متى نتحرر من منطق الثأر الاجتماعي والسياسي 

الدكتور عبدالعزيز المقالح


الدكتور/ عبدالعزيز المقالح

د . عبدالعزيز المقالح

{ يبدو لي أن تغني اليمنيين المفرط بأمجادهم السالفة التي لم يبق منها شيء في الواقع البائس صار يشكل إساءة صريحة للماضي القديم بكل ما حفل به من إبداع وإنجازات حضارية وإساءة للحاضر بكل ما حفل به من أحلام التغيير والتطوير وأن هذا الواقع البائس بات يدفع كثيرين إلى إنكار تلك الأمجاد التي ما عادت تحول دون قتل الشعب لنفسه بأشكال مختلفة في مقدمتها الثأر الذي تحررت منه الدول المدنية حتى في أكثر شعوب الأرض تخلفا وبدائية.

وأسوأ ما في هذه العادة التي لا يمكن وصفها بالقبلية فقد كانت القبيلة حصنا للأعراف والأخلاق لا تعرض الأبرياء الذين لا ذنب لهم وليسوا أطرافا في النـزاعات الثأرية للقتل المجاني يضاف إلى ذلك أن هذه العادة المرعبة تصنع سلسلة طويلة من الضحايا الأبرياء وتهدم كيان المجتمع وتجعل الترقب والخوف حالة يومية في كثير من المناطق التي تفرغ أهلها للثأر والثأر المضاد في غياب احترام الشريعة وتجاهل وجود الدولة.

وما حدث في صنعاء منذ أيام من عملية ثأر تبعتها ثأرات جديدة قد أثار أقصى معاني القلق في نفوس المواطنين في المدن والقرى التي يتساوى فيها الجميع في المواطنة والحقوق لا سيما بعد أن ساوى بينهم الإسلام والانتماء العربي حيث لا أعراق متنابذة أو ديانات مختلفة.

إن اليمن الواحد يمن الثورة الواحدة يمن الديمقراطية لم يتمكن طوال هذه الفترة من إنهاء الخصومات المستعصية وتجاوز الثأر الذي لا يتجلى في صفوف بعض العناصر القبلية وإنما يبدو في أسوأ مظاهره لدى الأحزاب والمنظمات السياسية التي تنطوي في كثير من مواقفها – وهي طلائع مدنية متحضرة – على تأجيج مشاعر الثأر فيما بينها.

ومن يقرأ واقع الخلافات الراهنة يرى أنها تقوم على منطق الثأر وتتبنى رؤى ثأرية مما أفقدها القدرة على تمثل مبدأ التغيير والاتجاه نحو المستقبل وجعلها مشدودة إلى صراعات الماضي القريب بكل محمولاته الثأرية التي من شأنها إذا ما استمرت أن تقود البلاد والناس والمبادئ إلى حالة من الاقتتال المستمر وإلى تضحيات غالية بالوقت والإمكانات المادية والمعنوية.

ولا خلاص للوطن إلا بالتحرر من منطق الثأر ومفهومه السائد في جميع الأوساط القديم منها والجديد القبلي وشبه المدني وهو ما جعل كل مواطن يتساءل إلى متى يظل سفك الدماء في عمليات ثأرية سواء داخل المدينة أو خارجها علما بأن المدينة كانت في عهود سابقة “مهجرة” ومأمونة ومن يريد الانتقام من خصمه فلا يكون في المدينة التي لها في نفوس العقلاء من المواطنين ما للمساجد من التقديس والاحترام فأين ذهبت تلك الأصوات وأين نتائج تلك الاجتماعات والندوات التي وضعت مشكلة الثأر أو بالأصح مأساة الثأر في مكانها الصحيح من المناقشات والدراسات النائمة في الأدراج¿!

لقد فتحت الثورة اليمنية (سبتمبر – أكتوبر) بابا واسعا للخلاص من مخلفات العهدين الاستعماري والكهنوتي وفي مقدمة تلك المخلفات (الثأرات) التي أثقلت ظهور الأجيال ومزقت أواصر القربى وخذلت أحكام الشريعة السمحاء وكان في جانب كبير مما هجست به الثورة وحلمت بتحقيقه إزالة الحدود لا بين القبيلة والقبيلة وإنما داخل القبيلة الواحدة فالصراع الأعنف لم يكن في العهود المبادة وحتى الآن يحدث بين قبيلة وأخرى بقدر ما يحدث داخل القبيلة الواحدة وبين العائلات المتنافسة لكن المؤلم والمحزن أيضا أن أحلام الثورة لم تتحقق في هذا الجانب وبقيت قوى التخلف أقوى من كل المحاولات ومن كل المدارس التي انتشرت في الأرياف وحاولت بالعلم والتعليم والمعرفة تجاوز أزمنة الثأر ووصولا إلى الاندماج في الدولة المدنية الحديثة.

الشاعر قاصد الكحلاني في ديوانه الأول

{ لعل أول ما يثير إعجابك في ديوان الشاعر قاصد الكحلاني عنوانه «يجمع الليل أشياءه» بما يحمله من إيحاء شعري وما يرسمه من صورة غير مسبوقة.

وإذا كان العنوان هو عتبة الدخول الأولى إلى الكتاب (أي كتاب) فإنه في هذا العمل البديع عتبة مناسبة لقصائد الديوان بالغة الرهافة والجمال.

الديوان من منشورات رابطة جدل (المكتبة الشعرية) والغلاف من تصميم الشاعر عصام واصل.

تأملات شعرية :

ما الذي قد تبقى لكم

أيها اليمنيون

من ألق الحكمة الخالدهú.

بعد أن أفرغ الحقد والثأر

أنبل ما حملته مشاعركم

حين كانت بلاد السعيدة قائدة رائدهú.

اسمحوا لي أقول لكم:

ليس ماء ولا شجرا

كل هذا الهباء الذي تحرصون

وتقتتلون عليه

نتائجه تشبه الأوليات

فاشلة فاسدهú!
 

قد يعجبك ايضا