رسائل من مؤتمر أصدقاء اليمن


بعد انفضاض اجتماع أصدقاء اليمن الذي التأم في عاصمة المملكة العربية السعودية يوم 23 مايو الماضي وبعد النتائج الطيبة التي تمخض عنها أرى أن من الواجب علينا أن نقف أمام نتائج هذا التجمع الدولي الهام الذي اجتمع في الرياض في ضوء المشهد السياسي والاقتصادي والإنساني والأمني الذي تعيشه اليمن وهي تنتقل بخطوات وئيدة ولكن واثقة لتنفيذ التزامات المرحلة الثانية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
فعلى الرغم من أن اجتماع أصدقاء اليمن في الرياض لم يكن في الأساس اجتماعا للدول المانحة وإنما منتدى سياسي لأصدقاء اليمن وكل من يهمه تقديم الدعم السياسي لليمن والمبادرة الخليجية وعملية الانتقال السياسي السلمي للسلطة كنموذج يحتذى للتغيير اختاره أبناء اليمن ولقي الدعم والإسناد من الأشقاء والأصدقاء إلاِ أن حكومة خادم الحرمين الشريفين أكدت خلال الاجتماع الأخير على كافة الأطراف المشاركة أهمية فهم تعقيدات الوضع الذي تمر به اليمن والحاجة إلى تقديم الدعم لها وانطلاقا من ذلك أعلن تقديم المملكة مبلغ 3.25 مليار دولار أمريكي لدعم العملية الانتقالية وتوفير المناخات الاقتصادية والتنموية اللازمة لاستقرار اليمن. مع تطلعه إلى نهاية شهر يونيو القادم حينما سيلتئم اجتماع المانحين في العاصمة السعودية لإعلان التزامات أصدقاء اليمن في دعمهم للاقتصاد اليمني وإنعاش كافة البرامج الاستثمارية وضخ المزيد من فرص العمل في السوق اليمنية.
وبتصوري أن الرسالة التي رغبت المملكة إرسالها إلى كافة الأصدقاء أن اليمن بحاجة إلى إسهام سخي بمستوى الاسهام السعودي خلال مؤتمر المانحين القادم حتى تتمكن الحكومة اليمنية من جسر الهوة التي أوجدتها الأزمة السياسية والشروع بتنمية حقيقية تعيد لليمن مكانته الهامة في منطقته والإقليم والعالم وتخلق فرص العمل لليمنيين.
لقد أرسلت أكثر من أربعين دولة ومنظمة دولية رسائل هامة إلى اليمنيين كافة ففي الجانب السياسي كانت رسالة الأصدقاء الموحدة بأن السير في طريق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وفي ضوء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014 هو السبيل الوحيد للخروج باليمن من محنتها وان خارطة الطريق على قدر من الوضوح لا يتسع معه السير فيها بلغة المماحكات والتلويح بالعنف والعنف المضاد والتفسيرات الخاطئة لبعض الأجنحة بهزيمة هذا الطرف أو ذاك. وهنا فإن على كافة الأطراف السير خلف رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي لاستكمال التحضيرات لإجراء الحوار الوطني وتنفيذ استحقاقات المرحلة القادمة وصولا إلى صياغة الدستور الجديد وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة في فبراير 2014م. إن الطريق للخروج من نفق الأزمة هو طريق يمني اختاره أهل اليمن بكافة قواهم السياسية الفاعلة.
أما الرسالة الاقتصادية والتنموية فمحتواها يتلخص في أن خيارات التنمية والتطور والطريق لبناء يمن مزدهر يبدأ في المرحلة الانتقالية فما سنزرعه اليوم باختيارنا سنحصده في غدنا وما يريده اليمنيون سيعمل مجتمع الأصدقاء على توفير الموارد اللازمة لتنفيذه بشراكة ووضوح وصدق وعلينا محاربة الفساد وقطع دابر الهدر والانفلات وعقلنة احتياجات التنمية والتركيز على المشاريع الاستراتيجية التي سيكون لها مردودا كبيراٍ على الدفع بعجلة التنمية وعدم تشتيت الموارد على مشاريع صغيرة ستختفي مثل قطرات الماء في رمال الصحراء العطشى ونعود مجددا لنمد يدنا في حالة عدمية من الاستجداء. إن الموارد التي ستوفرها اللحظة التاريخية بفضل إسناد ودعم الأشقاء والأصدقاء قد لا تتوفر الظروف المواتية في المستقبل للحصول على مثلها الأمر الذي يتطلب من اليمنيين الحرص على استثمارها في المجالات التي تذر تنمية وتنتج فرصا وازدهاراٍ اقتصاديا وتنمويا وربما سيكون من المفيد دراسة كافة البدائل المطروحة مثل إنشاء صناديق مستقلة للتنمية تركز على توفير الاستفادة القصوى من الموارد المتوفرة وصولا إلى بناء شراكة استثمارية ومنافع متبادلة مع محيطنا والعالم.
أما الرسالة الأمنية فتعبر عن إجماع دولي للقضاء على التطرف والإرهاب وبناء مؤسسات أمنية حديثة ومتطورة على أسس وطنية تلبي احتياجات الأمن وتوفر الظروف اللازمة لإنجاح الانتقال السياسي والاقتصادي والتنموي. إن خطر الإرهاب والتطرف يشكلان تحديا كبيرا بالنسبة لليمن ومن هنا فقد كان خطاب العيد الوطني لفخامة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي مؤكدا على تكاتف الجهود لهزيمة إرهاب تنظيم القاعدة والقضاء عليه وفي مواقفه المتلاحقة أكد فخامة رئيس الجمهورية ان الأعمال الإرهابية الجبانة للعناصر الإرهابية لن تحيد الوطن قيد أنملة عن واجب دحر الإرهاب وتخليص الوطن من شروره. ومن هنا فإن رسالة الأصدقاء هي دعم صريح وقوي لفخامة الرئيس للسير في طريق هزيمة الإرهاب وإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن وبناء جيش قوي لحماية السيادة وليس لحماية السلطات المتعاقبة فهذه مهمة الأمن بالدرجة الأولى.
واليوم وبعد الانتهاء من مؤتمر الرياض نتطلع إلى مؤتمر المانحين القادم في الرياض أيضاٍ لا يسعنا إلا أن نتقدم بجزيل الشكر والعرفان للمملكة وحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود والى صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وكافة العاملين في وزارة الخارجية السعودية على المستوى الرفيع من التحضيرات لإنجاح اجتماع أصدقاء اليمن. والشكر أيضاٍ لوزارة الخارجية في المملكة المتحدة ولوزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط السير اليستر بيرت ووزير الدولة بوزارة التنمية الدولية البريطانية السير آلن دنكن وإلى كافة الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية ممثلة بدول مجلس التعاون والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي ولكافة ممثلي الدول الشقيقة والصديقة الذين شاركوا بفعالية في اجتماع الرياض. وفي الأخير لا يسعني إلا أن أشكر جهود مكتب الأمم المتحدة والبرنامج الإنمائي في اليمن فقد عملا بكل طاقتهما لإنجاز المهمة وتكليلها بالنجاح.
د. أبوبكر عبدالله القربي- وزيــــر الخـــــارجيــــة
رسائل من/ بسام الخولاني/ج15

قد يعجبك ايضا