الأصدقاء مطالبون بإنقاذ الاقتصاد اليمني


استطلاع / محمد راجح –
قال خبراء ومختصون أن مشكلة اليمن الرئيسية هي بالدرجة الأولى مشكلة اقتصادية وتبعاتها المتعددة في الفقر والبطالة وتدني المستوى المعيشي للمواطنين.
داعين إلى ضرورة وضع الملف الاقتصادي في صدارة اهتمام الحكومة والمجتمع الدولي الراعي للمبادرة الخليجية بالتوازي مع الملفين السياسي والأمني.
وطبقاٍ لخبراء اقتصاد فإن المجتمع الدولي مطالب بالوفاء بالتزاماته تجاه اليمن وتحمل مسئولياته بدعم الاقتصاد اليمني والقيام بشكل فوري بتقديم التمويلات اللازمة للمشاريع التنموية التي ستعرض على مؤتمر نيويورك لأصدقاء اليمن.
محذرين من تفاقم الأزمة الاقتصاية بتبعاتها وتأثيراتها السلبية المتعددة إذا لم يتفاعل المجتمع الدولي وشركاء التنمية مع احتياجات اليمن الاقتصادية والتنموية وانعكاس وعودهم وتعهداتهم إلى مشاريع تنموية على ارض الواقع.

تتفاقم الأزمة الاقتصادية في اليمن مع انشغال الجميع في القضايا السياسية والأمنية وتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين واتساع الفجوة الحاصلة في الفقر والبطالة وعلى الرغم من قيام الحكومة بإعداد برنامج مرحلي للتنمية للعامين القادمين يستهدف استعادة الاستقرار السياسي والأمني والتعافي الاقتصادي وتعزيز الحكم الرشيد وتطوير آفاق التعاون مع شركاء التنمية بالإضافة إلى خطوات متعددة لتحريك الاقتصاد ورفع نسبة النمو والعمل على تثبيت الاستقرار السياسي والأمني وتهيئة البيئة المواتية للاستثمار الا ان هناك من يرى ضرورة ان تكون لديها رؤية واضحة للتعامل مع مشكلة البلد الاقتصادية والتنموية وبناء جسور شراكة بناءة وواقعية واستراتيجية مع الاصدقاء وشركاء التنمية.
يقول الدكتور عبدالرحمن ناجي فرحان الخبير الاقتصادي وأستاذ النظم الإدارية بجامعة صنعاء ان هناك جولات مكوكية متعددة قام بها رئيس الوزراء والحكومة وتم عقد العديد من الاجتماعات والمؤتمرات مع المانحين وأصدقاء اليمن لكن كما يبدو لا يوجد رؤية واضحة من قبل الحكومة بالدرجة الأساسية.
ويؤكد ان هذه الرؤية الضبابية تتجسد أكثر في عملية الانفاق وماهي مجالات الانفاق بمعنى ماهي احتياجاتنا للحصول على تمويل الآخرين لها .
لكن في الاجتماع الأخير – والحديث للدكتور عبدالرحمن- بدأت تتشكل الرؤية لدى الحكومة التي عرضت في اجتماع الرياض جزءاٍ من احتياجاتها التي سيتم فيها الانفاق.

ازمة سنوات
* يشير الدكتور عبدالرحمن الى أن الاقتصاد اليمني لايمر بأزمة فقط منذ العام الماضي بل منذ سنوات طويلة ويعد مشكلتنا الرئيسية التي تؤثر على مختلف الجوانب الاخرى.
ويضيف : يجب ان نقف امام نقطة هامة وعلى المجتمع الدولي واصدقاء اليمن التمعن في ذلك وهي ان الفقر هو المسيطر في اليمن وهناك اختلال مجتمعي كبير نتيجة الفوارق المعيشية لان طبقة صغيرة تسيطر على الثروة وتستطيع الحياة برفاهية مطلقة والغالبية يرزحون تحت فقر مدقع وحياة معيشية صعبة وقاسية ومن هذا المنطلق يجب ان تنبع المعالجات والحلول الاقتصادية والتنموية وغيرها.
وبحسب الدكتور فرحان فإن الفجوة والفوارق المجتمعية اتسعت بشكل رهيب خلال العامين الماضي والحالي ولهذا ارتفعت نسبة الفقر والبطالة لمستويات قياسية والاحتقان السائد خلق فرزاٍ مجتمعياٍ خطيراٍ ويمثل مشكلة حقيقية امام أي جهود المحلية او الدولية وفي كافة المستويات الاقتصادية والمجتمعية والسياسية.
ولهذا نحتاجاٍ والكلام لايزال للدكتور فرحان – ان تتركز جهود الحكومة بمساعدة ومساندة ودعم المجتمع الدولي على هذا الأساس أي معالجة المشكلة من اساسها بمعنى يجب تحديد مشكلتنا الرئيسية ومن اين تبدأ, بعد ذلك يتم بناء الخطط والبرامج التنموية والاقتصادية والاجتماعية وتركيز التعاون المشترك المحلي والدولي حولها.

