ألم.. وأمل 

معاذ الخميسي



معاذ الخميسي

معاذ الخميسي
* كثيرة هي الآلام التي نواجهها في الحياة.. وليس أمامنا إلا الصبر والحمد لنيل الأجر ومنح النفس الراحة والطمأنينة ما دام وما يترصدنا من ألم أو حزن أو مصيبة هو قدر لا مجال للهروب منه.. وهو في نفس الوقت فرصة للتخفيف من الذنوب والخطايا والاستزادة من الحسنات.
* وما أعظمها من لحظات وما أروعها من دلالة على قوة الإيمان حين تحل المصيبة أو يطل الألم أو يجثم الحزن فيتقبله الإنسان راضيا مستسلما وهو يردد اللهم لك الحمد والشكر.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. اللهم أخلفني في مصيبتي وأبدلني خيرا منها!
* وبالطبع يظل النسيان نعمة جليلة في مثل هذه الحالات.. ويبقى الأمل علاجا متجددا للروح يأخذها إلى مساحات أوسع من الصبر ويكون معها على موعد مع ما هو خير وأفضل للإنسان في دنياه وآخرته.
* وبعيدا عن ألم العيش المر واللقمة الصعبة وما يحصل من مجاملات وتجاوزات ومظالم.. هناك ألم أشد وقعا وأكثر إيلاما وهو ألم السرطان الذي ينتشر في أوساط المجتمع ولا يفرق بين كبير وصغير.. ولا بين غني وفقير..
* هذا السرطان.. وما أشد وجعه عندما يقضي على ابتسامة بريئة لطفل أو لطفلة لا يعرفان بعد ما هو هذا المرض وما هي نهايته!!
* وما أقصى مرارته وهو يحول أسرة للعيش على الرصيف بعد أن يكون الأب قد باع كل ما يملك وضحى بسكنه ومأوى أسرته من أجل أن يوفر العلاج لأحد أولاده أو لزوجته بحثا عن شفاء من مرض خطير لا يرحم!
* بعض مشاهد لو رأيتموها لمرضى السرطان لأحسستم بحجم الفاجعة وهو الكارثة ولأدركتم أنكم أمام حالات إنسانية تستدعي فينا كل متواليات الحزن والألم والحسرة وتجبرنا دون أن نشعر على أن نذرف الدموع ونبكي من أصابهم المرض.. وخاصة عندما لا يكتفي بالتهديد الدائم في مصادرة الروح.. ولكن حين يأخذ نعمة البصر من طفلة صغيرة.. ويفقد طفلا آخر الإحساس بالحياة ونعمتها وهو يعيش المعاناة الدائمة منذ أولى سنوات عمره وإلى أن يغادر الحياة!
* وتخيلوا حين يشكل السرطان مصيبة كبيرة على أسرة تعيش في نعمة ولا ينقصها المال مهما كبر.. فكيف يكون الحال مع أسرة لا تملك إلا قوت يومها.. فقط فكروا في ذلك!
* وبالطبع.. أي مرض.. هو قدر وابتلاء وكل إنسان لابد وأن يواجهه بالخضوع والاستسلام والصبر.. وجميعنا معرضون لذلك وعلينا أن نشارك من أصابهم الإحساس بما يعيشونه من معاناة وأن نبادر بما نستطيع للتخفيف عنهم حتى بالابتسامة والكلمة الطيبة إذا لم نكن قادرين على البذل والعطاء!
* وهنا.. أستغرب كثيرا من جهات حكومية تتنكر لموظفيها إذا ما أصابهم المرض وحل بهم السرطان فتتجاهلهم ولا تعيرهم أي اهتمام.. ولا يكلف الوزير أو الوكيل أو المدير العام نفسه بزيارة للمريض أو بمبادرة لتوفير المستطاع من العلاج.. في حين تصرف الملايين وتذاكر السفر لبعض من المسئولين إذا ما أصابتهم الحمى وما أكثر من تصيبهم.. أو الأنفلونزا.. ولا يخرج من ذلك أحد أفراد الأسرة إذا ما داهمه المرض.
* وفي هذا الشهر الكريم الذي يكون فيه العبد أقرب إلى العبادات والطاعات ما أفضل أن نتذكر أمراض السرطان وأولئك الذين يعيشون أحوالا صعبة وحياة مرة لنساهم بما هو ممكن في توفير ما يحتاجونه..
* والشكر والثناء موصول في هذا الأمر لمركز الأمل لسرطان الأطفال.. وما يقوم به من دور كبير للتخفيف من المعاناة على أسر كثيرة..
* هذا المركز الذي أعرف أنه وجد بمبادرة رئيسية من رجل الخير الحاج عبدالواسع هائل سعيد.. ويديره الرجل الإنسان الدكتور علي الخولاني.. قام بتوفير العلاج لما يصل إلى (54) ألف مريض بالسرطان.. وما ينبغي علينا جميعا أن ندعمه وأن نكون له مساندين بالكلمة وبالنصيحة وبالذكرى التي تنفع المؤمنين وبالمال الذي رزقنا الله عز وجل به واستخلفنا عليه!!
* ولا يكفي ذلك.. يجب أن نسعى صحافيين ومثقفين ومسئولين ورجال مال وأعمال ومواطنين وأعضاء مجلس نواب وأعضاء مجلس شورى إلى أن يحصل مرضى السرطان على نسبة بسيطة من مبيعات السجائر والاتصالات.. وهذا هو التحدي المهم الذي يجب أن نراهن عليه ونتحمله كأمانة لنكسبه..
* وتذكروا في هذا الشهر العظيم أن هناك أسرا تبيع كل ما تملك لتتمكن من توفير العلاج.. وتذكروا أن هناك أطفالا يموتون وهم يبتسمون وببراءة متناهية..
* ومهما كان.. ومهما حصل.. ومهما كبر الألم.. يبقى الأمل!!
moath1000@yahoo.com

قد يعجبك ايضا