رجال الأعمال اليمنيون يطالبون بتنفيذ منظومة إصلاحات وطنية شاملة لصنع مستقبل أفضل

تقرير/أحمد الطيار –
قال رجال الاعمال اليمنيون إن تحقيق الأهداف التنموية الشاملة لبلادنا في إطار الشراكة الإقليمية الفاعلة يتطلب من الحكومة القيام أولا بكل الإصلاحات الوطنية الشاملة والتي تمثل المدخل الحقيقي لمواجهة التحديات الاقتصادية وغيرها من التحديات الأخرى وهي كفيلة بتحقيق الاستخدام الكفؤ للموارد ومن ثم زيادة الإمكانيات لمكافحة الفقر والبطالة ورفع معدلات النمو الاقتصادي التنمية في اليمن مشيرين إلى أن اليمن تواجه في الوقت الراهن الكثير من التحديات والمتمثلة بدرجة أساسية بتحديات نضوب النفط والتحديات السكانية وشحة الموارد المائية إلى جانب ضعف البنية البشرية في ظل تزايد التحديات الأمنية والسياسية.
وحسب التقرير الاقتصادي الأول الصادر عن نادي رجال الأعمال اليمنيين فإن الواقع الحالي يظهر أن اليمن يعاني من أزمات متعددة ومركبة وقد أثبتت الأحداث والوقائع في الفترة الماضية أن الأزمة اليمنية بمظاهرها المختلفة قد تجاوزت حدود وقدرات وإمكانيات اليمن وأصبحت تتطلب ليس فقط حشد كل الطاقات والإمكانيات الوطنية وإنما أصبحت تتطلب تدخل مساعدة الخارج أكثر من أي وقت مضى لمساعدة اليمنيين على إيجاد الحلول والمعالجات الشاملة للتغلب على مجمل التحديات التي تواجههم من خلال تقديم الموارد المالية الكافية لتمكين اليمن من تحقيق الأهداف التنموية الشاملة وفي إطار شراكة إقليمية فاعلة مع دول مجلس التعاون الخليجي توفر الأمن والاستقرار للمنطقة ويحقق لليمن المكاسب الاقتصادية والسياسية المرجوة.
وأضاف التقرير الاقتصادي : إن مشكلة اليمن لا تكمن أساسا في نقص الموارد وإنما في طريقة إدارة الموارد كواحدة من التحديات التي يمكن التغلب عليها بتنفيذ منظومة الإصلاحات الوطنية الشاملة باعتبارها الأساس الذي يراهن عليه اليمنيون لصنع مستقبل افضل لليمنيين.
ومن ناحية أخرى فإن تنفيذ البيئة الاستثمارية المناسبة مرهون بتحسن مجمل الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية لما لتلك الأوضاع من تأثير قوي على مناخات الاستثمار والذي بدوره يشكل العامل الأساسي والشرط الضروري لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة إذ يجب على الدولة أن يكون من أولوياتها العمل على الحد من اتساع دائرة الفساد وانتشار الفقر والذي من شأنه تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في اليمن.
ولفت التقرير إلى أنه يجب على الدولة توفير الخدمات العامة والأساسية لجميع المواطنين كما أن على الدول المجاورة وجميع الدول التي تهتم باليمن العمل بقوة وفعالية لدعم مسيرة التنمية وفق رؤية تعمل على توحيد الجهود الداخلية بجانب تقديم الدعم المادي الكافي لوضع اليمن في المسار الإيجابي بأبعاده الداخلية والخارجية مؤكدا أن الشرط الأساسي لإنجاز كل ما تقدم هو توافر الرغبة المقترنة بالقدرة على تحقيق التغيير المنشود وليس لنا من طريق آخر أن نسلكه وإن لم نفعل تفرقت بنا السبل.
واعتبر التقرير أن تحديات نضوب النفط تمثل اكثر التحديات فأسعار النفط المرتفعة أسهمت في مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 31% من الناتج خلال الفترة من 2002 – 2009م واكثر من 92% من الصادرات وشكلت الإيرادات النفطية اكثر من 70% من الإيرادات العامة خلال الفترة نفسها وهو ما جعل عجز الموازنة في الحدود الآمنة مع تحقيق فائض في بعض السنوات إلا أن الوضع بدأ يتبدل في العام 2009م حيث وصل العجز في الموازنة العامة للدولة إلى 9.1% من الناتج المحلي الإجمالي وذلك بسبب انخفاض أسعار النفط إثر الأزمة المالية العالمية التي بدأت في الربع الأخير للعام 2008م ووصلت على إثرها أسعار النفط العالمية إلى اقل من 40 دولارا للبرميل إلى جانب أن الإنتاج النفطي لليمن بدأ يتناقص بصورة مستمرة خلال الأعوام الأخيرة واصبح حجم الإنتاج النفطي في حدود (280 ألف برميل يوميا) في الوقت الحالي بعد أن وصل إلى 430 ألف برميل في عام 2004م بحسب وثائق مؤتمر الرياض في 2010م مبيناٍ أن الإجمالية المنتجة من النفط الخام انخفضت من 1.475 مليون برميل عام 2004م إلى 1.074 مليون برميل عام 2008م.
