قراءة في رواية (ظلمة يائيل) لـ محمد الغربي عمران
فايز البخاري

فايز البخاري –
اسـتـقـراء الـقـديـم بـلـغـة الأجـد
> اللغة مفردات وتفكير. والفكر غالبا يتبع اللغة. ومöن هنا كان التباين والاختلاف بين الأممö والشعوب. ووفقا لهذهö الرؤيةö ومöن هذا المنطلقö نحن نتعامل مع النصö في هذه القراءةö على أنه محصلة للغةö الأجدö الذي ارتشف القديم بكل أبعادöهö واتكأ على الموروثö بكل أطيافöهö ليدهشنا بما هو مزيج من هذين العنصرينö اللذينö كان لهما صولة وجولة في كل فصول الرواية.
وبناء عليه كان تعاملنا مع نصö الغربي عمران في روايتöهö الجديدةö ((ظلمة يائيل)) الذي اتكأ فيهö( أي الناص) على القديمö ليخلق الحديث الأجد.
وسنحاول في هذه القراءة تسليط الضوءö على الغربي عمران الروائي لا القاص .فالغربي الروائي عالم متكامل بشخوصöهö وأفكارöهö وأمكنتöهö التي قلما تطرق إليها روائي آخر مöن قبلöهö. وهنا تكمن الفرادة التي حرص الغربي عليها لتمييزö نفسöهö عن البقيةö الذي نتعج بöهم الساحة الأدبية في بلادöنا مöن أصحابö الأعمالö التي لا تشعرك عند قراءتöها بجديد.
لقدö استطاع الغربي عمران ومöن خöلالö روايتيه: (مصحف أحمر) و(ظلمة يائيل) أنú يؤسöس لöنفسöهö مشروعا روائيا أثبت أنه ومنذ اللبنةö/الروايةö الأولى قد وضع قدمه في الطريقö الصحيحö وأنه فعلا يعرف إلى أين يتجه وفوق أيö أرض يخطو. وهذهö لعمúرöي أهم أسبابö نجاحö الأديبö الذي يمضي بنفسöهö على خطى وئيدة وثابتة ستقوده يوما ما إلى العالميةö إذا ظل يجوöد نصه ويسير على هذا الدربö الذي اختطه لنفسöهö مöن تميز في الفكرةö وفرادة في الطرحö وتماسك في البناءö الروائي الذي يشعرك بأنك أمام مبنى حداثي بنكهةö القديمö الأصيلö مبنى فخم يبهرك مöن أولö نظرة بحسúنö اتساقöهö وسلاسةö بنائöهö وعظمةö وأصالةö وفرادةö الموادö الداخلةö في تكوينöهö.
ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن الغربي عمران قد أثبت أنه مشروع روائي ناجح منذ روايتöهö الأولى (مصحف أحمر) التي كانتú بحق صيحة في عالمö الروايةö اليمنيةö وإضافة متميزة للروايةö العربيةö بشكل عام. وهي تستحق أنúترقى بالكثيرö مöن أفكارöها ومضامينöها إلى مستوى الأدبö العالمي.
الغربي قرأ كثيرا قبل أنú يكتب الرواية وحين ولج عوالمها عرف أين يضع قدمه وإلى أين يتجه¿ .. لقد شرع في عالمö الروايةö وهو يدري أنه يلöج عالما مغايرا لöما درج عليهö الآخرون مöن أبناءö جيلöهö وواثق مöن أنه ينطلق مöن بيئتöهö وموروثöهö اللذينö لقحهما بأفكارöهö ورؤاه ليطöل من خلالöهم جميعا نحو العالميةö التي أرى أنه يسعى لها وإنú لم يظهöرú ذلك. لكن محتوى روايتيهö يؤكöد ذلك وبقوة.
ولعل أبرز ما يمكöن أنú يثبت صحة ما نذهب إليهö هو دعوته الصريحة للتقاربö و التوحيدö بين الأديان. وهي الدعوة التي يواصل مöن خلالöها الطريق والمسار الذي اختطه لنفسöهö منذ روايتöهö الأولى (مصحف أحمر) التي قامتú أو انبنتú على الدعوةö للتقاربö والتوحيدö بين الأديانö منذ عنوانöها مرورا بمحتواها الذي ينضح بالتأكيدö على هذه الفكرةö وحتى منتهاها.
وهي نظرة تقدمية حسب الكثيرö مöن المبدعين الذين يرون في ذلك خروجا على المألوف الذي يتطلبه العمل الإبداعي للتحليقö بعيدا في الفضاءö الرحبö الذي لا تقيده أية عقد إجتماعية مهما كانتú قداستها. وهي نظرة خالية مöن عقدö السدنةö الذين يبدو الراوئي متمرöدا عليهم حتى في وصفö الجنسö الذي يميلون إليهö ويتظاهرون بمقتöهö حين التصريحö بöهö.
والغربي يقف على رأسö أولئك المبدعين الذين لا يرون للنصö الأدبي حدا معينا. وفي الكثيرö مöن الأحيانö يتجاوزون المقدساتö لإيمانöهم أنه لا يوجد ثمة مقدسات بالمطلقö مثلما لا يوجد خير وشر بالمطلق.
والجميل في الغربي أنه حين يتطرق للمشاهدö الجنسيةö التي يحرص البعض على ذكرöها وحشرöها في كتاباتöهم بطريقة ممجوجة وشكل نشاز.. الجميل أنه يعرف متى يتطرق إليهö وبطريقة متمكنة تشعöرك أنك أمام حدث حقيقي لا مصطنع وأن الروائي ينقل واقعا لا خيالا. وهذهö ميزة أخرى تحسب للغربي الذي تضج روايتاه بالمشاهدö الجنسيةö التي لها جمهورها وأنصارها كما لها منتقدوها وكارهوها. لكن على كل يظل الجنس هو الشيء الذي يشعر بöهö ال