1480!! 

معاذ الخميسي



معاذ الخميسي

معاذ الخميسي

هذا الرقم لا أستطيع أن أتجاهله.. ولا يمكن أن أنساه ما حييت.. لأنه وضعني ذات يوم مضى في حالة ذهول حين عرفت بأن عدد شهداء الأمن والقوات المسلحة في الفتنة التي ما زلنا نعيش تفاصيلها إلى اليوم بلغ “1480” شهيدا!!

بالطبع هذا العدد.. لا يشمل الشهداء الآخرين من المدنيين والمواطنين الذين غادروا الحياة في الشارع أو الساحة أو المنزل أو حتى الجامع في لحظات مجنونة اختفت فيها لغة العقل وحضرت أصوات الرصاص والقذائف بحثا عن خلط للأوراق وتقديم ضحايا وتهييج للرأي.. في الوقت الذي كنا وما نزال وسنظل نقول احقنوا الدماء.. أحفظوا الأرواح.. واختلفوا.. وتخاصموا.. وافعلوا ما شئتم.. لكن بعيدا عن الدم.. وعن الجسر الذي لا يمانع البعض لو كان من “البشر” للوصول إلى “الكرسي”!!

حسبنا الله على هذا الحال الذي وصلنا إليه.. ولا حول ولا قوة إلا بالله أمام من أرادوها هكذا نارا ورمادا ودماء ودمارا.. ومن أوغلوا في الغل وتمادوا في الكراهية وتخلصوا من الشعور الإنساني ليجاهروا بالعداء والحقد وهم يبيحون دماء إخوانهم من حماة الوطن وجنده ويفعلون ما لا يفعله “أعداء أمتنا” حين يحولون ابن جلدتهم وأخاهم إلى أسير.. ومن ثم إلى قتيل ينفذ فيه حكم الإعدام ببرود شديد.. وفي حالة أخرى نجد من يعتبر رجال الأمن والجيش قتلى يستحقون ذلك.. وغيرهم شهداء.. وفي الطرف الآخر من يأسف ويحزن ويتألم على كل من قتل ويعتبر الجميع شهداء!

لاحظوا.. أي حال أصبحنا نتقاسم همه وغمه وتفاصيله البشعة.. وما تزال أمامنا رهانات “وقحة” بالمزيد من ذلك يرافقها ما خف وزنه وثقل من التهديدات التي لم يسلم منها حتى رجال الإعلام وأصحاب الرأي ممن لا يملكون رصاصة ولا مدفعا ولا مترسا.. ويواجهون غباء وسذاجة حتى عند من اعتبروا أنفسهم قادة وفطاحلة وهم يحاولون تكميم الأفواه وإخراس الألسن بتهديد “سخيف” زرع داخل سطور خطاباتهم أو بين ثنايا أحاديثهم وبالتأكيد سمعته المنظمات الدولية والأمم المتحدة وهو يحول الإعلامي الذي بح صوته أو جف قلمه من كثرة مطالباته بحقن الدماء إلى محرض على سفكها.. هل رأيتم أكثر من هذا البلاء والغباء!!

أعود للرقم (1480).. وأسألكم.. ماذا يعني أن يستشهد هذا العدد الهائل من رجال الأمن وقواتنا المسلحة.. وأسأل المبعوث الأممي السيد جمال بن عمر الذي نشعر بإلمامه بكل شيء وفهمه العميق لما يحدث وقدرته العالية على اختزال حقيقة ما نعيشه من مأساة لا تقل عن مأساة العبث بالحقائق عند البعض.. أسأله.. ما ذنبهم.. وما جرمهم.. هل لأنهم العين التي لا تنام.. وتسهر لتحمي الوطن أم لأنهم الدماء التي توهب رخيصة لنأمن ونستقر وننام!!

أولئك.. هم أبناء هذا الوطن.. وهم جنوده البواسل.. وحراسه الأمناء.. ولا أعتقد أبدا أن ((ثأرا)) بينهم وبين أحد.. أو أن لهم خصومة أو عداء مع أي شخص.. فما الذي اقترفوه حتى يحلل البعض دماءهم.. وما الذي ارتكبه من اعتبر نفسه في مأمن  فنفذ فيه “الإعدام”!!

وجعنا لا حدود له.. وألمنا لا تتسع له السطور.. وحسرتنا لا يمكن أن تختزلها الأيام.. وعمل واحد هو الذي نشعر به يطبب أنفسنا حين نجد من لا يدير ظهره لأسر وأبناء الشهداء.. الشهداء جميعا.. وهنا الثناء مستحق للمبادرة الشبابية لمساندة أسر الشهداء التي أحيت فينا شيئا من الاطمئنان على حال أسر كثيرة تواجه مستقبلا ملغوما.. فتبنت زيارات ميدانية لأسر الشهداء لتخفف من معاناتهم وتحقق شيئا من آمالهم بما تستطيع أن تساندهم به.. لا أن تدعمهم  كما هو حال بعض مبادرات سرعان ما تتلاشى لأنها تبحث عن دعم لتقدمه هي وليس الداعم بنفسه..

هذه المبادرة الشبابية التي يتولاها الشابان الرائعان صادق الحارثي ومطهر الخميسي.. أروع ما فيها أنها حملت طابع المساندة .. وما قامت به يضعنا أمام حالة عرفان تخلد ذكرى الشهيد.. ولا تحوله إلى اسم منسي في خارطة زمن لا يرحم!

وما يستحق الثناء – أيضا –  هو تفاعل واهتمام معالي وزير الداخلية اللواء مطهر رشاد المصري الذي تفاعل كثيرا مع هذه المبادرة بداية بأول نشاط لها شمل أسر شهداء الأمن من عدة محافظات.. ورعايته واهتمامه اللذين يوليهما لأسر كثيرة وجرحى لا يتأخر في زيارتهم وتوفير ما يحتاجونه.. وآخر ما شدني زيارته لأسرة الشهيد عبدالرحمن شوفر الذي استشهد داخل منزله مع زوجته وثلاث من بناته ولحقت بولديه  الإصابة وهما من بقيا من الأسرة !

وغيره..وزير الشباب والرياضة عارف عوض الزوكا الذي سبق وان كان له نشاط مماثل في مساندة أسر شهداء في وقت سابق حظوا برعاية الرئيس..وهو الآن  من ابرز المهتمين  بمساندة اسر الشهداء من جميع المحافظات وحضوره وتواجده بما عرف عنه من نشاط سيكون مؤثرا وايجابيا في مبادرة جاءت باسم الشباب

ما اريده أن يسمو البعض – على الأقل – في حالة الشهداء الذين فقدن

قد يعجبك ايضا