حسم ثوري وغزوات مقدسة! 

علي ربيع



علي ربيع

علي ربيع

> حين تنهار القيم يصبح كل شيء جائزا في لغة السياسة ويصبح  الفجور في الخصومة العنوان العريض الذي تمليه الضمائر وتنطقه الألسنة هذا هو الواقع الذي وصلت إليه الحال اليمنية في تعقيداتها السياسية بنسب متفاوتة لكنها في كل تجلياتها تؤشر بخطورة على انفجار الوضع في أي لحظة نظرا لروح المقامرة التدميرية التي تسكن السياسيين وتملي عليهم رفض الاعتراف بوجود الانقسام المجتمعي بين مؤيد وثائر مما يجعلها تتمترس خلف ذاتها فلا ترى من الحق شيئا سوى ما تتنزل به شياطين إفكها وتهورها.

> لاحل للمشكل اليمني إلا بالتنازلات السياسية إن أردنا خيرا لهذا البلد ووضع اليمن أولا و قبل أي مسألة ربح أو خسارة أما الترويج لشعارات الحسم الثوري في ظل وضع مغلق فلن تؤدي سوى إلى استعداء الخصوم وتهيئة المسرح الملغم لانهمار مزيد من الدم اليمني الحرام .

> غزوات الصمع المقدسة  ومعارك تعز العبثية لن تقود إلى حسم ثوري كما تتصور بعض أطراف اللعبة الثورية في اليمن والتي بدأت تعتنق آليات جديدة في الثورة والتثوير تمثل خيانة انقلابية على مكونات رفاق الساحات وحلفائها هذه الآليات جوهرها العنف ومؤداها القتل ودافعها  الاستئثار بأكبر قدر ممكن من السلاح يعينها لاحقا في الانفراد الجشع باللعبة وفرض توجهها الثوري على الجميع .

> أعتقد أن نفي مكتب الشيخ الزنداني أي علاقة له بغزوات الصمع الانتحارية قد يؤخذ بعين الاعتبار إذا ابتعدنا عن الكيد السياسي والشخصنة لكنه في الوقت ذاته  نفي لا يبرئ مجاهدي قبائل الإخوان المسلمين ومرتزقتهم  بل وقياداتهم السياسية فتصريحات السعدي الأمين العام المساعد لتجمع الإخوان المسلمين لا تقبل التأويل إذ أعلنها صراحة أن معسكرات الصمع تمثل أربعين في المائة من قوات الحرس الجمهوري وسقوطها سيشكل دعما كبيرا للثورة والقضاء على ما يسميه بقايا النظام والسيطرة على صنعاء بحكم القوة العسكرية.

> أما على جبهة القبيلة فصادق الأحمر  يحشد مشائخه الأشاوس للحسم الثوري ودعوى حماية الشباب مما يعني الاتجاه المبيت نحو نسخ أخرى من حرب مليشيات الحصبة وكله باسم الثورة ومن أجل عيون وخاطر شباب الثورة السلميين هذا في الظاهر أما المعنى المسكوت عنه فهو القضاء على آخر رمق في آمال التغيير صوب الدولة المدنية  المنشودة والتي كان يراهن عليها الشباب المبرأين من وعثاء الحزبية ورجعية دولة الشيخ .

> المبعوث الأممي حمل حقائبه وسافر خالي الوفاض وهو لا يزال يرى أن اتقاء الهاوية ممكن لو أراد اليمنيون ذلك وفي الوقت ذاته يصدع حميد الأحمر أن المكان المناسب للمؤتمر الشعبي العام ليس طاولة الحوار وإنما السجون والمقابر في حين يتعهد صادق أمام قبائله بأن علي عبدالله صالح  وعائلته لن يحكموا اليمن ونحن على قيد الحياة.

> لقد اختزلت ساحات التقليد الثوري بوضوح في إرادة الشيخين وبمنهج القبيلة وتحت غطاء تجمع الإخوان المسلمين وبدعم المال المحلي والأجنبي بغية الانقلاب على مؤسسات الدولة والاستيلاء عليها في إطار حرب مقدسة قد تمتد لتحرق كل بارقة أمل في يمن مستقبلي خال من توحش الأيديولوجيا وجنون مجتمع ما قبل الدولة.

> حرب الجوف المذهبية مستمرة وصعدة دولة داخل الدولة وأبين تغلي بالفكر الظلامي الذي يهدد الدار والجار والصديق وساحات المحافظات الجنوبية والشرقية بين إخواني مع دولة الخلافة وانفصالي يبكي على ملك ضائع فرط فيه البيض والعطاس وبينهما متربص بدولة حضرمية أو متطلع لميراث سلطنة بائدة وما يوحد بين المختلف كله التهافت على جزء من غنيمة اليمن المنهك بفساد مراكز القوى المتحكمة فيه والعابثة باستقراره ومستقبله.

> إن معظم القوى المؤثرة في الأزمة اليمنية ثائرة وغير ثائرة في الداخل والخارج هي مشكلة اليمن الحقيقية إنها حجر العثرة الحقيقي أمام أي تغيير وما لم يتم ترويضها للانخراط في مشروع الدولة المدنية الواحدة لترفع وصايتها عن حاضر اليمن ومستقبله فلا يمكن التفاؤل بأي مستقبل للدولة المدنية المستقرة.

>  جميعنا نبحث عن تغيير حقيقي وجذري تغيير لا تقوده ميليشيات الشيخ ولا مجاهدو الإخوان ولا فساد العسكر ولا جوقة المأجورين من أنصار الفساد السلطوي ومن كبر باسمهم وهلل لكن لكي  نغير يجب أن نعترف ببعضنا وأن ننحي الشخصنة الثورية وأن نقبل بوجودنا الكلي المتعاضد لرسم خريطة للتغيير ننفذها سوية تحت غطاء ضامن من الأشقاء والأصدقاء من أجل مصلحة كل اليمنيين. أقول ماقرأتم  وكل رمضان واليمن بخير من كل زيف ثوري.

 

قد يعجبك ايضا