الإسلام وبناء الأسرة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله عليه وأله وصحبه وسلم ومن والاه وبعد:
يهتم الإسلام بالأسرة اهتماما بالغا إذ أنها اللبنة الأولى في بناء المجتمع الصالح ومن ثم فقد اعتنى منذ اللحظات الأولى بالتفكير في تكوين الأسرة واستمر اهتمامه بها ليتوافر للبيت المسلم الاستقرار التام والسعادة الحقيقية وحينئذ يكون بحق محضنا سليما لتربية جيل مسلم يعمل لإعلاء راية الإسلام ونشر نور الله في الآفاق وذلك وفقا للخطوات التالية:
حسن الاختيار:
إن المسلم ذكرا كان أو انثى حينما يفكر في تكوين أسرة وإنشاء بيت سيبحث في شريكه أو شريكته عن الدين والخلق أولا وقبل كل شيء ذلك أن الزواج ليس مجرد قضاء وطر أو إشباع شهوة بل إنه فطرة إنسانية وضرورة اجتماعية لها منزلة سامية ومن هنا يحرص صاحب العقيدة الإسلامية على التدقيق التام في مسألة انتقاء الزوج أو الزوجة امتثالا للتوجيهات النبوية في هذا الشأن ففي جانب اختيار الزوجة الصالحة بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس متفاوتون في نظرتهم إلى المواصفات المطلوب توافرها في الزوجة فمنهم من تكون نظرته إلى المال فقط ومنهم من يتجه صوب الحسب المجرد ومنهم من يشترط توافر الجمال الشكلي وفئة رابعة هي الرابحة لأنها تبحث عن الأصل الجامع لكل خير وهو الدين والذي إذا وجده الإنسان فقد وجد كل شيء وفي ذلك يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك” متفق عليه.
وليس معنى ذلك أن الإسلام لا يأبه باعتبارات المال والحسب والجمال ولا يقيم لها وزنا فلاشك أنها مرغوبة ومحبوبة وتساهم في تحقيق الهدف الأسمى من الزواج المتمثل في تكوين بيت مؤمن مستقر سعيد ولكن الإسلام يحذر من النظر إلى المال وحده دون التفات إلى الدين والخلق أو إلى مجرد الحسب دون مراعاة للالتزام بالإسلام أو إلى جمال فقط دونما اهتمام بجانب التقوى ذلك أن الجمال المجرد عن الدين والخلق قد يكون سببا في الهلاك وأن المال المجرد عن الدين والخلق قد يدفع إلى الطغيان فيكون الزوج مسائرا في طريق النعاسة والشقاء وهو يظن أنه في درب السعادة والهناء وهذا ما يشير إليه الحديث النبوي “لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن لا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة سوداء ذات دين أفضل.
وبهذا الاختيار القائم على الدين والحلق من جانب الزوج والزوجة يستقيم عود الإنسان وتثبت قوائمه وتصبح على أسم الاستعداد لمواجهة المشاكل الداخلية والخارجية.
أداء الحقوق الزوجية
 تكفلت توجيهات ديننا الحنيف بوضع الأسس السليمة لتحقيق السعادة والاستقرار للأسرة المسلمة فقد أمر الأزواج بحسن معاملة زوجاتهم وفي هذا يقول المولى عز وجل (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم “فاتقوا الله في النساء فإنهن عند كم عوان لايملكن لأنفسهن شيئا وإن لهن عليكم ولكم عليهن حقا وكذلك أمر الإسلام الزوجات بحسن عشيرة أزواجهن وجعل المرأة أداء حق ربها متوقفا على حق زوجها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها”.
والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه ولا شك أن كلا من الزوجين إذا التزما بهذه التوجيهات الحكيمة يتحقق للأسرة المسلمة الاستقرار والأمن والطمأنينة فتصبح مهيئة لتربية الأجيال المؤمنة الصالحة.
تربية الأولاد:
يؤكد الإسلام على حسن تربية الأولاد و وتنشئهم إسلامية صحيحة فقد قال الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة”.
والرسول صلى الله عليه وسلم جعل كلا من الرجل والمرأة مسئولا عن أمانة بيته حيث يقول “والرجل راع في أهله ومسئولا عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها” وتبدأ مسئولية كل من الرجل والمرأة تجاه أولادهما منذ اللحظة الأولى التي يتجه فيها تفكيرهما إلى إنشاء بيت وتكوين أسرة.
وهكذا أولى جانب التربية والتأديب عناية خاصة وأوجب على الوالدين تعليم الأولاد وحسن تأديبهم فعلى كل أب وأم أن يثبت في تقوى أولادهما عقيدة التوحيد ويغرسها في أذهانهم مبادئ الإسلام السمحة منذ نعومة أظفارهم وأن يحرصا على تعويدهم أداء العبادات ويغرسون في نفوس أولادهم معاني التضحية والغداء.
هذا وصلى الله على خاتم النبيين والمرسلين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

قد يعجبك ايضا