كيف يمكن الحديث عن اقتصاد قبل ثورة سبتمبر والإنسان اليمني يعيش في القرون الوسطى¿


حاوره/ عبدالله الخولاني –

عناصر التطور كانت معدومة بقرار السلطات العليا آنذاك
65مليون ريال حجم أول موازنة لحكومة الثورة في 1964م
ما حققته الثورة لم يكن بحجم الطموحات والتضحيات التي قدمت

حكومة الثورة واجهت مشكلات لا حصر لها ..والمغتربون ساهموا اقتصاديا بفاعلية

لابد من استنهاض الهمم لتحقيق التحول السياسي الجاد وغير المظهري

حاوره/ عبدالله الخولاني

الحديث عن محطات تاريخية شهدها وطننا الحبيب ليس بالأمر الهين ونحن نحتفل باليوبيل الذهبي الـ50لقيام ثورة 26من سبتمبر نحاول تقديم تناولات جديدة تناسب حجم الحدث وتضيف شيئاٍ جديداٍ وغير مألوف بعيدا عن النمطية التي تعودنا عليها جمعيا فالحديث عن الاقتصاد اليمني بمرحلتيه قبل قيام الثورة وبعدها وبحيادية يكشف جزءا من المعاناة التي كانت قائمة آنذاك وما تحقق حتى لو لم يكن بحجم الطموحات والتضحيات التي قدمت كما يراها أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء والمسئول المخضرم الدكتور محمد العاضي الذي يرفض بشدة رغم الإلحاح تضخيم الأنا والإطراء فهو يشيد بفضل ثورة26 سبتمبرالتي كانت ثورة إنقاذ للإنسان اليمني من القرون الوسطى ويتكلم بحسرة عن بعض جوانب الفشل ويتحدث بأمل وتفاؤل عن المستقبل إذا صدقت النوايا وتضافرت الأيدي.. مزيدا من التفاصيل في سطور الحوار التالي:
> بداية لو تعطينا نبذة مختصرة عن وضع الاقتصاد اليمني قبل ثورة الـ 26 سبتمبر 1962م¿
ليس هناك من سمة أخطها في إجابتي للتاريخ سوى سمة واحدة فقط هي محل اعتزاز الإنسان في اليمن وهي أن الإنسان اليمني ذكوراٍ و إناثا كانوا منتجين في بيئة اقتصادية تكاد تكون منعدمة بمقاييس ومعايير الاقتصاد الحديث لسبب رئيس وهو أن أحد عناصر الفكر وهو العلم كان مغيباٍ ومعدماٍ وممنوعاٍ بأمر من السلطات العليا آنذاك « قبل الـ 26 سبتمبر 1926م ولم يتعاف الشعب اليمني من هذا المصاب الجلل حتى التاريخ أي رغم مرور خمسين عاماٍ ولا يزال الفكر اليمني تواقا في القطاع الاقتصادي والتنموي إلى عنصر العلم.
فأدوات وأساليب وفكر الاقتصاد التقليدي ما تزال الغالبة على الحياة الاقتصادية إلا ما ندر عند القليل من مؤسسات ومعامل الإنتاج في عصر ليس لهذه السلوكيات والأنماط الاقتصادية مكان. وبهذه العبارة أعني أن الاقتصاد اليمني ما يزال خارج اقتصاديات الدول الحديثة مع استبعاد مادة لنفط وهو اقتصاد ريعي لا تركن الدول مستقبلها عليه».

