الإرهاب أسهم في رسم صورة قـــــــــــاتــــــــــــــمـة على الإسلام وأضر بمصالح الأمة

قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق كبيرة من أكبر الكبائر ويعظم الجرم ويشتد الإثم حين تكون هذه النفس نفسا مؤمنة فلا شك أن حرمة دم المسلم أعظم عند الله تعالى من حرمة الكعبة بل زوال الدنيا أهون عند الله من قتل المسلم وقد تواترت الأحاديث والآيات الدالة على هذا المعنى وفيها من الترهيب ما يردع من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فبماذا يتحججون من يقتلون الأبرياء وبأي دين يستترون¿
خطر الإرهاب وأهدافه و كيف نجفف ينابيعه نحن كمجتمع مسلم كان لنا الحوار التالي مع العلامة محمد عبدالله الشرفي إمام وخطيب جامع النور

بداية ما خطر الإرهاب وأهدافه ¿ 
في البداية وأقول استهداف المصلين جريمة وعار في جبين الإرهابيين وأن العمليات الإرهابية التي وقعت في البلاد وبأيدي من يدعون الإسلام أسهمت إلى حد كبير في رسم صورة قاتمة عن الإسلام والمسلمين أمام غير المسلمين وفي تشويه صورة كل مسلم وإيجاد علاقة صورية بين الإرهاب والإسلام علماٍ أن العمليات الإرهابية تعتبر من المخاطر غير المشجعة للتجار ورجال الأعمال على التوسع في تجارتهم وفي التبادلات التجارية أو عقد الصفقات وعلى هذا سيكون المناخ العام للاستثمار غير مشجع لجذب رؤوس الأموال من الخارج وكما أن الإرهاب يعمل على عرقلة النشاط السياحي الذي يزيد من مصادر الدخل للبلاد
من جهة أخرى فإن الإرهاب يأخذ أبعاداٍ خطيرة قد تصل إلى حد الإضرار بميزانية الدولة وكذلك تزايد نفقات الدولة على جهود مكافحة الإرهاب  وعلى هذا فإن الكل سيكتوي من نار هذا الفكر الظالم فيجب على الجميع وفي مقدمتهم المواطنين وأصحاب المحلات التجارية الإبلاغ عن أي مشتبه به إلى الجهات المختصة حتى  تنتهي الجريمة ويسود الأمان
وأما عن سؤلك هن ماهية أهداف الإرهاب
في الحقيقة تنوع الإرهاب في أشكاله وصورهفهناك عصابات وحركات منظمة ومسلحة ذات أهداف ومعتقدات ومناهج وأفكار تعلنها للمجتمع الدولي وترتكب أفظع الجرائم وأشدها  في حق الجميع وخصوصاِ العسكريين ورجال الأمن وبالطريقـة التي تراها في سبيل تحقـيق أهدافها أو نشر أفكارها ويتفق الجميع في أن أهداف الإرهاب مركبة معقدة ولها أسباب كثيرة ومتداخلة بعضها واضح وطاف فوق السطح والبعض الآخر خفي غائص في الأعماق وبعضها عام على المستوى الدولي والبعض الآخر على المستوى المحلي في كل دولة بل وتتنوع الاستنتاجات بحسب اختصاص الباحثين
– كيف نجفف منابع الإرهاب نحن كمجتمع مسلم¿
نحتاج في مواجهة هذا العمل الخطير إلى جهد ليس بالهين ويحتاج إلى تعاون الجميع وهذا ليس محلاٍ لبسط سبل المواجهة كلها ولكن نكتفي بذكر أهم السبل ومن ذلك:
القيام بدور النصح والبيان عن طريق العلماء العاملين عبر جميع وسائل الإعلام الممكنة وأن يكون ذلك مستمراٍ وعلى كل حال فقيام العلماء الربانيين بدورهم الهام والضروري في توجيه الشباب يكون له الأثر الإيجابي على المجتمع الإسلامي خاصة والعالم الإسلامي عامة حتى يستنير الشباب بتوجيهات علمائهم..
