التعليم والاقتصاد..من يقود الآخر ¿¿

أحمد سعيد الحاج

 - يرى كثير من الاقتصاديين أن القضاء على البطالة  في أي مجتمع  يعني القضاء على أكثر من 90% من مجموع مشكلاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية  ويمكن القول بأن القضاء على البطالة سينهي تماما المشكلات العصية التي يعاني منها التعليم في بلادن
أحمد سعيد الحاج –
يرى كثير من الاقتصاديين أن القضاء على البطالة في أي مجتمع يعني القضاء على أكثر من 90% من مجموع مشكلاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ويمكن القول بأن القضاء على البطالة سينهي تماما المشكلات العصية التي يعاني منها التعليم في بلادنا . والبطالة في ابسط مفهوم لها تعني عدم توفر فرص عمل أمام أفراد المجتمع , وبالتالي فإن السبيل الوحيد للقضاء على البطالة هو توفير فرص عمل كافية لجميع العاطلين في المجتمع مهما تعددت واختلفت فلسفات ووجهات نظر القائمين على معالجة هذه الظاهرة وسبيل توفير فرص عمل حقيقية وكافية في اليمن هو تبني الدولة إنشاء مشروعات إنتاجية وزراعية وتجارية وخدمية متنوعة على مستوى كل قرية داخل البلاد.
ولا نبالغ إذا ما ربطنا مستوى تقدم أو تخلف الدولة من الناحية الاقتصادية بمدى قدرة اقتصادها على توفير فرص العمل فالدول المتقدمة هي تلك الدول الصناعية المنتجة لفرص عمل حقيقية وكافية لمواطنيها.
ونركز هنا على حقيقية الفرص لأن ما قامت به بلادنا مؤخرا من توظيف حوالي أربعين ألفا من المسجلين للوظيفة العامة في وزارة الخدمة المدنية والتأمينات قد اوجد فرص عمل وهمية وغير حقيقية وكان قرار توظيفهم سياسيا لم يخدم الاقتصاد ولم يعالج مشكلة البطالة من قريب ولا من بعيد.. بل زاد الوضع سوءا في إفساد مؤسسات الدولة بما في ذلك المؤسسات التعليمية .
فتوفير فرص عمل حقيقية كان سيرفع مستوى جودة العملية التعليمية كونها – أي فرص العمل – ستفرض مواصفات ومؤهلات وبرامج تعليمية ذات جودة تتناسب مع طبيعتها. وبالتالي دفع مؤسسات التعليم إلى المنافسة في تطوير كوادرها وتغيير برامجها ومناهجها التعليمية والتدريبية وفقا لطبيعة فرص العمل الفعلية المتاحة خارج اسوارها.
أي أن الاقتصاد ومن خلال توفير فرص عمل أمام الخريجين هو الذي يفرض على مؤسسات التعليم مواصفات ونوعية برامجها وتخصصاتها ومستوى جودتها بل والطاقة الاستيعابية لها أي أن الاقتصاد في الدول المتخلفة اقتصاديا – كاليمن- هو من يقود التعليم وليس العكس.
وتبقى هذه العلاقة بين التعليم والاقتصاد قائمة أيضا في الدول الصناعية والتكنولوجية المتقدمة مع وجود الفارق الجوهري المتمثل بمدى الاهتمام بالبحث العلمي في تلك الدول فالتكنولوجيا هي سرعة تطبيق الأفكار والنظريات التي ينتجها البحث العلمي ورب تطبيق فكرة واحدة كنظام تشغيل الحاسب الآلي أو إنتاج أجهزة الهاتف المحمول مثلا قد تخلق ملايين من فرص العمل وبالتالي يصبح التعليم والبحث العلمي هو الذي يقود الاقتصاد في تلك الدول التكنولوجية.
وتأتي المنافسة بين الدول الاقتصادية والتكنولوجية على احتلال المراتب الأولى في النمو الاقتصادي من خلال الجمع بين الأسلوبين فالصين مثلا – ورشة العالم اليوم- هي المرشحة في السنوات القليلة القادمة ان تكون الدولة الأولى اقتصاديا مرجعة الولايات المتحدة الامريكية إلى المرتبة الثانية وكذلك الحال بالنسبة للبرازيل التي كسبت بريطانيا واحتلت المرتبة الخامسة بين الدول الأكثر نموا في العالم ولا ننسى ماليزيا التي أصبحت تجربتها الاقتصادية من التجارب الرائدة في المجتمعات الإسلامية إلى جانب التجربه الاقتصادية التركية .
وبالعودة الى الوضع في اليمن فإن المخرج الحقيقي من الوضع الاقتصادي المنهار الذي تعيشه البلاد هو اتباع الأسلوب الأول – أي التركيز على الاقتصاد والتوسع في المنشآت الاقتصادية وتوفير فرص عمل حقيقية وكافية ولا يكون ذلك إلا بتبني الدولة عشرات الآلاف من المشاريع الانتاجية والخدمية الصغيرة والمتوسطة سنويا والتي تركز على التشغيل الكثيف للايدي العاملة والتي لا تحتاج للتكنولوجيا المعقدة ولا لرأسمال كبير وتتناسب أيضا مع المستوى المتدني لغالبية مخرجاتنا التعليمية إلى جانب التأهيل لمواجهة احتياجات السوق الخليجية وتدريب جزء من العاطلين واستيعابهم في المنشآت الاقتصادية الحكومية والخاصة ومراجعة وتطوير آليات دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة القائمة بما يزيد من رفع قدراتها الاستيعابية للبطالة في صفوف مخرجاتنا التعليمية , وأتوقع إمكانية توفير اكثر من ثلاثمائة ألف فرصة عمل حقيقية سنويا إذا ما قامت الدولة بتنفيذ مثل هذه المعالجات وهي قادرة على ذلك إذا توفرت لديها الإرادة , ونحسبها قد توفرت بعد ثورة التغيير ..

ahaj@yemen.net.ye

قد يعجبك ايضا