تحديد مسارات التعاون
* يرى أستاذ النظم الادارية والاقتصادية ان المجتمع الدولي والمانحين يجب ان يقف مع اليمن ودعم احتياجاتها التنموية لكن وهو الأهم هناك ضرورة للتركيز على الجوانب التي تساهم في انجاح التعاون التنموي مع اليمن والمتمثلة بشكل رئيسي بالإنسان بالكادر البشري الذي يحوز على ثقة الجميع في إدارة المشاريع التنموية بكفاءة وفاعلية وشفافية ودرجة عالية من الوعي التي تخضع الجميع للادارة السليمة والمساءلة.
ويتطرق إلى نقطة هامة بالقول : إذا لم يكن الإنسان هو محور الاهتمام لن نحقق أي شيء في الجانب الاقتصادي والتنموي والدليل الفشل في استيعاب تمويلات مؤتمر لندن للمانحين والتي وقفت امامها الحكومة عاجزة تماما في التعامل معها وفي تخصيصها واستيعابها لغياب الرؤية والخطط التفصيلية الحقيقية والواقعية لتنفيذ المشاريع والسبب في ذلك غياب الكادر البشري المؤهل بكفاءة لإدارة هذه التمويلات والتعامل معها فنيا واقتصاديا وتنمويا وهندسيا .

انعاش اقتصادي
* من جانبه يشدد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد يحيى الرفيق رئيس قسم العلوم المالية والادارية بجامعة ذمار على ضرورة إنعاش الاقتصاد الوطني الذي يمر بمرحلة صعبة واستغلال الموارد المتاحة ومن أهمها تنمية القطاعات الواعدة والضرائب خلال الفترة الراهنة لرفد خزينة الدولة بالموارد المالية المناسبة.
ويشير إلى حاجة اليمن لتمويلات عاجلة تحدث استقراراٍ اقتصادياٍ ومعيشياٍحيث ينحدر النمو الاقتصادي لمستويات متدنية ومشاريع تنموية متوقفة ومتعثرة وتمر به العملية الاستثمارية من تراجع للاستثمارات ورؤوس الاموال .
وطبقاٍ للدكتور الرفيق فإن القطاعات الإنتاجية الواعدة وتنمية الإيرادات الضريبية البديل الأمثل للدعم الخارجي.
ويقول أن الاقتصاد اليمني لا يزال يصنف من ضمن البلدان العشرين الأقل نمواٍ في العالم على الرغم من أن المسيرة التنموية في البلاد بدأت منذ خمسة عقود.
وأرجع ذلك إلى محدودية الموارد البشرية الماهرة والمؤهلة والبنية المؤسسية وما ترتب عليه من تدني الإنتاجية وبالتالي انخفاض مستوى المعيشة.
مؤكداٍ أن الاقتصاد الوطني يرزح تحت وطأة إشكاليات انتشار الأمية ونقص المقومات الهيكلية ومحدودية النشاط الصناعي وقصور الموارد المالية.
وأضاف أن هامش النمو المعروف بمتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي لم يتعد 0.8% في السنوات الماضية بالإضافة إلى ان درجة انكشاف الاقتصاد الوطني على العالم الخارجي ارتفعت من 34.4% في عام 1990 إلى 162.28% في العام 2006م مشدداٍ على ضرورة أن لا يتجاوز عجز الموازنة العامة في حدود 3% من الناتج المحلي الإجمالي.

