في الصيام طهر لقلوبنا وصفاء لأرواحنا , ونقاء لضمائرنا وقرب من خالقنا وبارئنا , فالصوم جامعة روحية كبرى فيها يتخلص العبد من كل ما علق به من أمراض وعلل وأسقام , فيها يتخلق العبد بالأخلاق الكريمة والعواطف النبيلة , شعاره الحلم والعفو والصفح وكتم الغيظ , والإنفاق والبذل والعطاء , الذي هو ديدن النبي المصطفى محمد صلى الله عليه آله وسلم و الذي هو كمال الإيمان وتمام الإسلام .
وللصيام فوائد كثيرة روحية واجتماعية وصحية وهي :
1) الفوائد الروحية :
الصوم يعود الصبر ويقوي عليه , ويعلم ضبط النفس , ويوحد في النفس ملكة التقوى ويربيها فيخاف الإنسان ربه ويراقب مولاه في السر والعلن ويعمل بكتاب الله ويقتدي بسنة رسول الله , ويكون المؤمن على استعداد دائما للقاء الله عز وجل , يقول الله تبارك وتعالى :
( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) سورة البقرة الآية ( 182)
2) الفوائد الاجتماعية :
يعود النظام والاتحاد وحب العدل والمساواة , وإيجاد عاطفة الرحمة , وتنمية روابط الألفة والمسارعة إلى الإحسان والتسابق إلى الخيرات, وصون المجتمع من الشرور والمفاسد.
فالصائم حين يكف نفسه من ضروريات الحياة , يدرك مايعانيه الفقير المحروم من الجوع والحرمان, وما يشعر به البائس والمحتاج من الفاقة والعوز, فترق نفسه وتفيض بالحنان والعطف ويلين قلبه فيتفجر بالجود والسخاء, ولذلك فان أفضل الصدقة صدقة رمضان, يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : من فطر صائما على طعام وشراب من حلال صلت عليه الملائكة في ساعات شهر رمضان وصلى عليه جبرائيل ليلة القدر )
وقد ورد في السنة ما يدل على أن للإنفاق في هذا الشهر فضلا على الإنفاق في بقية الشهور , يدل على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس, وكان أجود الناس في رمضان )
فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل رمضان أطلق كل أسير, وأعطى كل سائل وفرج عن كل مكروب .
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها, وباطنها من ظاهرها, قالوا لمن هذه يارسول الله, فقال : لمن طيب الكلام, واطعم الطعام, وأدام الصيام, و صلى بالليل والناس نيام )
وقد جعل الله رمضان وقتا لإفاضة الخير والبر على عباده أضعاف ما يفيضها في غيره, فكانت الصدقة فيه أعظم أجرا وأكثر ثوابا منها في غيره, ولذلك سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أي الصدقة أفضل ¿ فقال : صدقة في رمضان .
وفي هذا حث على الإكثار من الصدقة فيه, وتحريض على مزيد الإنفاق في أيامه ولياليه على البائسين المعوزين.
فعن معاذ بن جبل رضي اله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر فقال لي : يامعاد إلا أدلك على أبواب الخير, فقلت بلى يا رسول الله فقال: الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار…) ومعنى أن الصوم جنة بالضمة على حرف الجيم :أي وقاية وستر من المعاصي .
3) الفوائد الصحية :
من الفوائد الصحية للصوم تطهير الأمعاء وإصلاح المعدة, و تنظيف البدن من الفضلات و الرواسب, وتخفيف السمنة وثقل البدن بالشحم يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( صوموا تصحوا) .
وقال صلوات الله وسلامه عليه, وهو ينطق بالحكمة وكعنوان للحفاظ على صحة الأبدان و الأنفس.
عن المقدام بن معد يكرب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه, بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه, فان كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه, وثلث لنفسه ) .
والصوم وقاية لكثير من الأمراض البدنية المستعصية التي تفتك ببني الإنسان مثل التخمة وضغط الدم, وتصلب الشرايين والسكر وتضخم الكبد والطحال واضطرابات الأمعاء المزمنة والتهاب الكلى الحاد وأمراض القلب…الخ.
والصائمون الصابرون في جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين, فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال :
( إن في الجنة بابا يقال له الريان, يدخل منه الصائمون يوم القيامة , لا يدخل منه أحد غيرهم, يقال: أين الصائمون فيقومون, فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)
قد يعجبك ايضا