اخـتـرت طـريـق الـحـب لـمـواجـهـة الـكـراهـيـة

أجرى الحوار طاهر علوان


أجرى الحوار / طاهر علوان –
حاولت في روايتي التأكيد على القيم النبيلة بين البشر

العمل الإبداعي ميزته هي تلك النظرة المتفاوته من شخص إلى آخر

الأستاذ الأديب المبدع الطيب صالح . أديب له مكانته المرموقة في عالم الأدب وبرغم أنه لم يكتب طيلة الثلاثين عاما سوى خمس روايات ” موسم الهجرة إلى الشمال عرس الزين ضوء البيت بندر شاه مريود ” ومجموعة قصصية واحدة هي ” دوامة واد حامد ”
إلا أن الطيب صالح استطاع بأعماله الأدبية تلك أن يحتل موقعا مرموقا على الخارطة الروائية العربية بل والعالمية كذلك .
التقيت به للمرة الأولى بعد أن قرأت له وعنه الكثير والكثير .. يضيف إليك في لقائك الشخصي معه ـ المزيد من مشاعر الإعجاب بتكامل الروائي الكبير والإنسان المتواضع في شخصه واعتزازه الكبير بتراثه وأدبه العربيين اللذين عبر عنهما بقوله :
” كلما ازددت تعمقا في دراسة الأدب العربي كلما ازددت احتراما لأدبنا العربي ”
ولا شك بأن الأدب العربي الحديث سيفخر بأن يكون الطيب صالح أحد أعلامه وصانعي مجده وحضوره وانتشاره عربيا وعالميا .

في روايتك ” عرس الزين ” تطرح قضية إنسانية قضية استيعاب العالم عن طريق المحبة .. هل هناك استمرارية لهذه الفكرة في أعمال لاحقة ¿
– أولا التعبير عن هذه الفكرة ليس بجديد وكون وجود إنسان يشعر بالمحبة ويتمنى أن يبادله الناس هذا الشعور ويعمل من أجل أن يحل مشاكله بطريقة ودية ليست بفكرة جديدة ولأن العالم فيه كما تعلم طاقة الحب وطاقة التصلب والكراهية أنا اخترت طريق الحب وبواسطته يستطيع الإنسان تجاوز مشاكل عدة ويستطيع أيضا أن ينقل الحب إلى الآخرين بتجرده من الأنانية وحب الذات المفرط والصراع الموجود في الرواية ( عرس الزين ) هو صراع بين مجموعة من البشر ينظرون إلى العالم من منطلق الود والمحبة ومجموعة أخرى ينظرون إلى العالم على أنه مادة للاستغلال والسيطرة والتحكم بالبشر وهذا لا يؤدي في الأخير إلا إلى نتيجة واحدة هي الكراهية والبغضاء بين البشر .
وأنا لا أزعم أني قدمت شيئا جديدا وإنما صغت تلك البديهيات بقالب روائي وحاولت مجرد التأكيد على تلك القيمة النبيلة بين البشر وأصر على تأكيد تلك القيمة وهي قيمة موجودة في ديننا وموجودة في تراثنا وموجودة في تاريخنا .
هل يمكن القول بأن هذا هي رؤيتك إلى العالم وبأن الأستاذ المبدع الطيب صالح يستوعب العالم عن طريق المحبة ¿
– والله يا أخي – يا ليتني استطيع أن أزعم هذا الزعم لنفسي لكنني أحاول ذلك واعتبر ذلك شيئا كبيرا طبعا – وأنا لعل حتى في نفسي وفي سلوكياتي لم أرق إلى هذا المستوى ولكني أحاول .
في إنتاجك الروائي توجد شخصيتان متناقضتان متباينتان جدا ـ شخصية مصطفى سعيد وشخصية الزين ـ في حين أعطيت شخصية مصطفى سعيد العقل الكبير المنظم وسلبته العاطفة وأعطيت الزين الذكاء الفطري بمعناه الكوني المحبة التي تتسع لكل المتناقضات عالم ينتمي إلى شخصية مصطفى سعيد وعالم ينتمي إلى الزين .. أي الشخصيتين أحب إليك ¿ وكيف تنظر إلى هاتين الشخصيتين¿
– أولا ملاحظتك هذه تدل على استيعاب جيد للعمل الروائي .. وأشكرك من الأعماق صحيح أنا جردت الزين من الذكاء ولكن ليس من الذكاء الفطري أي الذكاء الروحي ـ الروح أيضا لها ذكاء والزين ينظر إلى الدنيا بعفوية مطلقة وتلقائية ومحبة ومحبة إيجابية ويدخل في صراعات مع المجتمع ومشاكل مع الناس لكنها مشاكل في إطار هذا الحب الواسع لأنه ليس لديه رغبة في فرض وجوده على المجتمع هو موجود هكذا عالم قائم بذاته نستطيع أن نقول إلى حد ما بأنه روح المجتمع الروح الشفافة التي تدور في كل الاتجاهات ويدور حولها المجتمع ووضحت ذلك في المنظر الأخير في الرواية .. رواية ” عرس الزين ” تجد ” الزين ” مثل السارية سارية المركب يربط الجميع حوله المجتمع بكل تناقضاته ومشاكله وهو الوحيد الذي يجمعهم حوله . يمكن أني حاولت بذلك أن أرمز به إلى الجانب غير المادي في الحياة لأن الزين ليس لديه تلك الرغبة رغبة التملك والسيطرة . . عالمنا الآن أصبح عبارة عن رغبة في التملك حتى الحب واحد (بيحب) (عايز يملك) (الزين) حتى الحب لم يكن يريده من أجل التملك هو يحب كذا ـ لوجه الله ـ .
لذلك كانت طاقة الحب هذه تسري منه إلى ناس آخرين حين يهتم بفتاة معينة يبدأ الآخرون يلتفتون إليها برغم أنها كانت من قبل موجودة ولم تثر انتباههم إلا أن الزين استطاع بطاقة الحب تلك إلى تحويل نساء غير جميلات إلى جميلات ومرغوبات أيضا لمجرد توجيهه طاقة الحب والتغزل باسمها وطاقة الحب هذه هي التي صهرت المجتمع بكل تناقضاته وجعلته يلتف حول الزين ولعلي أردت أيضا أن أشير إلى أن هذا هو السودان أو ما

قد يعجبك ايضا