وجرحى العدوان .. مسؤولية وطنية

■ قصص للتكافل والإيثار يجسدها أبناء الحكمة والإيمان

قوافل من الشهداء والجرحى منذ بدء العدوان على اليمن أضرار وضحايا بالجملة مآس إنسانية تنذر بكارثة على شتى الأصعدة والمجالات الحياتية في ظل أوضاع اقتصادية متردية باغتت كل التوقعات وصنوف الاحتمالات غير أن ما يثلج الصدر ويهون جبل المصائب والمحالك تلك الأخوة السامية المتجذرة في أصول الوهب والعطاء والتكافل المجتمعي لأسر الشهداء والجرحى والمنكوبين انطلاقا من المسؤولية الإيمانية والوطنية على حد سواء .. ضروب من التضحية والبذل والتكافل والإحسان يجسدها مجتمعنا اليمني الأصيل رغم كل المحن والمعاناة نسوقها في سياق الاستطلاع الآتي .. نتابع:

محمد الزورقي – رب أسرة مكونة من خمسة أفراد – كان ولداه ومنزله أحد ضحايا تفجير نقم بصنعاء يقول عن مأساته: أنا رجل بسيط محدود الدخل بالكاد استطعت أن ابني منزلا متواضعا بعد جهد جهيد وديون بالغة كنت حينها مزاولا عملي في بيع الخضراوات والفواكه بحي شميلة وما إن سمعت التفجير المأساوي في نقم حتى هرعت مهرولا إلى أسرتي للاطمئنان عليهم وعندها كانت الصدمة والفاجعة وأنا أنتشل حفيدي من تحت الاأنقاض وقد فارقا الحياة وجروح متفاوتة في بقية أفراد عائلتي .. أما المنزل فقد صار خرابا كل ما فيه تدمر وتكسر وتطاير.
وتابع الزورقي سرد قصته قائلا: وجدت نفسي بعدها أنا وأسرتي في الشارع لا مأوى لنا ولا ملجأ مما زاد الأمر سوءا إلا أن جارنا بادر بروح كريمة وإيثار بالغ وكرم لا حدود له في توفير شقة مفروشة لنا في أحد منازله بحي الحصبة من دون أي شروط ولا مبلغ مالي حتى تتحسن ظروفنا وحالنا .. فكم هي السعادة التي تملكتنا وآمنا حيالها أن الدنيا لا زالت مليئة بالخيرين وأولي المعروف والإحسان.
إدخال السرور
أسرة الشهيد ناصر حزام الذي توفي إثر جراحات بالغة جراء تفجير النهدين مخلفا وراءه طفلين وزوجة يشتكون من هول ما حل بهم وعظيم ما أصابهم يذرفون دموع القهر والحزن على فقدان معيلهم تارة وعلى حالهم من بعده .. وما هي إلا أيام حتى وصل خبر مأساتهم إلى أحد رجال الخير والذي رفض أن نذكر اسمه فتكفل بمبلغ 50 ألف ريال شهريا لهم انطلاقا من واجب الدين والأخوة والإنسانية –على حد قوله– فأسعده الله كما أسعد وأدخل السرور إلى قلب هذه الأسرة المنكوبة.
الإحسان ومآثره
وفي هذه الزاوية يبين لنا عدد من العلماء والدعاة عظمة التكافل والعطاء لأسر شهداء وجرحى العدوان بل وعدوا ذلك واجبا على كل مقتدر وفضيلة عظيمة لمن آثر بذلك وساند ودعم وقدم ابتغاء لمرضات الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
حيث أفادنا العلامة محمد طه الغيلي بأن الإحسان في كل شيء هو أعلى مراتب الإيمان ودليل على الرقي بالنفس ومدى إيمانها وإحسانها إلى من أمر الله بالإحسان إليهم سواء أكانوا قربى أو جيرانا أو من عامة المجتمع وإخوة الدين فما بالكم بالمغدور بهم والمنكوبين والمجروحين والشهداء جراء هذا العدوان الغاشم على أرض الحكمة والإيمان.

وأضاف: وهنا تتجلى حقيقة الإيمان وروح التكافل والعطاء بمواساة أهل الشهداء وذويهم والجرحى والمحتاجين بأي حال من أحوال الدعم كان واعلموا أن المسلمين – كما قال رسولنا الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم – في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن سر مسلما سره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
تجليات وصور
فيما تحدثت الداعية بشرى الحسني عن صور العطاء والتكافل والإحسان للجرحى وأسر الشهداء بالقول: هناك صور عديدة لمن يريد أن يدخل في زمرة المحسنين وأهل المثوبة والخير ومن ذلك مواساتهم هو بالمال أو إعانتهم في ملاذ آمن لهم ولأسرتهم بعد أن فقدوا منازلهم وحلالهم ومالهم أو إعانتهم في مصدر رزق ودخل يعينهم على حوائج الدنيا أو مداوة مصابهم وجريحهم أو نقلها إلى الميسورين للتكفل بعلاجهم وموساتهم بالغذاء والشراء والملبس كل على قدر حاله واستطاعته فإيمان أهل بقعة أصبح فيها أمرؤ جائعا فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله ومن رفق بعباد الله رفق الله به ومن رحمهم رحمه ومن أحسن إليهم أحسن إليه ومن جاد عليهم جاد عليه .. ومن نفعهم نفعه.

قد يعجبك ايضا