عامر التهامي .. مات ولم يشعر القانون!¿

أمين الوائلي


أمين الوائلي –
لأكثر من عشرين عاما و(عامر) يقوم على نظافة واحد من الشوارع والأحياء في العاصمة صنعاء عمل في البداية عامل نظافة ثم صار مشرفا على عدد من زملائه العمال في الحي المذكور عرفه السكان وأصحاب المحال وألفته الأرصفة والأزمنة وتعلقت به شجيرات يتيمة ساعدها عامر على البقاء ومقاومة التمدن الصحراوي المعادي للخضرة وللأكسجين.
بعد أكثر من عشرين عاما قضاها تحت أشعة الشمس وعلى قارعة الأسفلت يذود عن صحة البيئة والسكان ويتحمل ما استطاع الشارع والحي الراقي أقعده المرض وعاد به داء الكبد البائي إلى قريته النائية المتاخمة لساحل وسهل تهامة حيث يأوي المنسيون إلى ربهم وحيث الوجع الأسمر يقابل البحر الأحمر وينادم كل صاحبه بصمت صاخب تعزفه الريح لحنا سواحليا يبعث الصبابة والحزن في قلوب الكائنات الجبلية المشرفة على السهل من عزلتها العالية.
ظل عامر طريح الفراش المتواضع من سعف النخيل أشهرا طويلة ورفاقه السمر ظلوا أشهرا يراجعون لدى إدارات مختلفة في العاصمة صنعاء لاستخراج (بدل علاج) أو مساعدة مالية لعامل النظافة الشهير حتى يتمكن من دخول المستشفى طلبا للعافية النازفة ودفع تكاليف ومصاريف المعاينة والفحوصات وشراء الدواء الباهظ الثمن ولم يصلوا إلى شيء.
الداء الخبيث تمكن من الجسد الناحل وأنهى على الجهاز المناعي المتهالك وفتك بعامر التهامي الذي غادر دنيا الناس قاصدا ربه ومقبلا بكليته على وجهه الكريم.
الرفاق السمر صاروا يطالبون بمساعدة مالية بسيطة لأسرة عامر (المرحوم) أحد المدراء قال لهم: (تعلموا احترام القانون وهاتوا شهادة الوفاة لإثبات الحالة)!!
نعم .. نعم (القانون) فوق الجميع ونحن ولله الحمد أمة تمتثل رأي وسلطة وسيادة القانون قانون الغاب على الأرجح.. القانون الذي لم يكفل لعامل نظافة فاتورة دواء وخذل عامر في عثرته ومرضه كيف يموت صاحبكم أيها السواحليون السمر قبل أن يحرر شهادة وفاته لدى البحر¿!!
إنه القانون يا عامر فماذا أنت صانع الآن وقد أفضيت إلى ربك ولم تورث للصبية الجوعى وأمهم الطاوية شهادة وفاة¿!!
ليس ثمة قانون يحمي الشرفاء المهمشين في مدة حياتهم فإذا ماتوا كان عليهم أن يموتوا وفقا لأحكام القانون الذي يحمي الموتى من أنفسهم!.