اليمن يسقöط كل الرöهانات 

فايز البخاري



فايز البخاري

 

   *فايز البخاري

لöكلö بلد في العالم خصوصياته التي لا تتشابه مع الآخرين,وهو ما يميöز هذه البلدان عن بعضها البعض. ولو كانت تتشابه وتتطابق في كل شيء لما أصبح للقطرية والشعوبية أي معنى,حتى في إطار الأمة الواحدة, فالأقطار العربية نفسها ورغم اشتراكها – في الغالب- بالأصل واللغة والدين والتاريخ – مع الأخذ بعين الاعتبار بعض الأعراق مثل الأكراد والتركمان والأمازيغ وبعض الديانات كالمسيحية والصابئة والبهائية –  إلا أن لكل قطر منها خصوصيته التي تميزه عن غيرöهö مöن الأقطار الأخرى, والتي يمكن للمرء الحصيف بقليل من التدقيق فيها أنú يعرف إنú كان هذا الشخص الذي يقابله من أول وهلة ينتمي إلى هذا القطر أو غيرöه.

هذه الخصوصية هي التي جعلت اليمن غير مصر وغير تونس وغير البحرين وغير ليبيا وغير سوريا,وفي الوقت نفسöهö أسقطتú كل الرهانات التي بناها أصحابها اعتمادا على ثورتي مصر وتونس,لأن اليمن بخصوصية تركيبته القبلية والحضارية الموغلة في القöدم وعلاقات أبنائه الاجتماعية المتينة والتسامح والحكمة التي كانت ولا تزال من أهم المزايا لأبناء اليمن,لا يمكن مقارنته حتى بأقرب أشقائه إليه في الجوار,وبالتالي لا يمكن أن يراهن شخص ما عليه وعلى مجريات الأحداث فيه من خلال مقارنته بأشقائöهö في الأقطار العربية الأخرى.فضلا عن سبقöهö الديمقراطي والشوروي وسبقه في مجال الحريات والحقوق التي تفتقدها الكثير من الأقطار الثائرة اليوم.

وبالعودة إلى زمن المدö الثوري القومي في منتصف القرن العشرين نجد أن الذين راهنوا على استنساخ تلك الثورات العربية في بقية الأقطار قد فشلوا حين واجهتهم تلك الخصوصيات القطرية واصطدموا بها, وكان لليمن أيضا خصوصيته التي وقفت حائلا دون استنساخ الثورة المصرية التي قادها الزعيم الراحل طيب الذكر جمال عبد الناصر,رغم انفجارها واندلاع شرارتها في وقت مبكر,ورغم الدعم الكبير الذي تلقته ثورة سبتمبر من الأشقاء المصريين,لكن ذلك كله لم يمكöن الثورة السبتمبرية من أنú تكون نسخة أخرى من الثورة المصرية,وطال أمد الحرب بين الجمهوريين والملكيين لأكثر من سبع سنوات أسقöطتú خلالها كل الرهانات,وأثبت الواقع أن اليمن غير مصر, وأنه لا حل أمام اليمنيين للخروج من أزماتهم سوى الحوار والقبول بالآخر,وهو ما تم في خاتمة المطاف وكان من ثمارöهö إنهاء تلك الحرب الشعواء التي أكلت الأخضر واليابس حينها وفتحت الباب على مصراعيه لجعل اليمن ساحة لصراعات القوى الأجنبية.

كذلك الحال بالنسبة لحروب المناطق الوسطى (من السبعينيات إلى بداية الثمانينيات) التي استمرت عدة سنوات بين النظام والقوى الخارجة عليه آنذاك المتمثöلة بالجبهة الوطنية المسلحة ومن وقف إلى جانبها وعلى رأس ذلك الحزب الاشتراكي والقيادة في الشطر الجنوبي من الوطن سابقا,والتي لم تحسم في النهاية إلا عبر الحوار والتفاهم بين طرفي الصراع,رغم مشروعية الشعارات التي كانت ترفعها الجبهة الوطنية وهي تحقيق الوحدة الوطنية,لكن الواقع أكد أن العنف غير مجد وأن الحوار هو وحده المرجع والحل.

اليوم السيناريو نفسه يتكرر في اليمن من خلال البعض الذين يراهنون على إمكانية استنساخ الثورة المصرية والتونسية,دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصية اليمن وما يتميز به عن بقية الأقطار العربية,خاصة وقد أضاف لخصوصياتöهö السابقة خصوصيات جديدة منها أنه أضحى القطر الأكثر تسلحا في المنطقة إنú لم يكن – حسب مراقبين- في العالم,وامتزجتú فيه علاقات القبيلة بالرأسمالية, والعسكري بالسياسي,وأصبح لليمن كيان آخر غير الذي عرöف عنه مسبقا.. وهذا برأيي ما يساعد أكثر على إسقاط كل الرهانات التي يراهن من خلالها أصحابها على استنساخ ثورتي مصر وتونس.الأمر الذي يدفعنا لتوجيه النداء لأطراف الأزمة الراهنة وفرقاء العملية السياسية بأن يحكöموا العقل ويسمعوا نداء الضمير الشعبي ويقفوا إلى جانب بعض حول طاولة الحوار التي هي المخرج الوحيد لما نحن فيه.

ولهم أنú يستأنسوا بالحلول التي تمت خلال الأزمات السابقة التي مرت بها اليمن,سواء في حرب الجمهوريين والملكيين أو من خلال الحروب والاقتتال بين الشطرين وحرب المناطق الوسطى,حيث وقد كان الحوار هو خاتمة المطاف لكل تلك الأزمات والحل الأخير الذي لجأ له الجميع وكان كفيلا بإخراج البلاد من كل معاناتöها وأزماتöها التي شهدتها آنذاك.

ولذا لابد أن يكون الحوار هو الحل الذي يجب اللجوء إليه من البداية حتى لا ندخل في النفق المظلم الذي حتما لن يفضي إلا إلى ما لا يحمد عقباه,ولن يكون الحل عندئذ إلا بالحوار.. لهذا مöن الأولى أن يكون الحوار هو المبتدأ بدلا من أن يكون هو الخاتمة.


قد يعجبك ايضا