صرخة جديدة حول الملف الاقتصادي في الحوار الوطني

د. يحيى بن يحيى المتوكل

 - ونحن في هذه الأسابيع الأخيرة نقترب شيئا فشيئا من التئام مؤتمر الحوار الوطني تستمر الأطراف السياسية الرئيسية في إظهار مواهبها وممارساتها التي تطبعت عليها وأجادتها منذ عقود وما زالت تتمسك بها والمتمثلة في وضع العراقيل واختلاق الأزمات وافتعال خلافات مكشوفة بهدف كسب نقطة هنا أو إحداث شرخ هناك فيما الوطن
د. يحيى بن يحيى المتوكل –
ونحن في هذه الأسابيع الأخيرة نقترب شيئا فشيئا من التئام مؤتمر الحوار الوطني تستمر الأطراف السياسية الرئيسية في إظهار مواهبها وممارساتها التي تطبعت عليها وأجادتها منذ عقود وما زالت تتمسك بها والمتمثلة في وضع العراقيل واختلاق الأزمات وافتعال خلافات مكشوفة بهدف كسب نقطة هنا أو إحداث شرخ هناك فيما الوطن والشعب آخر من تأبه به أو تلتفت إليه تلك الأطراف بخلاف ما تصرح به أحزابها أو تتغنى به وسائل إعلامها التي شبعت كذبا واحترقت نفاقا. وأتساءل إلى أي مدى وإلى متى يمكن أن تنطلي هذه السلوكيات والتصريحات على الشعب المسكين بما في ذلك الفئة المتعلمة التي يستغرب البعض إفراطها في الثقة بمن أوصل البلاد إلى ما هي عليه من هشاشة الكيان وغياب الدولة والأمن والاستقرار وتراجع الأوضاع الاقتصادية وتبديد الموارد وانتشار الفساد …الخ. وإذا كان أغلب الناس يتطلعون بقدر من الأمل إلى مؤتمر الحوار الوطني كفرصة ذهبية قد لا تتكرر لمعالجة أخطاء الماضي ووضع أسس دولة النظام والقانون التي تحقق كرامة الإنسان وتضمن المواطنة المتساوية فإننا في الوقت نفسه ننبه إلى ضرورة إغلاق الثغرات في آليات الحوار وقضاياه وكذلك توجيه الحوار قدر الإمكان للخروج بنتائج وتوافقات ترقى إلى حجم ومستوى تطلعات الشعب بمستقبل تسوده حياة ديمقراطية حقيقية ومعيشة اقتصادية كريمة.
وإذا كان شكل الدولة ونظام الحكم سيجيب عن الجزء الأول الخاص بتحقيق الحياة الديمقراطية الحقيقية فإن التنمية الاقتصادية وحدها كما وردت في القضايا المقترحة على طاولة الحوار لن تكون قادرة على الإجابة بشكل كامل عن متطلبات النظام الاقتصادي والسياسات اللازمة لتوفير معيشة كريمة لكل المواطنين. فلا يمكن أن نعامل ونعادل التنمية الاقتصادية بالتنمية الصحية أو بالتنمية التعليمية أو غيرهما على أهمية كل منها كما لا يجوز أن نعتبر الاقتصاد قطاعا شأنه شأن سائر قطاعات التنمية فهو الأصل الذي تتفرع عنه بقية القطاعات. فمشكلة اليمن كما عبرت عنها العديد من الدراسات والبحوث تتمثل في انحراف النظام السياسي وفشل النظام الاقتصادي مما يستدعي أن نبدأ بالنظر إلى ذلك النظام الاقتصادي والبحث في أسباب فشله واقتراح نظام بديل يؤسس على المبادئ والمرتكزات التي ننادي بها من جهة ويتعايش مع الأنظمة الاقتصادية السائدة من جهة ثانية وثالثا يكون قادرا على تحقيق الأهداف العامة ولو خلال فترة زمنية متوسطة أو طويلة. وبالتالي فإن الحوار الاقتصادي يجب أن يبدأ من أعلى الهرم ليتناول أولا وقبل كل شيء فلسفة أو منهج الاقتصاد والبحث في استمرار اقتصاد السوق الحر أو الحاجة لاستبداله بمنهج آخر آخذا في الاعتبار تجارب الدول المختلفة من ناحية وكل من الظروف الاقتصادية والاجتماعية والموارد الطبيعية لليمن واحتياجات السكان من ناحية أخرى وهي مسألة -كما أعتقد – لم تكن واضحة بهذا القدر لتحضيرية الحوار أو أنها تركتها لظروف وتوجهات المتحاورين الذين قد يدركون هذا البعد أو لا يدركونه في خضم تجاذبات سياسية وأولويات تستمر في تهميش الملف الاقتصادي والذي يبدو دائما كالابن اليتيم. ولا شك أن القرار أو التوافق الذي سيتم الوصول إليه حول هذا الشأن سيترتب عليه نتائج على قضايا الحوار الأخرى وخاصة مسألة العدالة الاجتماعية وأولويات الإنفاق العام.
وأشير هنا إلى فلسفة أو منهج اقتصاد السوق الاجتماعي والذي يطبق بصيغ مختلفة في عدد من دول العالم ويتطور فيها باستمرار وفق المتغيرات المحلية لكل اقتصاد وفي ضوء المستجدات على الساحة الدولية. وقد أثبت هذا المنهج من خلال تلك الدول التي تبنته قدرته على تحمل الصدمات الخارجية والتعامل مع المؤثرات الداخلية وأكبر دليل عملي على ذلك تأثيرات الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وما تلاها من أزمة اقتصادية عالمية على اقتصادياتها. وإذا كانت دعوتي لإعادة النظر في فلسفة الاقتصاد اليمني قد تكررت وفي مناسبات عديدة بغرض الحث على الاستفادة من الحوار القادم واقتناص فرصة المؤتمر الذي يجتمع فيه الفاعلون والنخبة من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني وكذلك ممثلون عن فئات المجتمع المختلفة من شباب ونساء فإن الاستجابة لهذه الدعوة تقع بدرجة أساسية على حكومة الوفاق والأحزاب السياسية والقطاع الخاص ثم على جميع الفاعلين من منظمات المجتمع المدني والأكاديميين وغيرهم. ورغم أن رئيس الجمهورية يذكر بين حين وآخر أن الجانب الاقتصادي هو السبب الرئ

قد يعجبك ايضا