الإنسان معدم
هل نفهم من كلامك أن الاقتصاد كان غائبا تماما قبل ثورة 26سبتمبر¿
ليس هناك حتى ما يدعو إلى الحديث عن اقتصاد أكثر من متخلف راكد وساكن من العصور الوسطى إنما المهم من الثورة السبتمبرية أنها كانت ثورة إنقاذ من أجل الإنسان في اليمن ثورة نهضت بحقوق الإنسان في الإسلام وإذا كان الإنسان بدون حقوق فكيف سترتكز الأسس الاقتصادية فما بالك بالعمليات الاقتصادية¿
كيف تعاملت أول حكومة بعد قيام ثورة الـ 26 سبتمبر مع قضية الاقتصاد وتحسين الحياة المعيشية للمواطن¿
هنا واسمح لي أن مضطر لأصارحك بأن مجمل أسئلتك السابقة واللاحقة مرحب بها لكنها سوف تأخذنا إلى أحاديث ذو شجون..فالشجن يحيط بذكرى خمسين عاماٍ للثورة اليمنية بما قدمته من تضحيات غالية من علماء وشخصيات « اجتماعية ومشائخ وطنية وطلبة علم .. ولكن الحصاد أي ما أنتجته الثورة قليل جداٍ بالمقارنة مع التضحيات.. فلم يحدث التغيير الاجتماعي فئات وطبقات وأحدثت الأحداث أيضاٍ متنفذين باختصار مالم تحصل عليه هو الجيل الجديد الخالي من مشكلات الأمية والفقر والمرض والتعاون الطبقي والفئوي.. تعال بنا لمراجعة أهداف الثورة.. ثورة الـ 26 سبتمبر رغم أن أجواء ثورة الربيع العربي في اليمن في فبراير 2011م قد أتت بدعم وبزخم جارف لنصرة أهداف الثورة اليمنية عموماٍ ثورة الـ 26 سبتمبر وثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م.
والمؤسف وقبل أن نستعرض أهداف ثورة الـ 26 سبتمبر تفرض عبارة أو سؤال عن حديث مايزال في الشارع اليمني وفي مراكز السلطة ومنظمات المجتمع المدني تمثل مخاضاٍ فكرياٍ في أذهان وعقول البعض.. نتيجة حيرة البعض بين ماهو أي ما حدث في عام 2011م.. أزمة سياسية وبين حقيقة شباب قدموا أرواحهم رخيصة لبناء اليمن الجديد ونصرة الأهداف ثورة الـ 26 من سبتمبر واعتصموا في ساحات وميادين مدن محافظات الجمهورية لأكثر من عام .. وهذا يعكس ما أشرنا إليه يعبر عن شئون.. شئون البلاد والعباد.
أتساءل: لماذا نخفي حقيقة ماوصلت إليه الأمور من أوضاع سيئة نحو أبنائنا الشباب حيث لم يجدوا أمامهم سوى البطالة في الشارع وفي داخل بيوتهم آهات آبائهم وإخوانهم الذي أحيلوا إلى التقاعد وأقصوا عن العمل.. وأما القادرين على العمل إحباطات وانتكاسات.. الجميع يعيشونها داخل البيوت وداخل مؤسسات الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع والتحذيرات تتصدر وتعلن وتصرخ منذ عام 2006م ولا نجيب فصفحات ومجلات تقارير أجهزة الرقابة ودور الإعلام مكتظة ببيانات ومعلومات الفساد وشلل الدولة¿ والبرلمان بغرفتيه يستنجد ولا مجيب¿
ماهي انطباعات من بقوا ولازموا الدفاع عن الثورة اليمنية حتى عام 2011م من أفسد بل من قضى على أحلامهم.. بل في الأخير من أخل وجمد العمل بأهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر و14 أكتوبر¿ ماذا يريد أصحاب ذهنية من قالوا بالأزمة السياسية وليس بثورة الشباب¿
معظم أبناء المجتمع اليمني لن يقفوا على أطلال الانتكاسات والجمود والانهيار الاقتصادي والوظيفي بعد الانهيار المؤسسي للدولة¿ ماذا كشفت ثورة الشباب¿
ماظهر بعد الثورة اليمنية وهو مؤشر لنتائج دور التعليم بمناهجها العتيقة ودور الثقافة التي حصرت أنفاسها في مؤسسات لا تخرج من مصطلحات النماذج .. العينات» كي يقولوا أن لدينا مراكز ثقافية ومكتبات.. وإعلام سلطوي يرسخ النشأة الأسرية لإخراج وإنتاج جيل خنوع ذليل لا يخرج عن خدمة .. السلطان ومتنفذيه.. عكس ما أردت الثورة اليمنية.
وإلا فليجيبوا على مصير أهداف الثورة اليمنية وبعد خمسين عاماٍ من الصبر والانتظار وحتى إذا لم تتم الإجابة. فالجميع يعلم أن الثورة اليمنية مرت بمحطات سوف يتحدث التاريخ عنها بالتحليل الموضوعي ولن يرحم.
في الأسبوع الماضي في أحد المنتديات يحاضرنا سياسي بارز يتذمر لعدم وجود الدولة وأيضاٍ عدم وجود المجتمع وماهو موجود طبقات فئوية– مشائخ وقبائل وجماعات مذهبية ياعيباه أن نصل بعد خمسين عاماٍ من الثورة إلى وضع تشرذم فيه اليمن وشعب يتشرذم كما يؤكد علماء الاجتماع والأخلاق لا يستحق الحرية والكرامة.
من جديد لنقف أمام أهداف الثورة اليمنية ونوكل الإجابة على القارئ.
أولاٍ: التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما –تحقق الجزء الأول.. بينما الجزء الثاني منه وهوإقامة حكم جمهوري عادل –والجزء الثالث أيضاٍ.. وإزالة الفوارق والامتياز بين الطبقات..لم يتحققا.
وبقية الأهداف كما نسردها كذكرى تنفع المؤمنين ولا تعليق عليها نتركها للقارئ.
ثانياٍ: بناء الجيش الوطني.. لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها.
ثالثاٍ: رفع مستوى الشعب اقتصادياٍ واجتماعياٍ وسياسياٍ وثقافياٍ..
رابعاٍ: أنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف
خامساٍ: العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة
سادساٍ: احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية..إلخ

