شلل الأطفال .. وموعد يتجدد لحملة تحصين وطنية


إعداد/وهيبة العريقي –
. يستشعر الآباء والأمهات المحبون لأطفالهم االحريصون عليهم وعلى عيشهم ونموهم بسلام معنى بقائهم أصحاء بكامل عافيتهم فلا يهدأ لهم بال ولا خاطر إذا ما وقع ضرر بأحدهم ثم لم يبرأ منه أو ساء حاله واستبدت به المعاناة.
كيف – إذن – بهم وبالحال الذي صاروا إليه إن وقع طفل لهم في شرك الإصابة بشلل الأطفال وامتدت إلى جسمه تكبله قيود الإعاقة والعجز¿!

نعم ليس هناك وجود على أرضنا الطيبة لفيروس شلل الأطفال – والحمد لله – وذلك منذ قرابة خمس سنوات وما عاد يشكل تهديداٍ لفلذات الأكباد بالصورة التي كان عليها سابقا ولن يكون كذلك – بمشيئة الله – طالما الناس حريصون جميعاٍ على تحصين أبنائهم وبناتهم دون سن الخامسة باللقاح المضاد لهذا الفيروس إلى جانب تحصين من هم دون العام والنصف من العمر – تحديداٍ – بالجرعات الروتينية والتي من بينها جرعات لقاح شلل الأطفال.
لكن هذا لا يغفل – حقيقة – إمكانية تسلل الفيروس من بلدان إقليم شرق البحر المتوسط الذي تقع اليمن في كنفه – بحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية – مثل أفغانستان وباكستان و حتى خارج الإقليم في أفريقيا مثل (نيجيريا أفريقيا الوسطى الكونغو) وذلك عبر حركات السفر المتواصلة بين البلدان دون توقف.
فلو غادر من تلك البلدان أناس يحملون عدوى المرض إلى أي بلد – لو كان مجاوراٍ كأي من دول الخليج أو حتى السعودية – نقلوا بذلك المرض إلى الأرض التي قصدوها فتنقل عدوى فيروس الشلل البري إلى الأطفال ضعيفي المناعة ومن لم يحصلوا على كفايتهم من اللقاح الفموي المضاد لفيروس شلل الأطفال وما أيسر تسلله حينئذ عبر الحدود ثم انتشاره في البلاد – متى واتت له الظروف وتهيأت – ليعود بنا الحال إلى حقبة ظهوره وانتشاره الوبائي المفزع خلال عام 4002م و 5002م.
إن لفيروس شلل الأطفال قدرة عجيبة على التأقلم في مختلف الظروف متى وجد بيئة مناسبة لاحتضائه وبقائه.. تؤمن له الانتشار كحال عدم النظافة الشخصية والجماعة فالقذارة والعبث بالقاذورات أو بقاياها تمكن للمرض من الانتقال الى أجساد الأطفال بسهولة عبر الفم وذلك لأن البراز أو بقاياه العالقة على الأشياء سواء ظهرت بوضوح أو خفيت على الأعين قد يقع شيء منها في الطعام الذي يتناوله الطفل أو في يده وبهذه الكيفية أو من خلال وضع الطفل يده الملوثة في فمه – في ظروف وجود المرض – سهل على الفيروس المسبب لشلل الأطفال الانتقال إليه ليدخل في معترك الإصابة والمعاناة وهو ما يجب الحذر منه على الأطفال كي لا يقعوا في هذا الخطر.
فالنظافة خط دفاع مهم للوقاية من داء شلل الأطفال لكنها لا تكفي وحدها لتقي الصغار تماماٍ من الإصابة بل يجب – أيضاٍ – تحسين حالتهم الغذائية بمدهم بالأغذية الغنية بعناصرها الغذائية المفيدة للنمو السليم ولتحسين وزيادة مناعتهم الجسدية ثم لا بد لهم من خطوات أخرى هي الأهم في أولويات ومعطيات الوقاية الكاملة ضد مرض شلل الأطفال ولا غنى عنها ألا وهي حصولهم على جرعات متكررة من اللقاح المضاد للمرض من خلال التحصين الروتيني بالمرفق الصحي ضد أمراض الطفولة التسعة القاتلة والتي من بينها داء الشلل. فالأطفال المستهدفون بهذا التطعيم – تحديداٍ – من هم دون العام والنصف من العمر.
