الإسلام وبناء الشخصية

أولا: إن الناظر للشخصية الإسلامية اليوم والشخصية الإسلامية التي تربت على يد النبي المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم يجد الفرق بينهما شاسع وواضح وذلك أنهم أناس صدقوا مع الله عز وجل وصدقوا مع أنفسهم حملوا هم الدعوة على عاتقهم وبذلوا من أجلها الثمين والغالي حبا للإسلام وأهله, رسخ الإيمان في قلوبهم كالجبال الرواسي وامتلك اليقين في قلوبهم لدرجة أن الواحد منهم يعدل عشرة فكان أعز وصف وصفوا به أنهم رجال فقال عز وجل “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا” سورة الأحزاب.. على أيديهم انتصر الإسلام وانتشر في ربوع الأرض فهنيئا لهم فكانوا ورودا زاهرة ونجوما لامعة وشمسا مشرقة أنارت مشارق الأرض ومغاربها.
أما شخصية اليوم إلا من رحم الله فإنها الكثرة الكاثرة والتي لا هم لها إلا السعي وراء المناصب والجاه والنفوذ فخار الإيمان من قلوبهم وضعفت الهمم من النفوس فصاروا كما وصف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم “غثاء كغثاء السيل” سوادهم عظيم وعددهم كثير ولكن لا فائدة من ورائهم, وهذه الشخصية إن بقيت على حالها فلم ولن يكتب لها عز ولا فتح ولا نصر بل سيعيشون عيشة ذليلة لأنهم أهملوا دينهم وجعلوا شرع الله عز وجل وراء ظهورهم فحل بهم ما استحقوه لأنهم رضوا الهوان في دينهم وباعوه وجعلوه وراء ظهورهم ودين الله عزيز ينصر من ينصره قال تعالى: “ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز” سورة الحج.
ثانيا: إن الدولة الإسلامية التي أسسها الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وأعلى بنيانها صحابته الكرام من بعده لم تكن وليدة الصدفة بل لأنه صلى الله عليه وآله وسلم وضع أسسا سليمة سار عليها وبنى عليها الرجال الذين نصر الله الإسلام على أيديهم وفتح لهم وبهم الأرض فكانت أول لبنة وضعها صلى الله عليه وآله وسلم هي:
1ـ بناء الإيمان الحق في قلوب الناس وهذا الإيمان الذي إذا رسخ في قلب صاحبه وتمكن منه تساوى عنده التراب والذهب فلم يلتفت إلى الدنيا وملذاتها بل سيسعى ليحقق مراد الله عز وجل منه بل سيبذل كل ما يملك نصرة لهذا الدين فها هو صلى الله عليه وآله وسلم يقف في مواجهة قريش وقبالة عمه ليصدع بهذه الكلمات (والله يا عم لو وضعوا الشمس في يمني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله عز وجل أو أهلك دونه).
2ـ من الأسس الهامة التي وضعها صلى الله عليه وآله وسلم في الناس هي بناء المحبة الصادقة في القلوب وهذه امرأة من الأنصار بلغها أن رسول الله قتل فتنطلق إلى أحد قائلة ما فعل رسول الله¿ رأت ابنها مقتولا تقول ما فعل رسول الله¿ رأت زوجها مقتولا تقول ما فعل رسول الله¿ رأت أباها مقتولا تقول ما فعل رسول الله¿ رأت أخاها مقتولا تقول ما فعل رسول الله¿ فلما رأته صلى الله عليه وآله وسلم واطمأنت عليه قالت يا رسول الله كل مصيبة بعدك جلل.. هذا هو الحب المراد فهل في قلوبنا مثل هذه المرأة الصادقة.
3ـ من الأسس الهامة التي غرسها صلى الله عليه وآله وسلم المؤاخاة وبيان أن هذه الرابطة أقوى وأعظم من رابطة الوطن أو اللغة أو الثقافة إنها الأخوة الإسلامية.
ثالثا: من ثمرات الشخصية الإسلامية:
إن الشخصية عامة إن تربت على ما ربى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه أصحابه لمكن الله عز وجل لهم في الأرض ولأعزهم الله عز وجل بالإسلام وأعز الإسلام بهم, وصدق الله الكريم إذ يقول: “وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا, يعبدونني لا يشركون بي شيئا” سورة النور.. ومن الثمرات الهامة أيضا أن الشخصية إن تربت على الإسلام ومبادئه فهذه الشخصية لا ترضى بالهوان والذل ولن ترضى أن تقاد بل ستكون هي القائدة ولها الريادة والعزة.
هذا والله أعلم

قد يعجبك ايضا