فيــدراليـة المحــافظــات والخيـــارات الأخـرى

حيث تكون دولة الاتحاد من الأقاليم التي هي أطرافها بغض النظر عن كبر الإقليم أو صغره من حيث المساحة والسكان.
• أن التقسيم على أساس ستة أقاليم سيواجه صعوبات كثيرة ومتعددة منها:
– أنه سيقع الاختلاف أولا حول من هي المحافظات التي سيتشكل منها الإقليم¿ وثانيا سيقع الاختلاف حول عاصمة الإقليم وأين تكون¿ وهل سيكون لهذه الأقاليم منفذا على البحر أم لا¿ فعلى سبيل المثال لو أردنا أن نعرف إقليم صعدة ومما يتكون على أساس أن اليمن سيقسم إلى سبعة أقاليم علينا أن نسوق كل الاحتمالات لذلك وأولها أن يتشكل الإقليم من:
– صعدة + عمران + حجة
– صعدة + عمران + صنعاء
– صعدة + حجة + الحديدة
– صعدة + عمران + الجوف
– صعدة + الجوف + مارب
– صعدة + الجوف + حجة
وهذه الاحتمالات تصدق على جميع الأقاليم وقد يعاد التقسيم عشرات المرات بالنسبة للمحافظات المذكورة فيما بينها البين وفيما بين محافظات أخرى لتكوين أقاليم جديدة.
– وما يصدق على الاختلاف حول تشكيل الإقليم أولاٍ يصدق على اختيار عاصمة الإقليم وأي المدن تكون¿.
– الصعوبات المالية التي ستنشأ مع السبعة الأقاليم لأن المستويات الإدارية ستتعدد وبالتالي سنتحدث عن مستوى إداري جديد يتوسط عاصمة الدولة وعاصمة المحافظة هو عاصمة الإقليم ثم عاصمة المديرية بما يترتب عليه من ضرورة توفير التجهيزات اللازمة لذلك من مباني ومن أجهزة إدارية واعتمادات جديدة واستحداث درجات وظيفية جديدة وخلافه فبدلا عن ثلاثة مستويات إدارية في الـ 21 إقليماٍ ستصبح لدينا أربعة مستويات إدارية هي:
• المستوى المركزي
• ثم عاصمة الإقليم
• ثم عاصمة المحافظة
• ثم عاصمة المديرية.
    وهذا يعني أن الالتزامات المالية الجديدة والأجهزة الإدارية الجديدة لعواصم الأقاليم السبعة تضاف إلى عواصم المحافظات الـ 21 الموجودة أصلا. على عكس ألـ 21 إقليم الذي ستكون فيه المستويات الإدارية والأجهزة هي نفس الأجهزة ولن نحتاج لأكثر من أن نغير كلمة اللامركزية الإدارية إلى لامركزي سياسية.
– وعلى المستوى الإداري في حالة السبعة أقاليم لن يشعر المواطن بأي تحسن فيما يتعلق بقضائه لحاجاته ومعاملاته في ظل الأقاليم الكبيرة فعليه أن يستمر في مواصلة السفر والعناء وتحمل تكاليف الانتقال والمبيت وغيره في حين أن الهدف من إعادة النظر في شكل الدولة هو إعادة توزيع الصلاحيات والاختصاصات بين السلطة المركزية والأقاليم وفي نفس الوقت تسهيل الإجراءات الإدارية للمواطنين وتقريبها منهم.
