هدأة في الليل وعبق في النهار
محفوظ عبدالله حزام

محفوظ عبدالله حزام –
لقد كنت محقا عندما أسميت معرضي الذي أقيم على أراضي العاصمة التركية «أنقرة» الإنسان واشتعالات الروح نبض للخلاص ..وكأن التسمية كانت مجرد نبوءات وشغف للحظة استفسار متى يستيقظ الإنسان من سباته الأرعن ليستفيق على يلمس بعض الجوانب الحضارية لجيله الأول ويعلم أن هناك كانت فتوحات بغية الكشف عن طبيعتها ومكانتها التاريخية وما القيم الثقافية التي كانت تدفع الإنسان الأول لتحقيق النور والفعل الإيجابي دائما تعددت آرائي وأنا أحلق لأول مرة لدولة إن قلت أنها أوروبية فهي كذلك وإن قلت أنها شرقية فهي كذلك الأمر سيان.
اجتهدت وأنا أسجل كل أرائي في ذهني عند كل لحظة خاصة وأنا أسافر هذه المرة في معرض خاص بي لا يشاركني فيه أحد يعني لم يكن هناك بجانبي إنسان يشتعل ثرثرة ويزعجك بصخبه المستمر أتحفني القدر في رحلتي أن كنت وحيدا حتى أتامل أكثر دون تعب في الإطراءات غير الصائبة كل مرة أكون طبيبا لمن حولي متناسيا ذاتي بخلاف هذه المرة.
خمس ساعات في الجو نقضيها في الرحلة الأولى من صنعاء إلى إسطنبول أعتقد كافيه ان تسجل عوامل البقاء والاستمرارية فماذا لو كانت هناك أيضا رحلة داخلية تمكث قرابة الساعة أيضا في الجو ما بين إسطنبول وأنقرة ويمنحني القدر أربعين دقيقة أيضا منحة إضافية أستميت فيها هدوءا مختلفا وأنا على الأرض ¿ لأن من استقبلني بالسيارة لا يتحدث إلا التركية اكتفينا بالسلام الإنساني الجميل وغرقت في التأمل في الذات والمحيط من جديد ومن هنا تبدأ الحكاية أعتقد هذه السويعات وأنت تتماهي مع الهدوء في أفق السموات والأرض جديرة أن تخرج كل الغبار الذي امتلأ به الجوف من قسوة الإنسان لأخيه الإنسان لا أريد أن أتحدث عن تفاصيل الرحلة بقدر ما أريد أن أقول: إن السفرين مكان إلى مكان إذا لم يكن لأجل قراءات الذات والمحيط بشكل علمي وروحي وفلسفي فليس له أي فائدة تذكر سوى الصخب واللطم والولدنة ولو بعد حين والقراءة بذلك الشكل جدا مهمة حتى تتخلص من سموم عودام البشر وما أكثرها من هنا جاءت الرواية ومن هنا يجب التأمل فيما أقول:
رجاء من يقرأ لهذه السطور أن لا يسمع لأحد إلا إن تأكد أنه حق فهناك أصوات غير صائبة أرجو عدم السماع لها حتى لا تضطرون للقسوة مرات ومرات فالعنف لا يكشف إلا على أن هناك دمارا محققا لن يزول بسهولة بخلاف المحبة ومهما تعددت الآراء حول فوائد السفر سيظل من أهم فوائده هي هل حقق السلام الداخلي أم لا وماذا بعد¿
صباح جديد آخر
في الصباح تستقبلك الشمس لتأخذك إلى متحف أنقره للصور والمنحوتات وهناك تبدأ حكاية أخرى من الانتصارات الروحية يستقبلك جموع من الأناس الكل يتفانى ليذهلك برقته ورقيه وعلى الرغم من أن اللغة مختلفة تماما إلا أن النبض الصادق وحسب هو الفيصل أجمل ما في أولئك الأناس هو إيمانهم العميق بك وبكل شيء سيضيف للخلود شيئا مثل ذلك الحرص هو ما يسمو بالفرد نحو الهدف الإنساني الذي يشعل فتيل رغبة العمار والبناء والإنتاج في محبة الآخر إن صياغة مفردات الإنسان التركي ليست صعبة ولكنها في نفس الوقت ليست سهلة إلا أن ما يمكن الإجماع عليه هو أن صدره مفتوح للجميع ومحب للآخر خاصة الإنسان اليمني وسيبقى الإنسان التركي حكاية رائعة فالود الذي وجدته كان جديرا أن يجعلني أصبغ ثمة قصائد وألحنها على أمل أن أغنيها بصوتي يوما ما.
جلسة تأمل
وأنت مسترخ على سرير غرفتك الخرافي ترى جوانب أنقرة بمنتزهاتها الشاسعة والمنظمة وقلعتها الشاهقة وحدائقها الواسعة والساحرة وعماراتها المرتفعة جدا تناديك فلا تجد بديلا سوى أن تترك سريرك لتحلق إلى كل تلك الأمكنة لكن الحقيقة أن الوقت ينتهي وأنت مازلت لم تر شيء لأن كل شيء يستحق أن تراه يستحق أن تقرأه وتنظر إليه وتتأمل فيه بذكاء كل شيئا في أنقرة وما لم أذكره حكاية مفتوحة لا أحد يستطيع الإحاطة بها وإن اجتهد كثيرا.
نبض أنقره
سبعة ملايين يقطنون أنقرة لكنك لا تسمع صخبا تراهم يمضون كالسيل الجارف خاصة في أحياء مراكز التسوق مثل «كيزلاي» أو الشوارع العامة والحدائق لكنك لا تشعر إلا بأريج الورد .. هادءون لا يجيدون الازعاج حتى وأنت تستقيل الباصات العامة أ غيرها لا تشعر بوجودهم رغم أمتلاء الباص بهم .. هم هكذا يملأونك باللطف والسكينة والهدأة وأنت تجاورهم ما أسرع ما يقع بصرهم عليك وما أكثر من يقع بصره عليك ليس إلا ليمنحوك تحية باسمة ناعمة صادقة قد تتجاوز إلى الفعل الإنساني الأخاذ.
الزي اليمني
قررت أن أرتدي يوم الافتتاح الزي اليمني مع الجنبية طبعا والشال حتى أكون لوحة أخرى لكنها متحركة لتحكي عن حضارة بلد عريق هي (اليمن) فانبهروا به وما إن يراك الزائر لا تجده إلا يقول: وآو .. ويطلق عبارات «شوك قوزل» بمعنى جميل جدا وا