يتحدث سمير الوليدي بحرقة وألم شديد بعد أن اخبرهم مدير الشركة التي يعمل بها بأن الشركة ستضطر إلى إعطائهم أجازة مفتوحة بدون راتب في ظل استمرار الوضع الراهن في اليمن.
سمير ونحو 50 عاملاٍ من زملائه في الشركة يستعدون للانضمام إلى رصيف البطالة أو عمال بدون أعمال إلى جانب أعداد أخرى سبقتهم حيث توقفت العديد من الأعمال التجارية والاقتصادية والاستثمارية وشركات النفط والغاز والمعادن وغيرها الأمر الذي أدى إلى تسريح أيادي عاملة وأخرى في الطريق.
مع استمرار الوضعية الراهنة والقصف اليومي الغاشم الذي تتعرض له اليمن تتفاقم الأوضاع الاقتصادية وتأثير ذلك على القوى العاملة وارتفاع نسبة البطالة المرتفعة أصلا منذ سنوات وانعكاسها على اتساع رقعة الفقر في البلاد.
ولا تتوقف الخطورة عند هذا الحد بل شظايا انعكاساتها تنمي مشكلة خطيرة غير مرئية تتمثل في العاملين بالقطاع غير الرسمي ممن يزداد عددهم كل يوم كفئة ضخمة ضعيفة معرضة للصدمات الخارجية وتنتظر مصيرا مجهولاٍ .
ويقول سمير ويعمل في إحدى الشركات العاملة في الصناعات الغذائية إنه وزملاءه في حيرة من أمرهم في ظل الوضعية الراهنة والحرب المتواصلة التي تشن على اليمن ويتأثر بها شريحة واسعة من المجتمع بفقدان أيادي عاملة لأعمالهم وتوقف أعمال وشركات وأنشطة استثمارية تستوعب أعدادا كبيرة من الأيادي العاملة.
تسريح
أثرت الحرب الراهنة والاعتداءات المتواصلة التي تتعرض لها اليمن والشعب اليمني على توقف العديد من الأعمال والشركات والمؤسسات العامة والخاصة حيث أدى توقف بعض الشركات ومصانع الاسمنت إلى تسريح نحو 1400 عامل بينما توقف شركات التنقيب والاستكشاف والإنتاج النفطي اثر على وضعية آلاف من الأيادي العاملة وانتظارهم في رصيف البطالة أي بارقة أمل لاستقرار الأوضاع من جديد بالإضافة إلى تأثير هذه الوضعية على توقف مكاتب ومؤسسات تمويلية دولية وهناك العشرات من الأيادي العاملة تعمل بهذه المؤسسات.
من بين هؤلا أحمد الأميري الذي كان يعمل في أحد مكاتب المؤسسات الدولية بصنعاء وبعد إغلاق المكتب وتسريحهم بحث عن عمل آخر واستقر به الحال إلى استئجار سيارة تاكسي ويعمل بها طوال الفترة الماضية.
ويؤكد احمد بأن هناك ضرراٍ كبيراٍ لحق بهم بعد أن كان يستلم راتبا مجزيا وبالعملة الصعبة والآن يكافح بجهد شاق لتوفير لقمة العيش له ولاسرته.
ويتمنى احمد أن تنجلي هذه الغمة ويستقر الوضع وتعود الحياة من جديد لأن هناك الكثير من المتضررين من هذه الأوضاع يعيشون حياة صعبة.
من جانبه يؤكد أمين الذي كان يعمل في الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال والتي أعلنت التوقف المؤقت عن العمل – أن ذلك يأتي نظرا لتزايد التدهور حول منطقة عمل الشركة والوضع في البلد بشكل عام. لافتا إلى انه يبحث عن عمل مؤقت حتى استقرار الأوضاع وعودة الشركة للعمل.
تضخم
تقدر العمالة غير المنظمة في سوق العمل اليمنية بما يقرب من ثلثي قوة العمل وبنسبة تتجاوز ال85 % وهناك نحو 98% من العاملين في القطاع الخاص في اليمن لم يشملهم التأمين سواء في القطاع المنظم أو القطاع غير المنظم والذي يشكل نسبة كبيره من اليد العاملة ولهذا تفاقم الأوضاع الحالية والخطر الذي يداهم القوى العاملة يضاعف الأعباء على مختلف فئات العمل واغلبها غير مؤمن عليها وتجد طريقها بسهولة إلى رصيف البطالة .
وتضاعف المحنة الحالية ما تعاني منه اليمن من تضخم لافت للقطاع غير المنظم وتركز خلق فرص العمل في العقود الماضية في قطاعات ضعيفة الإنتاجية وفي الاقتصاد غير الرسمي الآخذ بالتوسع.
وتشير تقديرات رسمية إلى ارتفاع كبير بمقدار ثلثي العمال يعملون اليوم بصفة غير منظمة وهذا يعني أنهم لا يستطيعون الحصول على ضمانات قانونية تحمي حقوقهم الأساسية في العمل – كالحصول على الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وتدابير السلامة والصحة المهنية وأنظمة ظروف العمل في بيئة خطرة وغير مستقرة تدفعك في أي لحظة إلى رصيف البطالة.
وعلى الرغم من ارتفاع البطالة كمعضلة يتعذر حلها فإن المشكلة الأكبر في هذا الخصوص تتمثل في العاملين بالقطاع غير الرسمي.
ويرى خبراء أن مشكلة ارتفاع البطالة مدمرة بشكل خاص في أوضاع تسمح بنموها لكن المشكلة الأخطر من وجهة “الخبراء ” في ما تمر به اليمن حاليا حيث يجد العامل نفسه على رصيف البطالة ويتم الاستغناء عنه بدون أي حقوق أو التزامات من قبل قطاع الأعمال .
فهؤلاء الناس ممن يضافون حاليا بصورة متواصلة إلى رصيف البطالة والذين لا يتم حصرهم في إحصاءات البطالة هم في حال أسوأ لأنهم يفتقرون للأمن في دخلهم وغالبا ما يعيشون قرب خط الفقر.