علماٍ بأن التحصين الروتيني يبدأ في وقت مبكر اعتباراٍ من اليوم الأول على ولادة الطفل كذلك لابد للتحصين أن يشمل في كل حملة وجولة له جميع من لم يتجاوزا بعد سن الخامسة كهذه الحملة الوطنية الجديدة ضد شلل الأطفال فقد تقرر تنفيذها من منزل إلى منزل في الفترة من (11-31 يونيو 2102م).
ناهيك عن جاهزية المرافق الصحية والمستشفيات لتحصين الأطفال المستهدفين الذين يجيء بهم ذويهم إليها وكذا توزيع فرق التطعيم على مواقع مؤقتة ليكونوا قريبين من مساكن المواطنين – من باب التسهيل عليهم – حتى لا يتجشموا عناء قطع المسافات الطويلة حاملين أطفالهم للوصول إلى المرافق الصحية المقدمة لخدمة التطعيم.
ولا أحسب أن الآباء والأمهات – إذا ما حرموا أطفالهم من التحصين – أنهم يمهدون للمرض ليجد ضالته بتلقي أطفالهم لعدوى الإصابة وقد قل حظهم من نيل جرعات متكررة من لقاح شلل الأطفال أي أنهم بإعراضهم هذا يجعلون أطفالهم منالاٍ سهلاٍ للإصابة بشلل الأطفال وبؤرة للمرض تعيد له الحياة في اليمن بعد طول غياب لا قدر الله.
لا مأمن لأي طفل يحرم من التحصين من أن يقع في شرك الإصابة – لا سمح الله – ولا عذر لأي أب أو لأم يتنحي أو تتنحي جانباٍ فيمنع الأطفال منه وقد دنا موعده وتأهب العاملون الصحيون في مختلف أنحاء وربوع اليمن للقيام بمهامهم في تحصين جميع الأطفال دون سن الخامسة في الفترة من (11-31 يونيو 2102م) سواء من منزل إلى منزل أو عبر المرافق الصحية أو مواقع التحصين المؤقتة والمستحدثة.
إنها ثلاثة أيام فقط وخلالها ستكون هذه الفئة العمرية من الأطفال بنين وبنات في سائر المحافظات على موعد مع حملة التحصين الوطنية ضد شلل الأطفال ولا استثناء فيها حتى بالنسبة للمواليد حديثاٍ وجميع من حصنوا مراراٍ وتكراراٍ ضد هذا المرض ومن يعاني الإصابة بمرض ما أو من يعاني من اعتلال طفيف كالحمى العادية أو الزكام والرشح أو الإسهال.
لكن الضرورة في حالات الإسهال تقتضي إعادة إعطاء الجرعة للطفل الذي يعاني من الإسهال بعد تماثله للشفاء من أجل ضمان فاعلية الجرعة التعويضية وجدواها في تعزيز مناعته الجسدية المكتسبة فلعله لم يستفد من الجرعة السابقة – كما ينبغي- بسببه.
وأقول لمن يصغي لكل مدع مشوهُ للتحصين ومروج للشائعات المضللة كالزعم بأن لقاح شلل الأطفال يحتوي على مواد كيماوية أو هرمونية لها آثار جانبية يمكن أن تؤدي إلى العقم أو أنه يحتوي على مواد نجسة ضارة بالبدن وما إلى ذلك من إدعاءات أن يدع ما يقال لأنها مجرد أكاذيب وافتراءات زائفة .. فالأحرى الإصغاء لمنطق العقل والعلم والدين الحنيف الذي حث المسلمين ولا يزال على التداوي وطلب الاستشفاء وعلى تجنب الأمراض والعلل ما أمكن.
ويحضرني فيمن يروجون الشائعات قول الشاعر:
لكل داءُ دواء يْستطب به
إلا الحماقة أعيت من يْداويها
على الآباء والأمهات- إذن- الوثوق من أن التطعيم ضد شلل الأطفال السبيل الوحيد لحماية وصون جميع أطفالهم دون الخامسة من العمر من ويلات هذا الداء لما يسببه من إعاقة وتشويه للجسم ليصير منالاٍ للعجز والإعاقة ولأنه بالإمكان أن يسلمه للموت بوحشية فالفرصة سانحة طالما حملات التطعيم قائمة وتستهدف سائر الأطفال دون سن الخامسة وطالما التحصين الروتيني مستمر في المرافق الصحية على الدوام لتطعيم من هم دون العام والنصف من العمر وليكونوا على الموعد ولا يجدر بهم التأخر حتى لا يفوتوا الفرصة على أطفالهم .. والله من وراء القصد.

المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان

قد يعجبك ايضا