مابعد المبادرة الخليجية (2) 

ناجي عبدالله الحرازي



ناجي عبدالله الحرازي

 ناجي عبدالله الحرازي

الدعوة لفتح صفحة جديدة من الحياة السياسية على ضوء ماتم القبول به وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أو لتبني شعار “عفى الله عن ما سلف” أو شعار “المصالحة الوطنية سبيلنا إلى مستقبل أفضل ” – هذه الدعوة – لاتعني بأي حال من الأحوال السماح بتكرار أخطاء الفترة الماضية أو التهاون مع السلبيات والمشاكل التي دفعت بالبلاد والعباد إلى أتون الأزمة الأخيرة

إذ لابد من إعداد كشف حساب طويل وعريض يتضمن ما نعتقد جميعا – أو بالتوافق أيضا – أنها أخطاءا أو سلبيات شابت السنوات السابقة من حياتنا ليس لمحاسبة من يعتقد البعض منا أنه يتحمل مسئوليتها – لأن ذلك قد يدفعنا إلى متاهات وربما إلى أزمات جديدة نحن في غنى عنها – وإن ظلت مسألة المحاسبة مرهونة بالتوافق أيضا –  بل لوضع حد لتلك الأخطاء والسلبيات وتجنب تكرار حدوثها والعمل على أن تكون حياتنا طبيعية – كسائر عباد الله –  وبحيث توضع تشريعات صارمة  لمحاسبة المسئول أو المسئولين عن تكرارها

فهناك على سبيل المثال لا الحصر قضايا سياسية وإجتماعية شائكة ومعقدة التفاصيل لابد من التعامل معها بهدؤ وروية بعيدا عن تعصب السنوات الماضية وعن الإصرار على مبدأ “حبتي والا الديك” .

 هذه القضايا وغيرها تحتاج منا إلى روح جديدة مسئولة إذا ما أردنا التعامل معها بعقل وحكمة للتخفيف من حدتها ولتحويلها من قضايا مصيرية إلى مشاكل تنموية يمكن معالجتها بمزيد من الصبر ووفقا لمواردنالا البشرية والمالية المتاحة ..

علينا أيضا وقد بدأنا رحلة الألف الميل في الطريق إلى الدولة المدنية الحديثة  وضع تعريف دقيق لما يعنيه الفساد الذي يعد أخطر ما ينغص علينا  حياتنا وما زلنا نشكو منه منذ عقود دون أن نضع له حدا مقبولا كما هو حال بقية البشر من حولنا

كما أن علينا تحديد أو وضع قائمة بمانعتقد أنها سلوكيات وأفعال تندرج ضمن الفساد والمالي والإداري  بحيث نتبنى جميعا خيار الإصلاح المالي والإداري ولا نضطر للإستعانة بخبراء البنك أو الصندوق الدولي

فهناك سلوكيات لاتخفى على أحد ونعاني منها جميعا دون أن نعي أنها سبب رئيسي من أسباب ما وصلنا اليه ومنها على سبيل المثال لا الحصر الواسطة والمحسوبية وعدم الألتزام باللوائح والقوانين وإبقاء المجال متاحا للإستثناءات (التي أصبحت هي السائدة وأصبح معها الإلتزام إستثناءا) .

 كما أن هناك مشكلة التصرف بالحق العام وكأنه ملك خاص ( حيث إعتدنا على رؤية كثير من كبار المسئولين يتصرفون في مؤسسات الدولة التي يتحملون مسئوليتها وكأنها إقطاعيات خاصة بهم) .

وهناك أيضا من يعتبر الوظيفة العامة وخاصة المناصب الهامة حق مكتسب لايمكن التنازل عنه وليست مجرد تكليف يمكن أنة تنتهي صلاحيته   بل أن البعض يعتقدون بإمكانية توريث وظائفهم للأبناء والمقربين.

,وعلينا  أيضا أن لانغفل الإعتقاد السائد لدى الكثير منا بأن التحايل على القوانين واللوائح “شطارة” وأن الإلتزام بها “هبالة”.

وهناك بطبيعة الحال قائمة طويلة من هذه السلوكيات التي تحولت إلى ثقافة سائدة في مجتمعنا للأسف الشديد   البعض منا أنها بحاجة إلى ثورة مضادة أو ثورة ثقافية تعيدنا جميعا إلى المسار الصحيح الذي يجب أن نلتزم به والذي تأمرنا به عقيدتنا أولا وقبل كل شئ.

إذا ما أردنا أن نكون جزءا من العالم حولنا فعلينا أن نتذكر دائما أن علينا التخلص من الإعتقاد السائد بأن “ليس في الإمكان أبدع مما كان” أو أننا في اليمن غير قابلين للتغيير أو للتطور وأن طبعنا غلب التطبع ..  

قد يعجبك ايضا