مؤشرات بنشوب حرب عالمية ثالثة

تعالت خلال الفترة الأخيرة أصوات تحذيرات الخبراء الدوليين من أن أقوى دولتين اقتصاديا في العالم على عتبة نزاع مسلح بعد طلب الولايات المتحدة من الصين وقف عمليات إنشاء جزر اصطناعية في بحر الصين الجنوبي ورد بكين بأنها لن تتراجع تحت هذا الضغط وعليها الاستعداد لأي مواجهة طارئة.
فقد وصفت وزارة الخارجية الصينية الرحلة الاستطلاعية التي نفذتها البحرية الأمريكية في بحر الصين الجنوبي مؤخرا بأنها عمل “غير مسؤول وخطير جدا وضار للسلام والاستقرار في المنطقة“ وقد جاء هذا التحذير بعد يومين فقط من إرسال البحرية الصينية ثمانية تحذيرات إلى طائرة أمريكية مقاتلة بعدم الاقتراب من الصليب المرجاني في سلسلة جزر سبراتلي.
وأصدرت بكين وواشنطن العديد من الإعلانات والاتهامات المتبادلة والتحذيرات في الأشهر الأخيرة فيما يتعلق بهذا المربع من المياه البالغة مساحته 3.5 مليون كيلو متر مربع والذي تحده كل من هونج كونج وتايوان والفلبين وإندونيسيا وفيتنام والذي يبلغ مجموع التجارة السنوية فيه 5.3 تريليون دولار. وأيضا تعبر حوالي نصف شحنات النفط في العالم مياه هذه المنطقة وتتواجد فيها ستة من أهم عشرة موانئ في العالم.
ووصفت مجموعة الأزمات الدولية هذا الشهر بحر الصين الجنوبي بأنه “قمرة القيادة بالنسبة للجغرافيا السياسية في شرق آسيا“ ومع ذلك قد يصبح هذا البحر أكثر أهمية من ذلك قريبا وقد تكون هذه المياه هي المكان الذي سيبدأ فيه النزاع المسلح الكبير المقبل في التاريخ.
وتقول “بكين”: إن جزر سبراتلي غير المأهولة إلى حد كبير وتقريبا جميع الجزر الأخرى والمياه الضحلة والصخور والشعاب المرجانية في بحر الصين الجنوبي هي أرض ذات سيادة وتضم الخرائط الرسمية للصين نحو أربعة أخماس مياه هذا البحر وفي حين تتبنى تايوان رسميا المطالب التوسعية نفسها التي تتبناها الصين إلا أنها لا تسعى لفرض هذه المطالب على الدول الأخرى وبدورها تحتفظ الفلبين وبروناي وماليزيا وفيتنام وإندونيسيا بمطالب تنافسية فيما يخص الجزر وغيرها من الميزات في المناطق البحرية القريبة من شواطئها.
ورغم أن بعض هذه الدول شاركت في مجموعة متنوعة من عمليات البناء فوق المناطق التي تحتلها إلا أن أيا منها لم يصل إلى مستوى برنامج بكين المتسارع لاستصلاح الأراضي في سبراتلي التي لم تكن من قبل أكثر من مجرد مجموعة من الشعاب المرجانية ولم يكن فيها في الواقع سوى القليل من الأراضي.
ومنذ منتصف العام الماضي ومن خلال تجريف الشعاب المرجانية والمياه الضحلة أضافت الصين حوالي 4 كيلو مترات مربعه من الأراضي إلى سبراتلي بما في ذلك إلى الصليب المرجاني الذي هو في الواقع أقرب بكثير إلى اندونيسيا والفلبين وماليزيا وفيتنام وبروناي الغنية بالنفط مما هو عليه إلى الصين وهناك الآن ما لا يقل عن 100 من الجرافات الصينية تعمل في جزر سبراتلي.
واليوم هناك مخاوف بشكل خاص من أن يتم استخدام هذه المنشآت الصينية الجديدة في فرض منطقة دفاع جوي فوق بحر الصين الجنوبي. وسوف تمثل هذه المنطقة عند إضافتها إلى منطقة بحر الصين الشرقي المعلنة في نوفمبر عام 2013م توسعا كبيرا في نفوذ بكين وتقول تقارير إعلامية أن ما يقلق الولايات المتحدة الأمريكية بشدة حيال المشروع الصيني الهائل ببناء جزر جديدة تماما في وسط المحيط الشاسع هو خطورة أن يمثل ذلك سابقة من نوعها.
ويرى الخبراء أن الحديث عن الحفاظ على حرية الملاحة في الممرات المائية في بحر الصين الجنوبي لا تشكل في الحقيقة مصدر قلق رئيسيا لأمريكا حيث تعتمد الصين على الواردات والصادرات وبالتالي لن يكون لها مصلحة في منع مرور السفن التجارية إلا أن تخوف أمريكا الأكبر هو أنه إذا تمكنت بكين من فرض السيطرة على الجزر المتنازع عليها منذ فترة طويلة مع جيرانها من الدول الواقعة جنوب شرق آسيا من خلال استخدام قوتها العسكرية الهائلة فإن هذا النهج قد يصبح نموذجا للصين كي تفرض أي تسويات لنزاعاتها في المستقب وهو ما يزعج الأمريكان.
وتدرس الولايات المتحدة الآن رد الفعل الصيني المحتمل في حالة تجاوز طائراتها الأجواء المحيطة بإحدى الجزر فقط لتعزيز وجهة النظر بعدم انتماء تلك المناطق لسيطرة أي دولة.. ويرى خبراء أن سيناريوهات لعبة الحرب لا تقتصر على رحلة مراقبة واحدة إذ تمتلك واشنطن ذكريات مريرة بإجبار طائرة تجسس تابعة لها على الهبوط اضطراريا في جزيرة هاينان في عام 2001م بعد اصطدامها في الجو بطائرة مقاتلة صينية كانت تحلق على مقربة منها إضافة إلى احتمالية أن تصعد الصين النزاعات مع اليابان أو تمارس ضغوطا اقتصادية على أمريكا.

قد يعجبك ايضا