• يضع البعض شروطا أو عقبات أمام الفيدرالية من قبيل حجم الأقاليم مساحة وسكانا وهذا ليس شرطا فالأمثلة على نجاح الدول الاتحادية الأصغر مساحة وسكانا كثيرة فهاهي سويسرا لا تزيد مساحتها عن أربعين ألف كم2 وعدد سكانها لا يتجاوز سبعة ملايين نسمة وهي موزعة إلى 27 إقليم منها إقليم بازل لا يتجاوز 37 كم2. وكذلك بلجيكا تكاد تكون بنفس المساحة والسكان كما أن الأصل في قيام الدول الاتحادية مبدآن هما: مبدأ الاستقلال ومبدأ المشاركة ولاينظر إلى المساحة أو السكان أو أي جوانب أخرى كما حدث في الاتحاد الأمريكي كدولة تكونت من مجموعة من الدول المستقلة أو كما حدث مع ألمانيا التي توحدت في 3 أكتوبر 1990م وتكونت من 16 إقليما هم عدد ولايات الدولتين قبل الوحدة وكذلك ما حدث مع الدول التي تحولت من دول بسيطة إلى دول اتحادية مثل المكسيك البرازيل بلجيكا وغيرها.
كما أن هناك دولا مساحاتها وعدد سكانها محدود مقارنة بالدولة اليمنية مثل إمارة موناكو ومساحتها 1,98 وعدد سكانها 35 ألف نسمة والدخل الإجمالي السنوي يقترب من 7 مليارات دولار أي ربع الدخل الإجمالي لليمن والذي يصل إلى 35 ألف دولار متوسط نصيب الفرد منه 1200 دولار. متوسط نسيب الفرد منه 196 ألف دولار.
وسان مارينو ذات النظام الجمهوري مساحتها 60 كم2 وعدد سكانها 31,500 ألف نسمة وبها تسع بلديات والدخل الإجمالي يقترب من 51 مليار دولار متوسط نصيب الفرد منها 46 ألف دولار.
وبمقارنة المساحة والسكان بالمثالين السابقين لكان الدخل الإجمالي اليمني يساويهما ألاف المرات قياسا بشرطي المساحة والسكان كما يصر البعض.
وهناك كثر من الأمثلة يمكن إيرادها منها دولا مستقلة وولايات في دول لا تقارن مساحاتها وعدد سكانها ودخلها الإجمالي السنوي لا يقارن بمساحة وعدد سكان اليمن ودخله الإجمالي السنوي.
• كما يضع البعض شروطا لازمة لقيام الاتحاد مثل التنوع الثقافي واللغوي والعرقي والقومي والديني وهذا مجاف للحقيقة فالأصل أن نجاح الاتحاد مع التوافق الثقافي والديني أكثر منه مع عدم التوافق ففي الأول لا توجد ضمانات لعدم حدوث صراعات عنيفة بين الأقاليم على عكس النموذج الثاني.
• يضع البعض تصورات لقيام الإقليم بضرورة وجود منفذ بحري وهذا يعكس فهما خاطئا لمعنى الدولة الاتحادية ذلك أن الموانئ البحرية والجوية والبرية هي منافذ سيادية ومن اختصاص السلطة الاتحادية وتستفيد منها جميع الأقاليم. وتعتبر عائداتها من الموارد السيادية التي يجب إعادة توزيعها على جميع الأقاليم وفقا لنموذج متفق عليه يراعى فيه المساواة والسكان والمساحة.
• بناء على ذلك فإن الخيار الثالث الذي يرى التقسيم الاتحادي على أساس الوضع الحالي فيدرالية المحافظات أي الواحد والعشرين محافظة هو الخيار العلمي والواقعي ولا يحتاج الأمر لأكثر من تبني صيغة اللامركزية السياسية( الحكم المحلي) في الدستور الاتحادي الجديد بديلا عن اللامركزية الإدارية لننتقل إلى صيغة الدولة الاتحادية.
وخيار فيدرالية المحافظات في اليمن بأن تتحول إلى أقاليم أو ولايات هو الحل الجذري لكل مشاكل اليمن كما يراه البعض وهو الذي نعتقده ونؤيده وهذا ما تم بالنسبة للدولة الألمانية حيث أصبحت دولة اتحاية من 16 إقليما وذلك بجمع الولايات في ألمانيا الغربية وعددها 11 ولاية مع ولايات ألمامانيا الشرقية وعددها 5 خمس ولايات. وهذا النموذج هو الأكثر ملائمة مع الشكل الاتحادي والنظام السياسي الرئاسي ونظام التمثيل النسبي في الانتخابات.
