رعاية منزلية وغذاء صحي

أ.د عبد الجليل درهم سعيد


أ.د/ عبد الجليل درهم سعيد –
أحوج ما يكون إليه الإنسان في كبره وشيخوخته العيش في كنف أسرة أو بين أفراد يحفونه بالرعاية والتوقير رعاية تبعث على نفسه طمأنينة بأنه لا يزال محط اهتمامö ومحبةö ذويه والآخرين في محيطه الأسري والاجتماعي وتوقير يضفي لمسات حانية تهون عليه عناء الكبر والوهن.
وصيام رمضان بما يحمله من قيم عظيمة ترقى بها النفس وتأنس لها روح المقبلين على خالقهم المبتغين رحمته ونيل عفوه ومرضاته هو- برأي الأطباء- مفيد للمسنين ما لم يعقهم عنه عجزا موهنا أو مرضا أو علة..
نفسح المجال للأستاذ الدكتور/عبد الجليل درهم سعيد- أستاذ علوم الغذاء بكلية الزراعة- جامعة صنعاء وما تطرق إليه من تفاصيل حول صيام المسنين وما يتطلبوه من غذاء صحي ورعاية ونصح يعينهم على أداء هذه الفريضة العظيمة حيث يقول:
لفظ «مسöن» ينعت به كل من تجاوز الستين من سنين عمره وهي مرحلة في حياة الإنسان يصاحبها- غالبا- تغيرات(فسيولوجية) بخلاف من لم يصلوا بعد إلى هذا السن.
قال تعالى: «ومنú نعمöرúه ننكöسúه فöي الúخلúقö أفلا يعúقöلون» سورة يـس- الآية(68).
وتتباين هذه التغيرات من مسن إلى آخر تبعا لكبر السن والحالة الصحية والبدنية فمع تقدم العمر والشيخوخة تضعف العظام نتيجة نقص مكوناتها من أملاح وغيرها وتتقلص كتلة العضلات بالجسم بصورة عامة ويظهر- أيضا – تدهور في عدد الخلايا العصبية يعمل على التقليل من فاعلية دورها الوظيفي.
كذلك حدوث قصور في وظائف عضلات القلب أمر ورد بالفعل وقد يصاحبه تضيق في الشرايين.
وليس غريبا أن يفقد معظم المسنين أسنانهم أو جزء منها في حين يعتريهم تراجع في حدة المذاق والشهية. ناهيك عن إمكانية حدوث كسل في حركة الأمعاء وتدني في الإفرازات الهضمية.
وبطبيعة الحال تطال تغيرات الشيخوخة الجهاز البولي فيقل معها عدد وحدات الترشيح بالكلية مما يؤدي إلى حدوث قصور في وظائف الكلية.
وليست الغدد الصم بمعزل عن التغيرات بفعل كبر السن حيث يتدنى إفرازها للهرمونات وينخفض دورها في توليد الطاقة اللازمة للجسم. كما يشيع بين أوساط المسنين أمراض تصلب الشرايين وفرط ضغط الدم والسكري وغيرها من أمراض العصر.
وسواء حدثت هذه التغيرات مجتمعة عند المسن أو ظهر البعض منها فإنها – حتما- تستدعي وجوب أن يحضا المسن بنمط غذائي يلاءم حالته الصحية وظروفه المعيشية.
وعلى ذكر الصيام وشروطه وفوائده فإن المسنين مكلفون بما أمر الله به من أحكام من ضمنها الصيام لكن حكمه يختلف تبعا لقدرتهم الجسدية والعقلية فالشريعة الإسلامية السمحاء تجيز إفطار من لا قدرة له على الصيام لكبر سنه ووهنه لقول الحق سبحانه:»وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين» بينما المسن القادر على الصيام وأعاقه مرضا عرضا فله أن يفطر ثم يقضي ما أفطر في رمضان من أيام بعد انقضاء الشهر الكريم لدى شفائه من مرضه قال تعالى:» ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون» سورة البقرة- الآية (185).
وبالمقابل لا ضير يترتب على تأدية فريضة الصيام لمن توافرت لديه الاستطاعة والقدرة على أدائها من كبار السن وهذا نستشفه في قول الحق جل ثناؤه : «وأنú تصوموا خيúر لكمú إöنú كنúتمú تعúلمون» سورة البقرة- الآية(184).
والعلم- بدوره- خلص إلى الكثير من منافع الصيام العائدة على المسنين القادرين عليه كاشفا خفايا عظيمة أكدت أهميته ونفعه للمسن فكان لدراسات وأبحاث علمية أن تناولت تأثير الصيام على الإنسان وخلصت فيما يتعلق بالمسنين إلى نتائج مثيرة أبرزها:-
– ثبت أن للصيام دور لا ينكر في مقاومة الشيخوخة إذ تبين أنه يساعد في تنشيط الجينات المسؤولة عن إفراز هرمونات تعمل في تعزيز وظيفة خلايا محددة من شأنها مواجهة زحف الشيخوخة على الإنسان وللصيام ردة فعل تجعل الخلايا تقاوم الموت وتعيش فترة أطول مما يساعد في مقاومة الشيخوخة.
– إسهام الصيام في تنشيط عمليات الكبد الحيوية داعما دور الكبد في التخلص من الدهون الزائدة عن حاجة الجسم بطريقة آمنة دون تجمع (الأجسام الكيتونية) في الدم.
– مساعدة الصيام في علاج الكثير من اعتلالات البدن كالأمراض المزمنة مثل الربو والسعال التحسسي والتهاب القصبات المزمن وبعض أمراض القلب والروماتيزم والتهاب المفاصل والتهابات الأوردة المزمنة وارتفاع (الكولسترول) بالدم وعسر الهضم وسوء الامتصاص والتهاب القولون المزمن والبول السكري والتهاب الجيوب الأنفية والشقيقة وكذا يساعد في علاج السمنة والأمراض المرتبطة بها.<

قد يعجبك ايضا