وقيام منابر التوجيه بدورها على شتى الأصعدة ومن أهمها: خطباء المساجد وأساتذة كليات الشريعة والمربون ومدرسو المواد الدينية والتربوية وكذلك جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية كل بحسب حاله فإذا قام الجميع بدورهم في التوجيه كان لذلك الأثر الإيجابي على الأجيال الناشئة..
للأسرة تأثير مهم في صناعة الفرد فما واجبها برأيكم ¿
 يجب على الأسرة أن تقوم بدورها الفعال في تربية الأبناء ولاسيما الأبوين فالبيت هو المحضن والموجه الأول وهو المدرسة المهمة في تنشئة الأجيال فمنه تستخرج ثمرات الأمة ليستفيد منها القاصي والداني..
وغرس المعتقد الحق في نفوس الناشئة: وذلك عن طريق دعم المراكز الإسلامية فالمعتقد الحق هو الذي يوجه أفعال الناس وتصرفاتهم.
وفتح أبواب الحوار الهادف وإقامة الندوات البناءة المثمرة لتكون همزة وصل بين المجتمع وشبابه فكل حوار نزيه صادق يحتكم إلى مسلمات الشريعة يكون سبباٍ أكبر من أسباب مواجهة الإرهاب..
وتشجيع الأفكار البناءة من مشروعات خيرية وغيرها لحض الشباب على البذل من أجل دين الله تعالى وخدمة إخوانهم المسلمين..
والتمسك بدين الله تعالى والذب عن شريعته ونصرة أوليائه والوقوف أمام المرجفين الذين يبثون سمومهم في قلوب المسلمين لتشكيكهم في معتقدهم وإضعاف هممهم في خدمة دينهم..
والاجتهاد في القضاء على مظاهر الفقر والبطالة والفراغ لدى الشباب وتأمين حياة كريمة ومعيشة هادئة والاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم فيما يعود بالنفع على الجميع..
والاستماع إلى أصوات الناصحين الذين يريدون الخير لأمتهم فإن الناصح والداعي للخير هو أولى الناس بالاستماع له وقبول توجيهاته..
ووضع الخطط الهادفة والمنظمة والقيام بحملات واسعة للقضاء على مظاهر الفقر والتوجيه إلى إعانة الشباب عن طريق فتح الطرق الميسرة للعمل والتجارة والقيام بمشاريع هادفة تمكن لهم عيشة كريمة طيبة..
والتركيز على رعاية الأسرة وحمايتها من الأخطار المحدقة من التفكك والخلاف والتنازع والضياع..
والتعاون التام بين فئات المجتمع للوقوف صفاٍ واحداٍ ضد جميع التيارات الخاطئة والأفكار الدخيلة وإن واجب الجميع المحافظة على ثوابت الأمة وحماية أمنها..
ووجوب وحدة الكلمة والبعد عن الخلافات والقضاء على الفرقة بين العلماء وطلبة العلم والدعاة إلى الله تعالى وأن يكون الجميع يداٍ واحدة في جمع الصف ولم الشمل وتكاتف الجهود والوقوف صفاٍ واحداٍ ضد كل التيارات والأفكار المنحرفة عن شريعة الإسلام..
والتذكير بأهمية الأمن في حياة الناس وأن المحافظة عليه مطلب شرعي كبير وضرورة هامة للمجتمع وأن ضياعه ضياع للدين والعلم والأنفس والأعراض والأرزاق.
ما هي الأسباب وراء نشوء ظاهرة الإرهاب¿
من المعلوم لدى غالب المسلمين أن أسباب الضلال والانحراف عن منهج الله تعالى قد تولدت من عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيمن كانوا يعترضون على حكمه ويشككون في عدله ويتهمونه في تعامله وذلك في غزوة حنين وهو يقسم الغنائم عليه الصلاة والسلام فجاء إليه رجل من الصحابة وقال له مستنكراٍ “والله إنها قسمة ما أريد بها وجه الله” وعانى بعده الخلفاء في القرون المفضلة ما ظهر عليهم من فرق الضلال وأعمال العنف والإرهاب ما لا يحصى وها هو هذا الداء يستمر إلى يومنا هذا بأشد ما نجد وما نرى. فعلى المسلمين تلمس أسباب هذا المرض العضال الذي دب في الأمة وسبب لها الكثير من المشكلات والمحن.