يعترض البعض على الـ 22 الإقليم على اعتبار أنه لا يقدم جديدا ولا يختلف عن الوضع السابق وهذا كلام تنقصه الدقة فليست العبرة بعدد الأقاليم ولكن بما يخوله لها الدستور من الصلاحيات والاختصاصات وها هي سويسرا بمساحة 40 ألف كم2 مكونة من 27 إقليماٍ واحدها مساحته لا تتجاوز الـ 37 كم2. وهاهي الإمارات التي لا تتجاوز مساحتها 82 ألف كم2 بها سبع إمارات ( سبعة أقاليم).
وهناك أمثلة أخرى لا تعتمد غير المعيار الطبيعي وتتعامل مع الأشياء كما هي فهاهي ولاية رو آيلاند في الولاية المتحدة الأمريكية لا تتجاوز مساحتها محافظة المحويت 4002 كم2 وهاهي ولايات ألمانية مساحتها 892 كم2 برلين و 404 كم2 بريمن وهامبورغ 755 كم2 بل هناك دول مساحة سوقطرى مثلها خمس مرات 700كم2 وموناكو 1.98 كم2 وسان مارينو مساحتها 60 كم2 ومع ذلك الدخل الإجمالي السنوي للبحرين يساوي الدخل الإجمالي لليمن مع الفارق في المساحة وعدد السكان.
غير أن البعض يشير إلى أن الذي يقف خلف رفض الـبعض للـ 22 إقليم هو خوف الرافضين من أن تستحوذ الأقاليم المنتجة للنفط والغاز على الثروات الطبيعية الموجودة فيها وهذا يعتبر فهما خاطئا للشكل الاتحادي للدولة أيضا ذلك أن الثروات الطبيعية هي ثروة سيادية ومن اختصاص السلطات الاتحادية وعليه فإن وجود الثروة النفطية أو المعدنية في أي إقليم لا يعني تملك الإقليم لتلك الثروة. 
 إن فيدرالية الـ 22 إقليم هي التي ستمكن الولايات الجديدة أو الأقاليم من حكم نفسها وإدارة شؤونها الداخلية وفقا لدساتيرها وقوانينها تحت سقف الدستور الاتحادي والقوانين الاتحادية ولن تْمِكنú الأقاليم الاتحادية من امتلاك الكثير من عوامل القوة كي تجعل منها ندا للسلطة الاتحادية أو كما يحلو للبعض القول: أن الـ 22 إقليم هي طريق الانفصال أو التفتيت وهذا كلام مجاف للحقيقة ذلك أن الدستور الاتحادي لا يعطي للأقاليم حق الانفصال كما أن الجيش والعملة والموانئ والجمارك والثروات الطبيعية هي من أمور السيادة وأن المحكمة الاتحادية العليا هي التي تفصل في المنازعات سواء بين الولايات وبعضها أو بين الولايات والسلطة الاتحادية.
ولو صدق هذا التوجه القائل بأن الـ 22 إقليماٍ يعتبر تفتيتا للدولة!! فلماذا لم تكن تفتيتا للدولة البسيطة الحالية¿ ولماذا لا تعتبر تفتيتا لسويسرا¿ أم أن وراء مثل هذا الطرح حب الهيمنة والسيطرة¿بل على العكس من ذلك فإن أكبر خطر يهدد بانهيار الدولة وتفكيك الأمة هي الأقاليم الكبيرة مع هشاشة السلطة.   أخيرا فإن خيار الـ 22  إقليماٍ يجنبنا الدخول في فترة انتقالية تكون مضارها ومخاطرها كبيرة على الاستقرار والتنمية والاستثمار وقد تكون مقدمة للانفصال في حالة الإقليمين أو السبعة أقاليم…إلخ.
استاذ النظم السياسية
المساعد – جامعة صنعاء

قد يعجبك ايضا