خطة استراتيجية
ويؤكد الباحث الاقتصادي عبدالله عبدالحكيم الماوري ان الحكومة اليمنية مطالبة بالعمل الجاد والدؤوب وبروح الفريق الواحد لنيل ثقة المجتمع الدولي والمانحين.
ويقول أن اليمن تحتاج لمساعدات عاجله واتخاذ إجراءات سريعة لوقف التدهور الحاد في النمو الاقتصادي والحد من معدلات التضخم وتراجع سعر العملة الوطنية والاهم تفاقم معدلات الفقر والبطالة وتجاوزها لمانسبته الـ50%.
ويدعو لوضع خطة إستراتيجية طارئة لبناء شراكة وثيقة بين اليمن ومجتمع المانحين وبشكل خاص دول مجلس التعاون الخليجي للاستفادة من قروض الدول المانحة لتعزيز عملية التنمية في القطاعات الواعدة.
وطبقاٍ للماوري فإن هناك أهمية لإعادة هيكلة الإنفاق العام لصالح المشاريع المحفزة للتنمية مثل الطرقات والمواصلات والاتصالات والكهرباء والمياه.
مشدداٍ على أهمية تعاون دول الخليج والمانحين في إيجاد برنامج لتنسيق السياستين المالية والنقدية وبما ينسجم مع تحقيق الأهداف الاقتصادية على المدى الطويل وخصوصا تحقيق التكامل بين السياستين بما يحد من ارتفاع الأسعار المحلية والمحافظة على استقرار سعر الصرف وبالشكل الذي يحفز الصادرات غير النفطية والأهم إيجاد خطة عاجلة لتمويل المشاريع التنموية التي اقرتها الحكومة.

دعم عاجل
يرى خبراء اقتصاد أن على المجتمع الدولي تحمل مسئولياته تجاه اليمن وعدم المماطلة في تقديم الدعم اللازم لإنعاش الوضع الاقتصادي والتنموي وتنفيذ مشاريع تنموية تساهم في التخفيف من الفقر والبطالة وإحداث استقرار اجتماعي واقتصادي ومعيشي ينعكس بشكل ايجابي على استقرار الأوضاع في البلاد بشكل عام.
وتتمثل الغاية العامة للبرنامج بالعمل على استعادة الاستقرار السياسي والأمني والتعافي الاقتصادي وتعزيز الحكم الرشيد وتطوير آفاق التعاون مع شركاء التنمية.
كما يتضمن خطوات متعددة لتحريك الاقتصاد ورفع نسبة النمو والعمل على تثبيت الاستقرار السياسي والأمني وتهيئة البيئة المواتية للاستثمار.
وتتصدر الاحتياجات الطارئة اهتمامات الخطة التي تستهدف تنفيذ برامج طارئة لتلبية حاجة السوق المحلي من المشتقات النفطية بصورة مستدامة وتوفير الطاقة الكهربائية والمضي في تنفيذ حزمة الإصلاحات الوطنية الشاملة.
واشتمل البرنامج أيضا على العديد من الإجراءات لإصلاح الوضع السياسة المالية والنقدية والعمل على تمويل عجز الموازنة من مصادر حقيقية وحشد التمويلات الخارجية الكافية لمشاريع البرنامج الاستثماري العام للبرنامج المرحلي , وكذا استمرار أسعار النفط عند مستويات مرتفعة وتحقيق الانسجام والتناغم بين السياسات الاقتصادية الكلية.
لكن وفقاٍ لخبراء فإن الحكومة مطالبة بالعمل على نيل ثقة المانحين والمجتمع الدولي وإظهار جدية ورغبة وإرادة للنهوض بالأوضاع الاقتصادية ودفع عجلة التنمية إلى الأمام ووضع حد لاستشراء الفساد والمحسوبية والقدرة على إعداد رؤية متكاملة وشاملة بالاحتياجات التنموية لليمن وعرضها على مؤتمر المانحين المقرر عقدة الشهر القادم.

قد يعجبك ايضا