يا أبناء اليمن الكرماء أصلحــــــــــــــوا ذات بينكم تصلح دنياكم

عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلِى الله عليه وسلِم-: ((ألاِ أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة¿)) قالوا: بلى قال: (إصلاح ذات البِيúن فإنِ فساد ذات البِيúن هي الحالقة))º رواه أبوداود والترمذي وقال: حديث صحيح.

بعض المسلمين يظن أن أوامر الله سبحانه وتعالى مقصورة على الصلاة والصيام والحج والزكاة ولكن الحقيقة أن كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب فلو أن الله سبحانه وتعالى قال: إن الله يأمر بالعدل والإحسان فهذا أمرَ إلهي ولو أنك قصرت في باب الإحسان لكنت عاصياٍ لهذا الأمر في سورة الأنفال لقوله تعالى «يِسúأِلْونِكِ عِن الúأِنúفِال قْل الúأِنúفِالْ للِه وِالرِسْول فِاتِقْوا اللِهِ وِأِصúلحْوا ذِاتِ بِيúنكْمú وِأِطيعْوا اللِهِ وِرِسْولِهْ إنú كْنúتْمú مْؤúمنينِ» [سورة الأنفال الآية:1]
ومعنى ?فِاتِقْوا اللِهِ وِأِصúلحْوا ذِاتِ بِيúنكْمú?:
المعنى الأول: إصلاح أنفسنا:
علينا أن نصلح أنفسنا ونطهر قلوبنا لأنه هو المعول عليه في سعادتنا الأبدية.
فهل هذا القلب الذي ينظر الله إليه فيه غشَ لأحد¿ هل فيه احتيال على أحد¿ هل فيه حقد على أحد¿ هل فيه غلَ لأحد¿ هذا القلب الذي تسعد به إلى أبد الآبدين.
قال تعالى: ? يِوúمِ لِا يِنúفِعْ مِالَ وِلِا بِنْونِ * إلِا مِنú أِتِى اللِهِ بقِلúبُ سِليمُ? [سورة الشعراء الآيات:88-89]
ماذا فعل أحدنا بقلبه , هل أبقاه على حاله¿
?أِحِسبِ النِاسْ أِنú يْتúرِكْوا أِنú يِقْولْوا آِمِنِا وِهْمú لِا يْفúتِنْونِ? [سورة الشعراء الآية:2].
هل نشعر بحقدُ على أحد¿ إنه مرضَ خطير.. هل نشعر بالأثرة يعني نؤثر أنفسنا على حساب الآخرين¿ هل نشعر بالاستكبار¿ إن هذه أمراضَ نفسية فتاكة تهلك صاحبها في الحياة الدنيا وفي الآخرة لذلك الله سبحانه وتعالى يأمرنا في هذه الآية التي في سورة الأنفال بأن نصلح ذات بيننا يعني أن نصلح نفوسنا ونجعلها طاهرة.
 فإذا أحكمنا الصلة بالله عز وجل تطهرت قلوبنا من الأدران فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(( أرأيتم لو أن نهراٍ بباب أحدكم يغتسل فيه في اليوم خمس مرات ترى هل يبقى من درنه شيء قالوا: لا يا رسول الله قال: كذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)) [أخرجه البخاري ومسلم]
المعنى الثاني: إصلاح بيننا وبين الآخرين
وبعضهم فهم الآية فهماٍ آخر والقرآن ذو وجوه بعضهم فهم الآية أن العلاقة التي بيننا وبين الآخرين يجب أن نصلحها إن كنا مؤمنين حقاٍ فينبغي أن نصلح العلاقة بيننا وبين إخواننا بيننا وبين جيراننا بيننا وبين من هو أعلى منا بيننا وبين من هو أدنى منا بيننا وبين زملائنا في العمل بيننا وبين أزواجنا بيننا وبين أولادنا.
المعنى الثالث :إصلاح العلاقة ما بين شخصين
 علينا أن نصلح العلاقة فيما بين شخصين أو أخوين أو صديقين أو شريكين أو أمُ وابنها أو أخ وأخته لذلك قال عليه الصلاة والسلام: (( ليس منا من فرِق))
  وأي شيءُ أعظم من هذا أن ينخلع الإنسان عن انتمائه للإسلام هذا الذي يفرق بين الأحبة ليس منا  من لا ينتمي إلي لا أتعرف عليه أرفضه ليس من أمتي ليس منا من فرق وبلاغة هذا الحديث في إيجازه فرق ماذا¿ أي صديقين أي شريكين أي أخوين احرص على أن يكون كلامك مفيداٍ على أن يبعث كلامك الطمأنينة في النفس يا رسول الله أنؤاخذ بما نقول¿ قال: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((يِا نِبيِ اللِه وِإنِا لِمْؤِاخِذْونِ بمِا نِتِكِلِمْ به فِقِالِ ثِكلِتúكِ أْمْكِ يِا مْعِاذْ وِهِلú يِكْبْ النِاسِ في النِار عِلِى وْجْوههمú أِوú عِلِى مِنِاخرهمú إلِا حِصِائدْ أِلúسنِتهمú)) [أخرجه الترمذي]
 لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه هذا اللسان ! أنا أتصور أن معظم المسلمين لا يشربون الخمر ومعظمهم لا يزنون ومعظمهم لا يسرقون ولكن هذا اللسان الذي يهلكهم هذا اللسان الذي يشقيهم هذا اللسان هو الذي يحجبهم عن الله عز وجل من علامة إيمان الرجل انضباط سلوكه وفي مقدمة السلوك انضباط لسانه لا يسخر لا يغتب لا يتدخل فيما لا يعنيه لا يشغله عيبه عن عيوب الناس لا يتجسس أي لا يتتبع الأخبار السيئة ولا تحسسوا أي لاتتبعوا الأخبار الطيبة وهذا ما نطلق عليه “حشريَ” طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس.
 عن علي بن الحسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) [أخرجه الترمذي]
فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا لغيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.

قد يعجبك ايضا