كفاءة علمية
> من هو أول شخص تولى حقيبة وزارة المالية في حكومة الثورة¿
كان أكثر كفاءة وعلما في جيله الأستاذ عبدالغني علي رحمة الله عليه.
> كيف تعاملت أول حكومة بعد قيام الثورة ثورة 26 سبتمبر مع قضايا الاقتصاد وتحسين الحياة المعيشية للمواطن.¿
الحقيقة ليست كما يتصورها اليوم أي إنسان لم يعش تلك الفترة..فالحكومة كانت تواجه مشاكل لا حصر لها منها على سبيل المثال أكثر من 114 جبهة للدفاع عن الثورة والجمهورية, وفي المقدمة للدفاع عن آدمية الإنسان آنذاك غير أن رجالاٍ مخلصين من أبناء اليمن ومصر الشقيقة بدأوا بدعوة المغتربين للعودة وبتشغيل رؤوس أموالهم وإنشاء البنك اليمني للإنشاء اليمني والتعمير وإنشاء الشركات النقل والكهرباء والنفط التجارة الخارجية غير أن الأوضاع ما كانت مستقرة سواء الأمنية أو السياسية وكان الاعتراف بالنظام الجمهوري محصور بعدد من الدول العربية الشقيقة ودول عدم الانحياز والدول الاشتراكية هذا بالنسبة للسنوات الأولى من عمر الثورة والحديث حول أوضاعنا اليوم 2012م يطغى على أي حديث والتفكير بمستقبل اليمن الجديد أهم وأجدى.
> كم بلغ حجم أول ميزانية في اليمن ومصادر تمويلها¿
يسجل التاريخ الموازنة 1964 خمسة وستون مليون ريال.
> ماهي رؤيتكم للأوضاع الحالية في اليمن ..ونظرتكم المستقبلية¿
الأوضاع الحالية في اليمن نقصد في الفترة 2012م حتى فبراير 2014م تتطلب استنهاضا جاداٍ وطنياٍ يمنياٍ يتقدمه النخب والعلماء والمفكرون إلى التفكير السليم للبحث في دوافع ثورة الربيع العربي بشكل عام وثورة الشباب في اليمن بشكل خاص والتحول السياسي الجاد وغير المظهري سعياٍ للاستقرار والأمن والسكينة للمواطن والوطن.
الأزمات الثلاث التي تواجهها اليمن السياسية والأمنية والاقتصادية تم من قبل السلطة العليا وضع وتشكيل فريق عمل للأولى والثانية فيما بقت الأزمة الاقتصادية ماتزال دون فريق عمل ينتج سياسة واستراتيجية تخدم اليمن ويعمل الفريق في ظل أسس الحكم الرشيد والشفافية وأن يعمل على شرط توافر العنصر العلمي من خلال تحديد الرؤى ووضع الأهداف والاستراتجيات.
يجب أن يتبع فريق العمل قياديون في المؤسسات أو الوحدات الاقتصادية في الحكومة « أعضاء» وفي مؤسساتها المركزية واللامركزية بدرجة أساسية في وضع الاستراتجيات للأهداف وفي متابعة الخطط والتقييم وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب في إطار القوانين المنظمة.. على أن يتقوا الله في تفسير مضامين مواد القوانين وأن لا يجتهدوا فوق النص حتى يؤتوا بين الحصانة السياسية التي منحت للقياديين من الوزراء ونوابهم وبين العمل بالقوانين المتعلق بالمسألة تجاه التجاوزات والمخالفات القانونية فليس هناك حصانة فحماية المال العام مسئولية شرعية وقانونية ووطنية.
أيضا من المعايير والمقاييس الهامة لكل ماهو عمل جاد وسليم وبين ماهو غير سليم أن كل أمر يتخذ مشروط بعدد من الاعتبارات فالإدارة مصطلح مركب وتعنى التخطيط السليم التوجيه الدقيق المتابعة الموضوعية أي المبنية على الخطط والبرامج والمسألة بتفعيل مبدأ الثواب والعقاب.
أمر آخر النفقات العامة.. مشروطة بأنها مبلغ نقدي في الاقتصاد الحديث وليس أنفاقاٍ عينياٍ» الأمثلة التي تفضح الفساد عديدة» والشرط الثاني المفوض بموجب القانون العام ولدينا أمثلة سيئة عديدة في وزارة واحدة أكثر من 4 وحدات حسابية والقانون ينص على وحدة محاسبية واحدة.
الشرط الثالث وهو مالم يفعل وأجزم أنه في حالات عديدة وكثيرة لم يفعل وهو أن تكون النفقة العامة لمنفعة عامة أما الشرط الرابع أن يكون الصرف من الخزينة العامة حيث يتولى البنك المركزي العمل بذلك وليس من خارجها وما يحدث أننا نرى مايسمى بالصناديق المتخصصة وأحياناٍ من صناديق المصالح الإيرادية وثالث من مخصصات السلع الخاص بتسيير العمل للجهات وكفى.
أمر آخر نتحدث عنه ولم نحققه على أرض الواقع:

