أبناء “إب” يكسرون العدوان بإحياء عاداتهم وتقاليدهم العيدية

ما زال الشعب اليمني يتمسك بشدة بعادات وتقاليد عريقة ومتوارثة تعكس قصة تماسكه وتجانسه وتظهر وحدته وتألقه وثقافته المميزة عن باقي شعوب العالم في أروع صورة مفرحة ومبهجة في مثل هذه المناسبة الدينية الجليلة التي تسمو فيها مشاعر التسامح والتراحم والإخاء وترسم البسمة والسعادة في وجوه الجميع تحت مظلة ورحابة الدين الحنيف.
محافظة (إب) كغيرها من المحافظات تعيش هذه العادات والتقاليد في ظل ما تتعرض له البلاد من عدوان خارجي حاقد على الوطن ومكتسباته.

استقبل ابناء شعبنا العظيم الصامد أيام عيد الأضحى المبارك في وضع استثنائي تعيشه البلاد في ظل عدوان همجي غاشم لم يقتصر على محافظة بعينها بل طال الوطن كله وما محافظة إب إلا جزء لا يتجزأ من معاناة وطن وشعب يتعرض لعدوان وظلم أوجع المواطن وصادر فرحته وابتسامته وطريقته في الاحتفال بالعيد وعاداته والتقاليد والطقوس التي اعتادها سنوياٍ في مثل هذه الأيام المباركة واستطاع البعض من أبناء الشعب تحدي العدوان والاستمتاع بروعة العيد وممارسة حياته الطبيعية والعيش شامخاٍ رافع الرأس غير مبال بوحشية العدوان غير راكع إلا لله.
في السطور التالية ومن محافظة (إب) الخضراء ننقل لكم عادات وتقاليد أبناء المحافظة خلال عيد الأضحى المبارك في ظل ما تمر به البلاد من اعتداء وتدمير لكل مكتسبات الوطن من قبل جارة السوء المملكة السعودية.
مقصد سياحي
تعتبر محافظة إب الخضراء مقصداٍ سياحياٍ بارزاٍ في بلادنا إن لم تكن الأبرز وحول الأهمية السياحية التي تمتاز بها المحافظة التقينا من مكتب السياحة في المحافظة بالأخ/ عبدالله مرشد الذي قال :
“تتميز محافظة إب عن غيرها من محافظات الجمهورية بتوافد السياح إليها خلال إجازة العيد من كل عام وذلك لروعة المناطق السياحية فيها وجمال المناظر الخلابة وتعتبر مقصداٍ للسياح ليس المحليين فحسب وإنما الأجانب أيضاٍ .
وأضاف مرشد: كثيرة هي المناطق التي تجعل محافظة إب مقصداٍ للزوار وقضاء إجازة العيد فيها لعل أبرزها وادي بنا وادي عنة وادي الدور جبل بعدان جبل ربي المشنة وغيرها من المناطق التي تجعل من إب محافظة نموذجية بشكل كبير”.
نسبة الزوار في ظل العدوان
وحول مدى تأثير العدوان الغاشم على السياحة في المحافظة ونسبة عدد الزوار خلال إجازة العيد سألنا الأخ/ عبدالله مرشد فرد قائلاٍ:
” لم يؤثر العدوان على نسبة الزوار في المحافظة خلال إجازة العيد الأضحى بشكل كبير وإنما تأثير نوعي يتمثل في غياب السياح الأجانب في المحافظة سواء في إجازة العيد أو بقية الأيام الأخرى وفي المقابل يعوض هذا الغياب عدد النازحين الذين يزورون المحافظة ويتواجدون في تلك المناطق السياحية خلال إجازة عيد الأضحى المبارك كون محافظة إب شهدت استقبال عدد كبير من النازحين الذين خرجوا من منازلهم جراء العدوان الظالم على اليمن .
عادات وتقاليد
ولمحافظة إب عادات وتقاليد تتشابه كثيراٍ مع بقية المحافظات خلال عيد الفطر وعيد الأضحى للتعبير عن فرحة قدوم العيد وتتميز في عاداتها عن بقية المحافظات باختلاف بسيط.
يقول المواطن / سعيد جبير – من مديرية الدليل :
“من أبرز عادات وتقاليد العيد في مديريتي خصوصاٍ والمحافظة عموما أننا لا نؤدي صلاة العيد إلا في مكان عام يجتمع فيه أبناء المحافظة من جميع المديريات لرسم صورة رائعة عن الألفة والمحبة والوحدة بيت أبناء المحافظة باختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية ففي عيد الفطر الذي مضى اجتمع جمع غفير من الناس في ساحة الحرية بالمحافظة وفي هذا العيد أيضا التقينا لنصلي العيد في نفس الساحة لكن العدد كان أقل بكثير بسبب خوف الناس من طائرات العدوان التي تحلق في سماء المحافظة “.
رقص البرع
 وفي مديرية النادرة يحافظ ابناء المديرية على طريقتهم الخاصة بالاحتفال بالعيد وتهنئة بعضهم البعض .
يقول الأخ / وليد الأشرم / من أبناء المديرية ” يجتمع ابناء المديرية عقب صلاة العيد رجالاٍ وشباباٍ في ساحة واسعة لتبادل التهاني والرقص على البرع والذي يستمر من الساعة الثامنة صباحاٍ وحتى الثانية عشر ظهراٍ , ويداوم أبناء المديرية على هذه العادة في كل عيد ولا يرون روعة العيد وفرحته إلا بهذه الطقوس المتعارف عليها قديماٍ وحتى في ظل العدوان وتحليق الطائرات تجدنا لا نبرح هذا المكان في رسالة للعدوان أننا صامدون ونمارس حياتنا وعاداتنا بشكل طبيعي.
