الرفق والتسامح

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وبعد.. جاء في صحيح مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي أنه دخل المسجد فدخل في الصلاة مع الصحابة وراء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعطس رجل في الصلاة فقال معاوية وهو لا يعرف الحكم: رحمك الله فضرب الصحابة على أفخاذهم ينبهونه فقال: ويل أمي ماذا فعلت يريدونه أن يسكت فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول معاوية فدعاني بأبي هو وأمي ما رأيت معلما أحسن منه ولا أعلم منه ولا أرحم منه ما نهرني ولا سبني ولا شتمني وضع يده على كتفي وقال: “إن هذه الصلاة لا تصلح لكلام وإنما هي لقراءة القرآن والذكر والتسبيح” أي تربية هذه وأي رفق ولين ورحمة تعامل بها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم مع الآخرين من حوله وأي حب اكتسبه صلى الله عليه وآله وسلم في قلوبهم حتى أثر ذلك في سلوكياتهم وقناعاتهم بل غير مجرى حياتهم والله عز وجل قد شهد بهذه المعاملة وآثارها “فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك” ان التعامل بالرفق واللين والتسامح مع الآخرين من حولنا أمر ضروري لتستقيم الحياة ويسعد المجتمع وتتآلف القلوب وتنتشر المودة وتظهر الرحمة بل هي اخلاق وقيم دعانا إلى الالتزام بها وتطبيقها في واقع الحياة “ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم”.. وقال عليه الصلاة والسلام “من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقط حرم حظه من الخير” وقال صلى الله عليه وآله وسلم “إن الله عز وجل يحب الرفق في الأمر كله وقال صلى الله عليه وآله وسلم “حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس”. ان العنف والشدة والحقد ودوافع الكراهية تنذر بالهلاك فتقطع الأرحام وتكثر الصراعات وتنزع الرحمة ويحل الشقاء ويذهب الخير بين الناس فعلينا بالرفق والتسامح في كل أمور حياتنا لذلك ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله إن من عظمة الإسلام أن أمر المسلمين بالرفق وحسن التعامل حتى مع الحيوان فقد دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بستانا لرجل من الأنصار فوجد جملا فلما رأى الجمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حس وانهمرت الدموع من عينيه فذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الجمل ومسح خلف أذنيه فسكت ثم سأل عن صاحبه فجاء فتى من الأنصار وقال أنا صاحبه فقال عليه الصلاة والسلام “ألا تتقي الله في هذه التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلى أنك تجيعه وتدئبه وتتعبه وترهقه”.
نحن بحاجة إلى الرفق في الأمور بحاجة إلى التسامح فقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا المثل في التسامح مع أهله بعد أن طردوه من بلده وفعلوا معه الأفاعيل فيقول لهم “ما تظنون اني فاعل بكم بعد فتح مكة “قالوا أخ كريم وابن أخ كريم قال صلى الله عليه وآله وسلم “اذهبوا فأنتم الطلقاء” هذه هي السماحة التي نحن أحوج ما نكون إليها وإلى هذه الأخلاق.

قد يعجبك ايضا