السياسيات والحاجة إلى الإصلاح:
وخلال الخمسين السنة الماضية: إلا فيما ندر من السنوات الماضية لم يلفت النظر من قبل القائمين على إدارة الدولة إلى ماهو سلبي وشاذ للثورة اليمنية من ذلك:
عدم مشاركة المعنيين في الأمر داخل وحدات أجهزة الدولة وإيفاد أعضاء في الوفود كضيافة من خارج المهمة أي لا علاقة لهم بأمر المهمة وكذاعدم التوثيق بالقرائن السلبية التي تنتجها المؤسسة والاكتفاء باستنزاف المخصصات المالية دون حرص على الأهداف الموضوعية للمخصص المالي « جرأة عجيبة» وممارسة الضحك على المجتمع بإذاعة ونشر بيانات بأخبار نتائج اللقاءات والمشاورات لكل ما هو خارج اللقاء وما تم من مشاورات أي دون إذاعة الحقائق إضافة إلى التحايل من اجل استنزاف المال العام ففي الكبائر مثلا مشاريع النفط والكهرباء والطرقات والموانئ أي مشاريع تسهم في التنمية مخصصاتها تذهب لمنافع خاصة بالعاملين» القياديين» بالمؤسسة وأحياناٍ من هم من خارج المؤسسة.
فالقياديون ممنهجين بأن يأكلوا من داخل المؤسسة ومن خارجها..
أمر ثالث « وكفى» الحاجه إلى إصلاح حقيقي من خلال الحوار الوطني ويمكن تلخيص ذلك من خلال سد الثغرات والنقص في أحكام فصول الدستور من ذلك الفصل الخاص بالشئون الاقتصادية والفصل الخاص بالشئون المالية « الدولة» وإزالة كل مسلك يؤدي في النتيجة إلى استمرار الرواسب الطبقية المنبوذة شرعاٍ وقانوناٍ المتكئة على البنية الفكرية القبلية أو المناطقية أو السلالية وأخيراٍ المذهبية في مقابل وضع أسس تنظيم دستور معتمد يكفل المواطنة المتساوية للجميع كما يكفل الواجبات والحقوق العادلة وكرامة الإنسان بناء نظام سياسي يكفل عدم التناحر والتقاتل وهذا لن يتم إلا بمشاركة الجميع في صياغة الدستور وضمان المشاركة الشعبية في عمليات اتخاذ القرار ولابد من الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وأيضاٍ التركيز على الاهتمام بمبدأ الرقابة والمساءلة والمحاسبة بتضمين أسس مكونات الحكم الرشيد
وكذا مكافحة الفساد بصدق وجد والحاجة إلى دور إعلامي مستنير مثقف علمي يخدم الأمة والوطن بالإضافة إلى رفع شأن التعليم بإزالة المناهج العتيقة وبتدريب القائمين على التعليم في دورات حقيقية تتم الترقية عليها وتوفير المعلم لكن في مختلف مراحل التعليم. والله من وراء القصد.

قد يعجبك ايضا