لكي لا تفوتنا الفرصة
جميل مفرح
جميل مفرح
جميل مفرح
< أخيرا نجونا والحمد لله بوطننا وبأنفسنا فررنا في اللحظات القاتلة من بين مخالب أزمة فاتكة كادت تقضي على اليمن تاريخا وإنسانا مقدرا ومنجزا فما بالك بالآمال والطموحات والأحلام التي كانت فيما سبق ميدانا مفتوحا وسع منتهى ومختلف خيالاتنا وقرب منا أو سخر لنا ما استعصى لسوانا من الاحتمالات والتوقعات المتفائلة بالغد الأفضل والأفضل منه إلى أن غدت تلك الطموحات والآمال أقصى ما يكون بعدا منا مع تأجج نار أزمة خانقة لم نكد ننجو من سهامها القاتلة وما نزال في دائرة تبعاتها إلى أن تتكرر مشيئة الله في النجاة منها ويتأكد عزمنا وإصرارنا على تجاوزها وتخليص خناق الوطن من قبضتها المحكمة.
> لقد وصل بنا الحال طوال أكثر من عشرة أشهر مضت وكأنها عشر سنوات إلى أن تنهزم آمالنا وطموحاتنا إلى أدنى مستوياتها وتنحصر إجماعا في هدف واحد هو الخلاص من حفرة هذه الأزمة التي تسابقنا طوال هذه الفترة نحن والظروف في عمليتي ردمها وتعميقها حتى كادت الظروف تهزمنا وتجبرنا على الاستسلام والتسليم بواقع لم يكن مفترضا ولا مفروضا لولا تخاذلنا وطيشنا وأنانيتنا المفرطة ولم يكن ليتحقق لو أننا أدركنا باكرا ما يجب علينا تجاه وطننا وأنفسنا وتجاه عقيدتنا من جانب واعتقاداتنا السياسية السمحاء والطبيعية من جانب آخر لو أننا فكرنا بعقلية الجمع بعقلية الشعب بعقلية الأمة وتجاوزنا الأنا والفردانية وآمنا بأن وجودنا مقترن إن لم يكن مشروطا بوجود الآخر.
> ومع ذلك لندع كل ذلك يمضي في الوراء بعيدا ولتتدفق أنظارنا باتجاه الغد باتجاه الآفاق البعيدة التي نصبو إليها بعد أن استعدنا جزءا من عافيتنا شريطة أن ننسى ذلك الأمس المريض المعتم في كل مفرداته وتشاؤماته عدا ما يمكن أن يستفاد منه كدرس نتعلم ونأخذ العبرة منه درس قرص آذاننا أيما قرص وعلمنا ما يجب ألا ننساه أبدا لنحافظ على وطننا سليما معافى من الآفات والمحن والمنعطفات الخطيرة التي أجدنا حياكتها لأنفسنا ولوطننا وكأن بيننا من جانب وبين أنفسنا ووطننا من جانب آخر ثأرات لا حدود لها ولا تكاد تنطفئ..
> ها نحن مجددا نعود وها هو وطننا يتعافى من طعناتنا الغادرة فهل نستطيع أن نستمر في هذا الطريق السالك طريق التعقل والتفاهم والتحاور وإرجاع المفاهيم إلى حقائقها والوقائع إلى واقعها¿ هل سنتمكن من التخلص من محدودية التفكير وانحصار المصلحة ومن نظرية «أنا ومن ورائي الطوفان» وأن نفكر بصوت عال باسمنا وبمصالحنا كجزء يسير من منظومة جمعية اسمها الشعب أو الأمة ونقطة صئيلة من بحر كبير زاخر اسمه الوطن¿ هل سنبرع في الاتعاظ والاعتبار وأخذ الدروس من كل ما مضى لنسوي بإرادتنا ما سيأتي ليغدو مثالا يحتذى به ويشار إليه ببنان الثناء والإعجاب كم ينبغي أن يكون¿ أم سنعود لما رسم وهيء لنا من غي سيلصق بنا لعنات التاريخ إلى ما لا يدرك من زمن¿.
> تساؤلات لا أطلب من أحد الإجابة عنها بقدر ما أتمنى أن أكون أنا وكل من حولي في مقدمة من سيترجمون الإجابة عنها فعلا لا قولا واقعا لا متخيلا.. إن علينا جميعا ونحن في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ وطننا أن نساعد هذا الوطن الغالي الكريم على أن يستكمل استرداد صحته وأن نعمل ما استطعنا على إطفاء نار الفتنة التي أحرقت حالنا وقلوبنا طوال هذه الفترة التي أخرجتنا من نطاق التاريخ والوجود وأن نستعيض عنها بمشاعل البناء والتضحية واللحاق بركب الحضارة وقطار المستقبل قبل أن يفوتانا فنندم حين يغدو الندم مزيدا من العقاب.
> ها هي فرصة جديدة تفتح لنا أحضانها للم شتاتنا وتضميد جراح الوطن التي ظللنا ننكأها ونساعد مع فتحها وتعميقها جهلا واستكبارا وكأنه لا يعنينا في شيء.. نعم لقد حان الوقت الآن بعد أن انطلقت صفارة الوقوف من ماراثون عصي شاق وبعد أن أخذنا أنفاسنا منه ومن معاركه المفتعلة غير المجدية ها هي صفارة أخرى تنطلق اليوم للإعلان عن مرحلة أخرى نتمنى بعد ما تعلمنا وعرفنا واختبرنا أن تكون مرحلة تجسيد حقيقية لديمقراطيتنا المنشودة وحرياتنا المثالية المبتغاة وفرصة يجب ألا نفوتها لإعادة بناء يمننا الحبيب ويمنيتنا المفخرة من خلال بناء أنفسنا وإن يكن من جديد البناء الراسخ الأمثل وبناء وطننا كما نحب أن نراه وكما ينبغي أن يكون وطنا ديمقراطيا منفتحا وطامحا من هذا العصر المتجدد.. وألا نظل نراوح حيث نحن كما يتوقع لنا أو بالأصح يريد لنا المتشائمون والحاقدون.. والله من وراء المبتغى والمقصود.
gamofarreh @gmail. com