وتشير التوقعات إلى استمرار التراجع في إنتاج النفط الخام خلال الفترة القادمة مما سيتسبب في تراجع الإيرادات النفطية بسبب توقعات استمرار او تراجع حصة الحكومة من إنتاج النفط الخام من 71.3 مليون برميل عام 2008م إلى 30 مليون برميل عام 2015م حيث يتوقع أن تكون اليمن مستورداٍ صافياٍ للنفط في ذلك التاريخ.
وتشير معظم التقارير الرسمية والدولية إلى أن المخزون النفطي المكتشف في اليمن سوف ينفذ بحلول العام 2018م في ظل عدم حدوث أي اكتشافات نفطية مهمة في اليمن خلال هذه الفترة ولذلك فإن الأوضاع الاقتصادية مهددة بمزيد من التدهور خاصة في حال بقاء المساعدات الخارجية عند مستوياتها الحالية دون مضاعفتها.
كما تشير التقارير المتحفظة إلى أن الاحتياطي المتبقي من النفط المكتشف في اليمن في حدود مليار متر مكعب رغم أن بعض التقارير تشير إلى وجود كميات اكبر ربما تزيد عن 4 مليارات متر مكعب إلا أن البدء في إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال منذ الربع الأخير للعام 2009م سوف يسهم في التخفيف من تراجع دور القطاع النفطي في النشاط الاقتصادي وفي الإيرادات العامة ويقدر احتياطي اليمن من الغاز الطبيعي بنحو 1.015 تريليون قدم مكعب خصص منه 9.15 تريليون قدم مكعب للتصدير لمدة عشرين عاما بعائد متوقع بتراوح بين 700 مليون ومليار دولار سنويا خلال الفترة الكاملة وإن كان العائد المتوقع خلال السنوات الأولى أقل من 300 مليون دولار سنويا.
كما أن تراجع التدفقات الاستثمارية في اليمن يكشف عن ضعف الاقتصاد اليمني ومحدودية قاعدته الإنتاجية وهو ما يجعل حالة النمو الاقتصادي في البلد في وضع متراجع ويجعل الأوضاع المالية في حالة مقلقة إذ أن الاختلالات المالية التي تعاني منها الموازنة بسبب تراجع الإيرادات النفطية قد تصل إلى درجة يصبح معها الوضع كارثيا وهو الأمر الذي يستدعي من الحكومة والدول المانحة وضع برنامج إنقاذ مالي خلال السنوات الخمس القادمة إذ يتوقع أن يصل عجز الموازنة إلى أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي خلال ثلاث سنوات من الآن.
وقد أوضحت التقارير الحكومية المقدمة إلى المانحين في مؤتمر لندن ومؤتمر الرياض عام 2010م أن الموازنة بحاجة إلى دعم مباشر لا يقل عن 2.6 مليار دولار سنويا ابتداءٍ من عام 2010م كما أوضحت أن حجم الفجوة التمويلية للخطة الخمسية الرابعة 2011 – 2015م يصل إلى نحو 39 مليار دولار وتمثل نسبة تزيد عن 75% من إجمالي التمويل المطلوب لمجمل المشاريع المتضمنة في الخطة الخمسية الرابعة.
ولفت التقرير إلى خطورة التوسع في النفقات الجارية وتفاقم العجز في الموازنة العامة للدولة من خلال استحواذ النفقات الجارية على اكثر من 80% من إجمالي النفقات العامة خلال الثلاث السنوات الأخيرة وذلك على حساب النفقات التنموية وتمثل المرتبات والأجور ودعم المشتقات النفطية وخدمة الدين العام نسبته 75% في المتوسط من إجمالي النفقات الجارية للفترة من 2004 – 2008م بحسب النشرة المالية الصادرة عن وزارة المالية مما أدى إلى تفاقم العجز حتى تجاوزت الحدود الآمنة ويتوقع أن تصل عجز الموازنة إلى نسبة 12 – 15 % خلال الفترة 2011 – 2013م الأمر الذي يهدد باختلالات كبيرة في الموازين الاقتصادية الكلية الداخلية والخارجية ويهدد مستقبل البلد التنموي برمته وهو ما يتطلب التسريع بإنجاز الإصلاحات المؤسسية الشاملة ومن ضممنها الإصلاحات المالية والاقتصادية لمواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة القادمة والاستعانة بالدعم الخارجي الكافي للمساعدة في الخروج من عنق الأزمة على المدى القصير وتحقيق الإنجاز الاقتصادي التنموي على المدى المتوسط والطويل.

قد يعجبك ايضا