تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية والحزبية واجب ديني ووطني

الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ورحمة الله للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سار على نهجهم وسلك طريقهم إلى يوم, أما بعد:
فإن الدين الإسلامي الحنيف جاء ليجمع الناس على كلمة سواء, ويقضي على ما كان بينهم من فرقة وخلاف ودعا الجميع إلى أن ينظر كل واحد منهم إلى الآخر على أنه أخ له في الإنسانية قال تعالى (يا أيها الناس إöنا خلقناكم مöن ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائöل لöتعارفوا إöن أكرمكم عöند اللهö أتقاكم) سورة الحجرات أية رقم 13 إذن فالجميع سواء أمام الله تعالى ويجمعهم الإيمان بالله ورسوله وتجمعهم الغاية التي ينشدونها جميعا وهي رضا الله في الدنيا والآخرة.
ولذلك فإن القواسم المشتركة بين الناس كثير وكثيرة ولذلك دعا الإسلام كل مسلم أن يشعر بما يحتاجه اخوانه من المسلمين ولا يجنح المسلم إلى ما يعود عليه بنفع خاص سواء كان هذا النفع ماديا أو سياسيا أو حزبيا أو غير ذلك من المنافع التي تميل إليها طبائع الناس بل ينبغي على المسلم أيا كان وحيثما كان أن يغلب مصلحة الجميع على مصالحه الشخصية.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة في هذا الأمر فحينما كان يدعو الناس إلى الله تعالى في مكة وضاق به أهل مكة من الكفار ذرعا وشكوا إلى عمه أبي طالب ثم بعثوا له عقبة بن ربيعة ليعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض المكاسب الشخصية لعله يقبل بعضها ويكف عما كان يدعو الناس إليه من الدين الحق يراعي مصالح الناس جميعا دون تفريق فقال له عقبة يا ابن أخي إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع رأيا دونك وكل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرفض أن ينتفع بشيء خاص له ويترك ما ينتفع به الناس جميعا من الدين الحق ليضرب المثل الأعلى في تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية التي ربما ينتفع بها شخص واحد أو حزب واحد أو مجموعة معينة من الناس.
ولن ينصلح حال المجتمع الإسلامي في كل مكان إلا إذا تخلى كل طرف من أطراف المجتمع عن مكاسبه الشخصية وغلب المصلحة العامة التي تعود بالنفع على المجتمع بأسره وبهذا يكون المجتمع بكل أطرافه وأشكاله قد عاد إلى منهج الإسلام الذي يراعي مصالح الناس العامة التي تعود بالنفع على الجميع.
نسأل الله أن يجمع بين قلوب المسلمين ويوحد بين صفوفهم في كل زمان ومكان وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قد يعجبك ايضا