الصلاة.. مكانتها وفوائدها

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين… وبعد
فالصلاة أصلها في اللغة الدعاء ومن معانيها الرحمة ويراد بالصلاة العبادة المعروفة من الأقوال والأفعال المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم وإقامتها وأداؤها بأركانها وسنتها وهيآتها في أوقاتها قال ابن عباس يقيمون الصلاة أي بفروضها.
إتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع والإقبال عليها وقراءة القرآن والمداومة والثبات عليها.
لم تتعرض آيات القرآن الكريم لتفاصيل أحكام الصلاة في أوقاتها أو أعمالها وإنما عرضت لذلك إجمالا في عدة مواضيع ويلاحظ أن ذكر الصلاة في كثير من الآيات يأتي مقرونا بالإيمان أولا, وبالزكاة ثانيا وقد يقرن الثلاثة بالعمل الصالح وهو ترتيب ووضع طبيعي فالإيمان أساس وهو عمل القلب والعمل الصالح مجملا دليل صدق الإيمان وهو عمل الحس وأول عمل يطالب به المؤمن هذه الصلاة وهي عبادة البدن ثم الزكاة والنفقة وهي عبادة المال وضريبة الكسب ويلاحظ أن الآيات تطالب بإقامة الصلاة لا بالصلاة لأن المقصود ليس أداء الصلاة شكليا ولكن المقصود كمال صورتها وتوفر خشوعها وحضور القلب.
كيف فرضت الصلاة ومتى فرضت¿
الجمع بين الأقوال الواردة في ذلك يعطينا هذه الصورة أنها فرضت على ثلاث مراحل ففي أول البعثة فرضت ركعتان بالغداة وركعتان بالعشي وصلاة الليل ودليل القائلين بهذا ما نزل من الآيات في مكة وفيها الأمر بالصلاة وما ورد من أن السيدة خديجة رضي الله عنها صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت أنها توفيت قبل الإسراء على أرجح الأقوال في وقته وهو قبل الهجرة بسنة ويشهد له قول الله سبحانه (يا أيها المزمöل قمö الليل إöلا قلöيلا) المزمل الآية 1-2.. ثم زيد عددها في ليلة الإسراء إلى خمس صلوات ركعتين ركعتين إلا المغرب فكانت ثلاثة في أرجح الأقوال وقبل بل كانت اثنتين أيضا ويشهد له حديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه البخاري قالت (فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر وزيدت صلاة الحضر).
ثم زيدت بعد ذلك في السنة الثانية من الهجرة إلى العدد المعروف في الظهر والعصر والعشاء والمغرب وبهذا التصوير يجمع بين كل الأقوال الواردة في وقت فريضة الصلاة وكيفيتها.
أثر الصلاة الروحي:
الإيمان الصادق بالله يحدث في النفس شوقا ولوعة وتحرقا وحنينا يصل إلى حد الوله بمناجاة الله سبحانه وتعالى وليس لهذا كله من مظهر إلا الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه وإذا أكثر العبد من الصلاة مستنصحا هذا الشعور أحدثت الصلاة في نفسه أثرا عميقا ووجد لها حلاوة وتلذذا في قرارة قلبه وإشراقا في حناياه يجعلها ربيع صدره وقرة عينه وكذلك كان الصالحون وكذلك قال صلى الله عليه وسلم (وجعلت قرة عيني في الصلاة) رواه أحمد والنسائي والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن
ومن هنا كانت الصلاة خير مهذب للأرواح ومطهر للنفوس من أدران الإثم والفساد قال تعالى (إöن الصلاة تنهى عنö الفحشاء والمنكرö ولذöكر اللهö أكبر والله يعلم ما تصنعون) سورة العنكبوت الآية 45.
أثر الصلاة الاجتماعي:
لا يقف أثر الصلاة عند هذا الحد الفردي بل إن الصلاة كما وصفها الإسلام بأعمالها الظاهرة وحقيقتها الباطنة منهاج كامل لتربية الأمة الكاملة فهي بأعمالها البدنية وأوقاتها المنتظمة خير ما يفيد البدن وهي بآثارها الروحية وأذكارها وتلاوتها وأدعيتها خير ما يهذب النفس ويرفق الوجدان وهي باشتراط القراءة فيها القرآن الكريم منهاج ثقافة عالية شامل تغذي العقل وتمد الفكر بكثير من حقائق العلوم والمعارف فيخرج المصلي المتقن وقد صح بدنه ورق شعوره وغذى عقله فأي كمال في التربية الإنسانية الفردية بعد هذا¿
ثم هي باشتراط الجمعة والجماعات تجمع الأمة خمس مرات في كل يوم ومرة وفي كل أسبوع على المعاني الاجتماعية الصالحة من الطاعة والنظام والحب والإخاء والمساوة بين يدي الله العلي الكبير فأي كمال في المجتمع أتم من أن تقوم على هذه الدعائم ويشيد على هذه المثل العالية.
كمال الصلاة:
في ثلاثة أمور: المحافظة على وقتها المحدد وإتقان ظاهرها بتجويد الأقوال واستيفاء الأعمال وإتقان باطنها بحضور القلب والخشوع وهذا في الحقيقة هو المقصود بإقامة الصلاة فمن فعل ذلك فقد أقامها ومن قصر في شيء منها فهو غير مقيم لها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين.

قد يعجبك ايضا