الواقع والأسطورة
أحمد يحيى الديلمي
أحمد يحيى الديلمي –
صنعاء قبلة التاريخ الإنساني: وصف عدد من المفكرين والكتاب صنعاء بأنها مدينة الأساطير والاحلام الجميلة وأجمع المؤرخون أنها عنوان الحضارة وقبلة التاريخ الإنساني كأول المدن التي استوطنها الإنسان وأشاد بنيانها على وجه الأرض ولا خلاف على أنها أول مدينة بنيت في جزيرة العرب.
اسماء المدينة
1- مدينة سام: نسبة إلى أول من اختطها وأشاد بنيانها وهو سام أحد ابناء نبي الله نوح عليه السلام وفي هذا دليل على قدم الحضارة في أرض العراق لأن سام أحضر معه البنائين من العراق إذ تتحدث المصادر أن بيت البابلي وبيت البصراوي من أول الأسر التي استوطنت صنعاء وقد يكون سام بن نوح احضرهم معه لخبرتهم في الاعمار وهندسة البناء وبعد إكمال المهمة استوطنوا المدينة وسكنوا فيها.
2- مدينة آزال: قال الرازي في كتابه «تاريخ مدينة صنعاء» وهو الكتاب الذي حققه الدكتور حسين عبدالله العمري أن آزال نبي من الأنبياء ويعود نسبه إلى سام بن نوح وقد اطلق اسمه على المدينة لأن أعاد بناءها للمرة الثانية بعد أن تهدمت فسميت باسمه.
3- صنعاء: هو الاسم الذي استقر في اذهان الناس إلى زمننا الراهن ولعل السبب يعود إلى كونه ارتبط بأهم الأنشطة الإنتاجية التي اشتهرت بها المدينة وهي الصناعة وهناك من المؤرخين من قال أن اسم صنعاء مشتق من الصناعة.
المدينة والإسلام: كانت صنعاء موضع استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عظمة وضخامة البناء أو كثرة عدد البشر حيث ورد اسم صنعاء في أكثر من حديث نبوي دل على نفس المضمون وكذلك فعل الخليفة الأول والثاني بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما ثبت عن الفاروق عمر بن الخطاب القول المأثور عنه «لو تمالى أهل صنعاء على قتل رجل واحد لقتلتهم جميعا بذنبه».
أما الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه فإن بعض كتب التاريخ الإسلامي تقول أنه أمر بهدم قصر غمدان خوفا من افتتان اليمنيين به ولا أدري ما مدى صحة الرواية.
وللخليفة الرابع الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه قصة أخرى مع صنعاء سبقت توليه الخلافة عندما أوفده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مناطق اليمن الشمالية بعد أن أوفد الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى المناطق الجنوبية واستقر به المطاف في الجند وأسس مسجده الشهير فلقد كانت لمنطقة المعافر الواقعة بين الجند ولحج شهرة خاصة بصناعة القماش كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي أوصى به معاذ بن جبل ما معناه ومن تمسك بدينه من أهل الكتاب فعليه دفع الجزية ومقدارها عدلة معافري على كل من بلغ سن التكليف من رجالهم والعدلة نصف حمولة الجمل كذلك الأمر بالنسبة للإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه فلقد استقر به المطاف في صنعاء وتقول المصادر أنه كان أول من أقام صلاة الجمعة في صنعاء وخطب في الناس وبعد سماع خطابه لم يبق أحد في صنعاء وبقية مناطق اليمن إلا وحدد موقفه أما بالدخول في الإسلام أو التمسك بالديانة التي يعتنقها وكان معظم اليمنيين قد اعتنقوا اليهودية اقتداء بالملك ذو نواس الحميري ورفضا للمسيحية ولم يكن الرفض استهدافا للديانة نفسها بل نكاية بالمستعمر الحبشي الذي حملها وكان لحضور الامان علي دور هام في استقطاب غالبية الناس إلى حاضرة الإسلام حيث توافد عليه اليمنيون إلى منزل الصحابي فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه الذي اقام به أيام بقائه في صنعاء جماعات وافرادا للدخول في الإسلام وإعلان الولاء له.
على خلفية هذه الزيارة نشأت علاقة حميمية بين الامام علي وأبناء اليمن وعندما تولى زمام الخلافة ارسل ابن عمه عبيد الله بن العباس واليا عليهم هنا لابد من الاشارة إلى الحادثة البشعة التي تخلدت في التاريخ الإسلامي كأشنع فعل يمكن أن يقترفه المسلم.
عندما آلت الخلافة إلى معاوية بن ابي سفيان ولى بسرين ارطأه وأمره بقتل الوالي السابق بمجرد وصوله إليه وعندما وصل ولم يجده اقدم على قتل طفليه وكانا دون السابعة من العمر وقد تعاطف اليمنيون معهم وتم بناء مسجد في المكان الذي دفنا به ولا يزال قائما حتى الآن باسم جامع الشهيدين ويقع في المسافة الفاصلة بين الزمر والدحاح وهي ساحة صغيرة تتفرع منها الطرق إلى الحلقة وسوق البقر وسوق العرج أما الحارة المحيطة بالجامع ذاته فيطلق عليها حارة الشهيدين.
وللإمام علي مع صنعاء قصة بارزة أخرى تمت بعد وفاته بالتحديد عندما آلت الخلافة إلى الخليفة الأموي العادل عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه بمجرد أن آل الأمر إليه كان أول قرار اصدره منع سب أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عقب خطبة الجمعة تبعا للعا