وإن من أسباب وجود الإرهاب على سبيل المثال الإهمال من شتى جهات المجتمع: فمن ناحية إهمال الأسرة لأبنائها بعدم تعليمهم الأخلاق الطيبة الكريمة وبذل الخير للناس وعدم النهي عن الاعتداء على الآخرين وظلمهم وتوجيههم التوجيه الطيب ليعيشوا لمجتمعهم وأمتهم. وأما من جهة المجتمع فبإهمالهم التعاليم الإلهية والدروس النبوية التي تحمي بنيانها وتوطد أركانها. وأما الإهمال العلمي فبتقصير أهل العلم والفقه والمعرفة والتربية في بذل النصح والتوجيه والتحذير من الوقوع في الردى وتعليم الجهال وتنبيه الغافلين ونشر العلم وحث الشباب على التمسك بسبل النجاة وأيضاٍ الإهمال العام عن طريق عدم تبصير الشباب بالاستفادة من طاقاتهم وشغل أوقاتهم بما ينفعهم وعدم تسهيل أمورهم المادية والمعيشية وغير ذلك كثير.
والفراغ والفقر والبطالة فهما من أشد أسباب وجود هذا العمل الخطير فالفراغ داء مهلك للأمة يحتاج إلى سده بشتى الوسائل النافعة وكذلك البطالة هي رفيق الفراغ فهي السبيل لتفريخ الإجرام والوقوع في الحرام والسعي وراء أسباب الفساد وإما الفقر حدث ولا حرج وكذلك الدعوات الهدامة التوجيه الخاطىء: فحينما يتولى توجيه الناشئة بعض الأشخاص من أصحاب الفكر المنكوس الذين يتلاعبون بعواطفهم ويوجهونها التوجيه الخاطئ فيكون ذلك سبباٍ في تأثرهم بهذا الفكر فيتبعونه دون وعي ولا إدراك.
ومن الأسباب أيضاٍ مظاهر الفساد وتفشيها: وهذه تختلف من بلد إلى آخر وتفشي الفساد من أكبر المؤثرات على الغيورين على دينهم في غياب الوعي الشرعي لديهم فيدفعهم ذلك إلى ارتكاب أعمال عنف يظنون بها أن ذلك انتصارا للدين وقيام بواجب الإنكار.
هل سبب انتشار ظاهرة الإرهاب الجهل أو الفهم الخاطئ للدين ¿
الجهل هو سبب لكن السبب الرئيسي هو الفهم الخاطئ للنصوص: فاغلب من وقعوا في العمل الإرهابي كان بسبب فهمهم الخاطئ لبعض النصوص الشرعية وسماعهم لبعض المتعالمين الذين يلمون ببعض الثقافة الشرعية فأدى الفهم المنحرف لبعض المصطلحات الشرعية كالجهاد والتكفير والشهادة والولاء والبراء والسمع والطاعة إلى الانسياق وراء الحماس الذي أدى بدوره إلى الوقوع في مخاطر عظيمة وجرائم كبيرة.
ومن أعظم الأسباب التغرير بصغار السن من الشباب: والناظر في غالب الأعمال الإرهابية يجد أن من يقومون بها هم من صغار السن ممن لم تنضج عقولهم أو يشتد عودهم وهذا يوصل إلى التغرير بهم سريعاٍ فيقعون فريسة في أيدي أصحاب الفكر المنحرف فيؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة في رميهم لأنفسهم إلى الهلكة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
وكذلك عدم فهم روح الشريعة: فعدم فهم روح الشريعة وحقيقة دين الإسلام والاندفاع وراء العواطف دون ميزانها بالشرع كل ذلك يوقع في حمأة التكفير وعدم الإيمان بوجوب السمع والطاعة ولزوم الجماعة وعدم التفكير في العواقب والتأمل في شرعية تلك الأعمال وأيضاٍ بسبب ذلك تنزع الثقة من العلماء الكبار ويحصل الاندفاع وراء أصحاب الآراء المتهورة التي ليس لها زمام ولا خطام.

قد يعجبك ايضا