فيها توسعة على فقراء الأمة ودروس في التضحية والإيثار

> العلامة العزاني: لا يجوز إعطاء من يذبح الأضحية أجرته من لحمها أو بيع أي جزء منها

يصادف عيد الأضحى المبارك العاشر من ذي الحجة حيث يحتفل العالم الإسلامي بهذه المناسبة في كل أنحاء الأرض. ويكون الثاني عشر من ذي الحجة هو آخر الأيام التي يتم بها الحجيج مناسكهم حيث تكون ذروة هذه المناسك يوم التاسع من ذي الحجة الذي يصعد به الحجاج إلى جبل عرفات تماشياٍ مع الحديث النبوي الشريف «الحج عرفة».

أما العالم الإسلامي فيحتفل تضامناٍ مع هذه الوقفة في ذلك الموقف الشريف أما أول أيام العيد فيقوم الحجاج هناك في «منى» بتقديم الأضحيات لوجه الله تعالى ومعهم كل قادرُ من المسلمين في كافة بقاع الأرض. من هنا كانت تسمية هذا العيد بعيد الأضحى وأما ذلك العدد الضخم من الأضحيات التي تذبح فهي تيمناٍ بسيدنا إبراهيم الخليل الذي أوشك أن يذبح ابنه اسماعيل تلبيةٍ لطلب الله تعالى والذي افتدى إسماعيل بكبشُ ذبح لوجه الله حيث يقول الحق تبارك وتعالى (وفديناه بذبح عظيم)..
ومنذ ذلك الوقت والناس ينحرون بهيمة الأنعام امتثالاٍ لأمر الله بإراقة الدماء لأنها من أفضل الطاعات.
والأضحية سنة مؤكدة ويْكره تركها مع القدرة عليها وفضلها عظيم فما من عمل أحب إلى الله في يوم النحر من التقرب إليه تعالى من النحر كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاٍ أحب إلى الله عز وجل من إراقة دم وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها. وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفساٍ) رواه ابن ماجة والترمذي ..
وللتعرف على أحكام الأضحية ومتى يبدأ وقتها وينتهي وعلى من تجب وعلى كم تجزئ وما شروطها وما أفضلها وما يسن للمضحي حول هذا وأكثر كان الحوار مع الشيخ محمد العزاني في السطور التالية:
● في البداية ما تعريف الأضحية ومكانتها في الإسلام¿
– الأضحية شعيرة أهل الإسلام تذبح أيام عيد الأضحى من بعد صلاة العيد إلى آخر ساعة من نهار آخر أيام التشريق وينتهي وقتها بمغيب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة ويجوز ذبح الأضحية في أي وقت ليلاٍ أو نهاراٍ على الصحيح من أقوال أهل العلم ومن كره الذبح ليلاٍ قال لتعذر التفريق بين اللحم ولاحتمال إضرار الذابح لنفسه قاله: ابن قدامة وهو احتمال منتفُ في وقتنا هذا فيبقى الحكم على جواز الذبح ليلاٍ أو نهاراٍ وساعات النهار أفضل. ومن لا إمام له ولا جماعة لإقامة صلاة العيد كساكني الجبال والقفار يضحي وقت الضحى..
والأضحية سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من بعده وبها أمر رب العالمين حين قال (فِصِل لرِبكِ وِانúحِرú) أي انحر البدن والأضاحي قربة لله كما قال قتادة وسعيد بن جبير وصححه ابن كثير فهي قربة يتقرب بها إلى الله عز وجل رجاء ثوابه وحصول موعوده مع كونه تعالى غني عنها قال عز وجل (لِنú يِنِالِ اللِهِ لْحْومْهِا وِلا دمِاؤْهِا وِلِكنú يِنِالْهْ التِقúوِى منúكْمú كِذِلكِ سِخِرِهِا لِكْمú لتْكِبرْوا اللِهِ عِلِى مِا هِدِاكْمú وِبِشر الúمْحúسنينِ).
● ما هي الأنعام التي تجوز بها الأضحية وما الشروط التي تميزها عن الذبائح الأخــرى¿
– الأنعام التي تجوز بها الأضحية هي الإبل أو البقر أو الضأن أو المعز ذكراٍ أو أنثى ويجب أن تكون الأضحية ملكاٍ للمضحي فلا تصح المغصوبة والمسروقة وكذلك بلوغ السن المعتبرة شرعا أي السن المجزئ للأضحية لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (لا تذبحــوا إلا مسنة) ومقدار سن الأضحية الجائز التضحية به الإبل 5 سنوات البقر سنتان المعز سنة واحدة الضأن 6 أشهر ويستوي الذكر والأنثى من الأضاحي ويشترط سلامة الأضحية من العيوب كما ورد في الحديث الذي رواه البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (أربع لا تجوز في الأضاحي- و في رواية لا تجزئ- العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ظلعها والكسيرة التي لا تنقي وفي رواية العجفاء التي لا تنقي أي الهزيلة شديدة الهزل) ومما لا يجوز أن يضحى به العوراء والعمياء و المريضة العاجزة عن المشي والعرجاء المقطوع أحد رجليها أو يديها