شأن الفلسفة السفسطائية التي أثارت مسألة خلافية غير قابلة للحسم منذ انشغل البيزنطيون بجدلية البيضة والدجاجة تلك – وستظل كذلك.
أقول هذا لأن تجارب سابقة من الحوارات مازالت عالقة في الأذهان وكيف أن القادة عندما يختلفون أو يتفقون فيما بينهم يضربون بنتائج الحوار عرض الحائط لنشهد سلسلة من الحروب والمواجهات الدامية عقب كل حوار كتلك التي حدثت بين شطري الوطن قبل الوحدة أو كهذه التي تمخضت عنها اتفاقية إعلان الوحدة ورغم الفرق بين الحالتين إلا أن حرب 4991م بتداعياتها هي خلاصة لاحتكار فرد أو أفراد لتحديد مصير شعب وغياب الضوابط الموضوعية لوحدة الإدارة الجامعة وحق إصدار القرارات الجماعية .. وهنا علينا أن نفرق بين المنجز الوحدوي الذي هو ملك شعب وحق تاريخي التوحد فيه وجودا والتشطير عدميا وبين مشروعية الخلاف في نطاق الأسرة اليمنية الواحدة ومن واقع المسار التاريخي لمصير الوحدوي التالي:
1- فترة استقرار وازدهار حضاري في ظل دولة مركزية كلما اتسعت مساحتها الجغرافية ارتفعت مكانتها الحضارية.
2- انهيار هذه الحقب التاريخية المزدهرة يؤدي إلى التشرذم والتخلف عموما فتتفتت الدولة إلى مشيخات متناحرة قد يتصارع فيها على السلطة أكثر من حاكم ليصل عدد المملكات أو الدويلات إلى ثلاث أو أكثر لمساحة قد لا تتعدى حدودها حجم المحافظة الواحدة كشاهد حال على أن أوهام التشطير قد عجز حتى الاستعمار عن فرضها فلامجال لاعتساف الثوابت بذريعة الممارسات الخاطئة التي شوهت القيم الوحدوية بفعل إخفاقات إدارة الدولة لتلبية طموحات الجماهير اليمنية التي احتشدت في خندق الوحدة لإسقاط المشروع الانفصالي ومالم نستوعب التمييز بين نقاط الاتفاق وملابسات الإخفاق سيفقد الحوار موضوعيته إذ أن التعامل مع الانتصار للإرادة الوحدوية وكأنه تصفية خصومات قد ضاعف من هيمنة (تجار الحروب) على زمام الأمور فارتفعت لديهم شهوة التملك ليسود منطق القوة بدلا من سيادة قوة المنطق وصار قانون الغاب مرجعية تنتفي معها تشريعات الأرض والسماء وحتى لا نضطر لنبش الماضي وتعميق الخلاف حري بنا الاستفادة من إجابة أحد الدبلوماسيين الغربيين عن: لماذا العرب يخرجون من كل بادرة للتحاور وقد تضاعفت خلافاتهم وبعكس ما يحدث لديكم¿.
فقال: لأننا نبحث في القضايا التوافقية أو تلك القابلة للاتفاق ونؤجل ما يثير الشقاق للخروج بتصور عقلاني: لماذا حدثت وكيف نعالجها حتى لا تتكرر . إلا أن ضرورة إزالة التراكمات التي أفرزت سوء التفاهم لدى الإخوة في المحافظات الجنوبية بحيث نقطع دابر التعبئة الخاطئة التي توحي بأن هناك مهزوما وآخر منتصرا وأن أحداث 4991م أفضت إلى تقسيم الوطن إلى غالب ومغلوب ظالم ومظلوم فلا بد من التأكيد أننا جميعا – شمالا وجنوبا – شرقا وغربا – قد عشنا نفس ظروف الإقصاء والاستحواذ ولم يعد خافيا على أحد كيف تم نهب الأراضي في (الحديدة تعز وأمانة العاصمة حجة وغيرها) وكيف امتدت الأذرع الأخطبوطية لوضع اليد حتى على الجبال والسهول بما فيها سهول تهامة¿¿ وأنه مثلما فرض التقاعد الإجباري والإحالة على المعاش جنوبا فقد تم إلغاء وحدات عسكرية شمالا وفي طليعتها إبعاد (المظلات والصاعقة) إلى ما يشبه معسكر اعتقال أو مصحة يحتجز فيها المصابون بالعدوى الوقائية هناك في رمال مارب ضف إلى ذلك تغييب المعايير الوظيفية /المهنية لصالح (الأعراف البديلة).
ولأن كافة هؤلاء الشرفاء المتشاكسون) قد بصموا على ما حدث فإن الإشارة إلى تلك المفارقات تهدف فيما تهدف إلى أن اليمن سفينة الجميع وبقدر ما نعيد النظر في الاختلالات التي تتعرض لها نستطيع الحيلولة دون الطوفان الذي كاد يعصف بها وبنا معها وذلك باستشعار المتحاورين للمسؤولية الوطنية التي نتطلع جميعا لتجسيدها برؤية موضوعية تعمد لتشخيص ما كان والخروج بتصور عقلاني لما يجب أن يكون عليه اليمن – أرضا وإنسانا – حاضرا ومستقبلا فمثلا لا يكفي لوم المتذمرين مادامت الأسباب واقعية فبقدر ما ينبغي أن نقضي على بؤر التذمر لا يكفي اتهام الحوثيين بالخروج على نظام انتصر ف

قد يعجبك ايضا