جلسات عيدية
في أطراف مديرية حبيش السياحية ووسط تحليق مكثف لطائرات العدوان في أول أيام عيد الأضحى المبارك خرج أبناء المديرية للاحتفال بالعيد كما كانوا يفعلون دائماٍ يقول الأستاذ/ عصام الحبيشي وكيل مدرسة الوحدة : “اعتاد أبناء مديريتي الغالية في كل عيد على هذه الطريقة للتعبير عن ابتهاجهم بالعيد وهي اصطحاب أفراد أسرهم شباباٍ ونساءٍ إلى أطراف مديرية حْبيش هذا المكان الأثري والتاريخي والسياحي يتوافدون إليه مبكراٍ ويتناولون وجبة الإفطار فيها ويعتبر من الأماكن المقصودة خلال أيام العيد الأولى يملأه الناس ونشاهد صوراٍ معبرة عن الفرحة عبر حلقات الأسر حيث تفترش الأرض وتلتحف السماء غير مبالين بهذا الصوت القادم من السماء صوت الطائرات التي لا تكاد تفارق سماء المحافظة حتى أيام العيد.
تكافل اجتماعي
في مديرية السدة يداوم أهل المديرية على عادة هي الأروع على المستوى الاجتماعي والخيري.
يقول الشيخ/ محمد الغفاري:
نحتفل بعيد الأضحى في كل عام ولا يفوتنا الاهتمام بالفقراء ومواساة المساكين فنقوم بتنفيذ برنامج متكامل يشارك فيه كافة الفئات والشرائح ويبدأ هذا البرنامج قبل العيد ببضعة أيام عندما يجمع عقال هذه المنطقة ومقتدروها مبلغاٍ لا بأس به وفي أيام العيد يقوم الشباب بشراء الأضاحي وذبحها في أسفل الوادي ويتم توزيعها لتشمل فقراء المنطقة ومحتاجيها وفي الوقت ذاته تقوم النساء بإعداد مائدة غداء كبيرة لاستضافة ضيوف المنطقة والمساكين وعابري السبيل في صورة تعبر عن التكافل الاجتماعي الرائع لأبناء المديرية”..
عادات أساسية
الأكاديمي في محافظة إب الدكتور عبدالله العوج تحدث أيضاٍ عن عادات وتقاليد أبناء المحافظة قائلاٍ: ” لعل هذه العادات والتقاليد وغيرها والتي تعيشها المحافظة في عيد الفطر وعيد الأضحى هي التي تتميز بها في الوقت ذاته يداوم أبناء المحافظة على العادات والتقاليد الأساسية التي تعيشها جميع محافظات الجمهورية ويحافظ عليها الإنسان اليمني المسلم من قديم الزمان ومن هذه العادات زيارة الأرحام بعد أداء صلاة العيد جماعة  عسب العيد للأطفال والنساء ذبح الأضاحي الاجتماع في مقيل الحي أو العزلة والمديرية وغيرها من العادات والتقاليد التي يتفق عليها أبناء  اليمن عموماٍ.
عدوان يصادر الفرحة
في مدينة إب وجوار البنك المركزي تحديداٍ عكر الطيران السعودي والإماراتي فرحة العيد عندما شن أكثر من خمس غارات على أحياء سكنية.
حدثنا أحد شهود العيان الأخ/ رمزي الرعيني –من أبناء المنطقة قائلا:
” بينما نحن نتجهز للعيد بارتداء الملابس الجديدة والخروج لزيارة الأقارب فإذا بعدة صواريخ تهز المنطقة وتتهاوى جراء صوت الانفجار زجاجات نوافذ منازلنا جميعاٍ وعندما خرجنا إلى مكان الدمار في الحي المقابل شاهدنا دماراٍ كبيراٍ قد طال أكثر من أربعة منازل وضحايا أخرجهم الأهالي من تحت الأنقاض حينها أدركنا أن لا عيد لنا إلا بدحر المعتدي ليرحل من بلادنا يجر أذيال الهزيمة.
النصر قادم
مما لا شك فيه أن أبناء محافظة إب يعانون ما يعانيه أبناء الوطن عموماٍ خلال أيام عيد الأضحى المبارك فالمعاناة واحدة اشترك الجميع في تجرعها فالمواطن اليمني في عموم أرجاء الوطن يعاني غياب الكهرباء منذ فترة وانعدام المشتقات النفطية بسعرها الطبيعي وتواجدها في السوق السوداء بأضعاف أضعاف سعرها الأصلي ويعاني ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وانعدامها جراء الحصار المفروض وحتى المنتسبين لوظائف الدولة العسكرية والمدنية يعانون انقطاع رواتبهم أو تجميد مخصصاتهم وحوافزهم وهناك مواطنون في العيد يتجرعون آلاماٍ نفسية أكثر منها مادية والتي تتمثل في فقدان شهيد أو غياب مفقود أو اختفاء أسير وغيرها من هذه الآلام النفسية التي تعيشها بعض الأسر أيام عيد الأضحى المبارك لكن لابد من الانتصار ورسم البسمة والفرحة على شفاه اليمنيين والاحتفال جميعاٍ بعيد قادم اسمه ” عيد النصر”.

قد يعجبك ايضا