شديدة الهزال أو بالغت الكبر في السن وفي حديث أخرجه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يضحى بعضباء الأذن (العضباء مقطوعة الإذن) وذهب أكثر الفقهاء كل ما فيه عيب فاحش يؤثر على سلامة الأضحية مثل القطع في القرن أكثر من النصف والقطع في الأنف أو اللسان أو الذنب أو الإلية أو ما انكسر من أسنانها الأمامية وكذلك الثولاء التي تدور في المرعى ولا ترعى والجرباء: والجرب داء يصيب بعض الدواب ويشترط أيضاٍ عقد النية لأن الأضحية قربة إلى الله عز وجل وكل قربة تحتاج في صحتها وقبولها إلى النية لذلك يجب أن يقصد المضحي في ذبح الذبيحة بأنها قربة لله لأن الفعل لا يقع قربة إلا بالنية لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئ ما نوى) رواه البخاري ومسلم ومن الشروط كذلك مراعاة وقت ذبح الأضحية وصحة الذكاة الشرعية أي (الذبح الشرعي) بأن يكون الذابح مسلما أو كتابيا.
● هل تجوز المشاركة في الأضحية ¿
– تجوز الأضحية بواحدة عن أهل البيت الواحد: إذا ضحى الإنسان بشاة من الضأن أو المعز أجزأت عنه وعن أهل بيته إذا قصد في نيته أن ينتفع بثواب الأضحية الحي والميت من أهله أو أحدهما تحديداٍ روى ابن ماجه والترمذي أن أبا أيوب رضي الله عنه قال: كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار كما ترى وغير أهل البيت الواحد تجوز المشاركة في الأضحية إذا كانت في الإبل أو البقر وتجزئ البقرة أو الجمل عن سبعة أشخاص إذا كانوا قاصدين الأضحية والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى فعن جابر رضي الله عنه قال: (نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة) رواه مسلم والبدنة الناقة.
● كيف يكون توزيع لحم الأضحية وماذا عن الذين لا يعطون شيئاٍ من الأضحية بل يجعلونها لأنفسهم فقط¿
– الأصل أن يأكل من أضحيته ويهدي الأقارب ويتصدق منها على الفقراء لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (كلو و أطعموا و ادخروا) وقال الله تعالى (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون) وجبت جنوبها أي سقطت الإبل على الأرض جنوبها بعد نحرها -القانع الفقير الذي لا يسأل تقنعا- صواف أي قائمات الإبل تنحر قائمة المعتر: الفقير الذي يسأل ما الأمور التي يفعلها المضحي والأمور التي يتجنبها وما خطوات ذبح الأضحية وهل يجوز إعطاء الجزار أجرته من لحم الأضحية وهل يجوز كذلك بيع شيء من لحم الأضحية و جلدها¿
من الأمور المستحبة للمضحي أن يتولى ذبح الأضحية بنفسه وإذا كان لا يحسن الذبح ذبح عنه أحد من المسلمين وعليه أن يشهد ذبح أضحيته عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه وقولي: إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين قال عمران: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا لك ولأهل بيتك خاصة فأهل ذلك أنتم أو للمسلمين عامة ¿ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل للمسلمين عامة) أخرجه الطبراني في الكبير والحاكم. وعلى المضحي أن يتجنب قص شعره وأظافره إذا دخل أول يوم من شهر ذي الحجة ويمتنع عن ذلك حتى يتم ذبح الأضحية يوم العيد بعدها يمكنه قص أظافره وشعره.
ويستحب ذبح الأضحية بدون أن تراها البهائم الأخرى إشفاقا بها كذلك لا يجوز إعطاء الجزار أجرته من لحم الأضحية بل يجب إعطاؤه أجراٍ مقابل عمله و يمكن إهداؤه أيضا من لحمها ولا يجوز بيع شيء من لحم الأضحية ولا جلودها بل التصدق به.
● ما أطيب وأفضل ما يضحى به¿
– أطيب الأضاحي على القول الراجح المخصي من الكباش لفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم البدن أي الإبل لسوقه صلى الله عليه وآله وسلم لها في حجة الوداع وقد بلغت المائة سنام وفي توجيهها إلى القبلة حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذبح كبشين أقرنين أملحين موجوءين فلما وجههما قال صلى الله عليه وآله وسلم : (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض على ملة إبراهيم حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين اللهم منك ولك عن محمد وأمته بسم الله والله أكبر) ثم ذبح. رواه أبو داود وابن ماجة.

قد يعجبك ايضا