عيون وآذان (في كل بلد يصوتون بجيوبهم)

جهاد الخازن

جهاد الخازن –
اليوم «سوبر ثلثاء» عندما يختار الجمهوريون في عشر ولايات أمريكية مرشحهم للرئاسة الأمريكية وفي حين أن اليوم لن ينتهي بحسم الموضوع فإنني أرجح أن يبقى ميت رومني متقدما على المتنافسين الآخرين ليس لأنه الأفضل بل لأنه الأقل سوءا بينهم ما جعل جمهوريين بارزين في الكونغرس وخارجه يلتفون حوله عشية التصويت.
القيادة التقليدية للحزب الجمهوري تريد رومني مرشحا والى درجة أنني قرأت أن نتائج الاقتراع بين أعضاء الحزب في ولاية مين زوöرت لمصلحة رومني على طريقة العرب في تزوير نتائج انتخاباتهم.
ربما كان الأمر أن قيادة الحزب تدرك أن رومني ليس مرشحا مثاليا للرئاسة إلا أنه أفضل الموجود فالمنافسة أصبحت محصورة بينه وبين ريك سانتوروم وبعدهما نيوت غينغريتش ثم رون بول.
لو أن باراك أوباما أعطي فرصة أن يختار منافسين له من الجمهوريين لما وجد أفضل من هؤلاء لمنافسته فأنا أصر على أن الرئيس يستطيع أن يهزم أيا منهم على انفراد وربما كلهم كمجموع.
المهم أداء الاقتصاد وفهم المرشحين له وما عندهم من حلول للأزمة المالية المستمرة. ورومني اختار بعد فوزه قرب نهاية الشهر الماضي في الانتخابات التمهيدية في اريزونا وميشيغان أن يطلع باقتراحات ضريبية متساوية للجميع فقال مركز سياسة الضرائب إن اقتراحاته ستزيد عجز الموازنة ثلاثة ترليونات دولار.
ورومني مليونير كبير إلا أن الصحافة اكتشفت أنه يدفع 19 في المئة فقط كضريبة على دخل سنوي يبلغ 21 مليون دولار. ثم أنه لا يفتح فمه إلا ويضع قدمه فيه كما تقول عبارة بالإنكليزية بمعنى الخطأ… وهو قال ردا على سؤال أوباما كيف وصلت أمريكا الى الأزمة الاقتصادية بأنها وصلت لأنه انتخöب رئيسا وهذا مع العلم أن الاقتصاد الأمريكي كان يخسر 750 ألف وظيفة في الشهر سنة 2007 أيام إدارة بوش الإبن الجمهورية وهو الآن يكسب 200 ألف وظيفة في الشهر مع أوباما. ثم ان رومني نفسه كان اعترف في تصريح تلفزيوني قبل ذلك بأسبوعين فقط بأن الاقتصاد يتحسن.
ريك سانتوروم في المقابل خطيب ماهر وذكي يحفظ الأرقام والمعلومات إلا أنه على أقصى يمين حزب يميني ومواقفه تكاد تكون فاشستية في بلد كالولايات المتحدة فهو يعارض العلاقات المثلية وحبوب منع الحمل ويعتقد أن ارتفاع حرارة الطقس دجل علمي ويقول إن الجامعات ليبرالية تغسل دماغ الطلاب ليتخلصوا من إيمانهم المسيحي. وهو يؤيد حربا على الإسلام الراديكالي ويريد ضربة عسكرية لإيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي بل انه يزعم أن الشيطان في حرب على أمريكا وقد قال انه يكاد يتقيأ عندما يسمع إصرارا على فصل الدين عن الدولة مع ان هذا أساس نظام الحكم في الولايات المتحدة.
ثم هناك نيوت غينغريتش وهو فضيحة على قدمين فسöجل فضائحه المالية والأخلاقية معروف متداول وربما زدنا عليه أن له «فضيحة اليوم» طالما أنه يخوض الانتخابات التمهيدية والميديا تلاحق أخباره. وآخر ما قرأت عنه أنه كان على علاقة وثيقة مع فريدي ماك وفاني ماي وهما مصرفان يعملان في مجال العقار تسندهما الحكومة وكانت خسائرهما بين الأعلى بعد انفجار الأزمة المالية الأمريكية ثم العالمية. وتبين أن غينغريتش عمل مستشارا لبنك فريدي ماك وقبض منه 1.9 مليون دولار منذ 1999 وأنه دافع عن البنكين في الكونغرس عندما كان نائبا ثم رئيسا لمجلس النواب.
الطبيب رون بول أفضل المرشحين الجمهوريين وسياسته تقليص تدخل الحكومة في حياة الناس ومعارضة الحروب الخارجية إلا أن أنصاره من الشباب فقط ولا أمل له بالفوز بالترشيح عن الحزب أو الرئاسة بعد ذلك.
في مقابل هؤلاء المتنافسين الجمهوريين هناك باراك أوباما من دون فضائح مالية أو جنسية وقد أظهرت استطلاعات الرأي العام الأخيرة تقدمه على منافسيه الجمهوريين على خلفية إجماع على أن الاقتصاد الأمريكي بدأ ينهض من عثاره فمع زيادة الوظائف كل شهر هبطت معدلات البطالة وزاد الإنتاج الصناعي والمبيعات في المتاجر. وأصدر بنك الإحتياط الفيديرالي (البنك المركزي) تقريرا إيجابيا مشجعا عن سير الاقتصاد الأمريكي.
الأمريكيون والناس في كل بلد يصوتون بجيوبهم.
khazen@alhayat.com
نقلا عن الحياة

قد يعجبك ايضا