المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف

جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خري وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلُ خير احرص على ماينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل “لو” أني فعلت كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن “لو” تفتح عمل الشيطان) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث الشريف يلفت أنظارنا إلى صفة صمة من صفات المؤمن يجب استحقق في كل مؤمن على أمة الإسلام بأسرها هذه الصفة هي صفة القوة والمراد المؤمن القوي في هذا الحديث القوي في إيمانه القوى في تمسكه بأحكام دينه القوي في اقتدائه بكل ما جاء الله رسوله –صلى الله عليه وسلم- القوي في دفاعه عن عقيدته القوي في نصرته للحق القوي في مقاومته للباطل وأهله وأيضاٍ القوي في بدنه وجسده لأن ذلك يعينه على طاعة الله تعالى.
ولفظ القوة يدل على الصلابة والمتانة ويطلق هذا اللفظ على الأشياء المادية والحسية كقولك فلابد قوى البدن أو قوى اليد قال تعالى: (اللِهْ الِذي خِلِقِكْم من ضِعúفُ ثْمِ جِعِلِ من بِعúد ضِعúفُ قْوِةٍ ثْمِ جِعِلِ من بِعúد قْوِةُ ضِعúفٍا وِشِيúبِةٍ يِخúلْقْ مِا يِشِاء وِهْوِ الúعِليمْ الúقِديرْ) سورة الروم: 54.
وكذلك يطلق لفظ القوة على الأشياء المعنوية كقوة العزيمة وقوة الإرادة كما قال تعالى: (وِإذú أِخِذúنِا ميثِاقِكْمú وِرِفِعúنِا فِوúقِكْمْ الطْورِ خْذْواú مِا آتِيúنِاكْم بقْوِةُ وِاذúكْرْواú مِا فيه لِعِلِكْمú تِتِقْونِ) سورة البقرة: 63..
أي أخذوا ما آتيناكم من هداية بقوة ونشاط وتقبلوها بحرص وجد لا يضعف ووهن.
ومما يدل على شرف القوة وفضلها أن الله تعالى وصف بها ذاته وجعلها اسماٍ من أسمائه في آيات كثيرة قال تعالى: (كِتِبِ اللِهْ لِأِغúلبِنِ أِنِا وِرْسْلي إنِ اللِهِ قِويَ عِزيزَ) سورة المجادلة:21.
وقال أيضاٍ: (إنِ رِبِكِ هْوِ الúقِويْ الúعِزيزْ) سورة هود:66.
والقوة صفة من صفات الملائكة جميعاٍ قال تعالى: (عِلِيúهِا مِلِائكِةَ غلِاظَ شدِادَ لِا يِعúصْونِ اللِهِ مِا أِمِرِهْمú وِيِفúعِلْونِ مِا يْؤúمِرْونِ) سورة التحريم:6.
والقوة صفة من صفات سيدنا جبريل بالذات قال تعالى: (علمه شديد القوى) سورة النجم:5.
والقوة صفة من صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صفات أصحابه الكرابة قال تعالى: (مْحِمِدَ رِسْولْ اللِه وِالِذينِ مِعِهْ أِشدِاء عِلِى الúكْفِار رْحِمِاء بِيúنِهْمú تِرِاهْمú رْكِعٍا سْجِدٍا يِبúتِغْونِ فِضúلٍا منِ اللِه وِرضúوِانٍا سيمِاهْمú في وْجْوههم منú أِثِر السْجْود ذِلكِ مِثِلْهْمú في التِوúرِاة وِمِثِلْهْمú في الúإنجيل كِزِرúعُ أِخúرِجِ شِطúأِهْ فِآزِرِهْ فِاسúتِغúلِظِ فِاسúتِوِى عِلِى سْوقه يْعúجبْ الزْرِاعِ ليِغيظِ بهمْ الúكْفِارِ وِعِدِ اللِهْ الِذينِ آمِنْوا وِعِملْوا الصِالحِات منúهْم مِغúفرِةٍ وِأِجúرٍا عِظيمٍا) سورة الفتح:29.
والله تعالى أمر المءمنين بأن يكونوا أقوياء وأن يعدوا لأعدائهم من القوة ما يفوق ما عند الأعداء قال تعالى: (وِأِعدْواú لِهْم مِا اسúتِطِعúتْم من قْوِةُ وِمن ربِاط الúخِيúل تْرúهبْونِ به عِدúوِ الله وِعِدْوِكْمú..) سورة الأنفال:60.
ولذا من الواجب على المؤمنين في كل وقت وحين وبالذات في هذا العصر أن يعدوا لأنفسهم من القوة ما يفوق قوة أعدائهم ليحافظوا على هيبتهم وحريتهم وكرامتهم كما يجب عليهم أن يتعلموا كل الفنون والصناعات التي تدحر من يعتدي عليهم.
إن القوة التي يدعو إليها الإسلام هي القوة العاقلة الرشيدة التي لا تنبع إلا من العقيدة القويمة السليمة لأن العقيدة متى استقرت في النفس وسرخت في القلب جعلت صاحبها إذا تكلم كان قوياٍ في حجته وبيانه وإذا كلف بعمل من الأعمال كان قوياٍ في أدائه بالطريقة التي تجعله من رضي الله الله عنهم ورضوانه وإذا اتجه إلى سلوك كان واضحاٍ في سلوكه قوياٍ في أخذه وعطائه.
هذه العقيدة تجعل المؤمن قوياٍ في رضاه بما يأتي به قدر الله –عز وجل- لا يتطرق الشك إلى قلبه ولا الريبة إلى نفسه ولا يعترض على حكم الله وقدره بل يكون قلبه راضياٍ ونفسه مطمئنة لكل ما يأتي به قدر الله تعالى وهذا ما أشار إليه الحديث النبوي في البداية (وإن أٍصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء الله فعل).
فعلينا إخوة الإسلام أن تكون من المؤمنين الأقوياء في عقيدتهم وفي عبادتهم وفي تحملهم للمسئولية ومما يدين المسلم على ذلك اعتصامه بحبل الله تعالى وأداؤه للتكاليف الشرعية التي أمر الله بها وتوكله على الله تعالى وابتعاده عن كل ما لا يرضي الله تعالى قال تعالى: (وِمِن يِتِق اللِهِ يِجúعِل لِهْ مِخúرِجٍا2/65وِيِرúزْقúهْ منú حِيúثْ لِا يِحúتِسبْ وِمِن يِتِوِكِلú عِلِى اللِه فِهْوِ حِسúبْهْ إنِ اللِهِ بِالغْ أِمúره قِدú جِعِلِ اللِهْ لكْل شِيúءُ قِدúرٍا) سورة الطلاق 2-3.
نسأل الله تعالى أن يعيد للأمة قوتها وهيبتها وكرامتها وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قد يعجبك ايضا