الجمعة بين الروحانية وانتحاري الدواعش

تعتبر الجمعة لدى اليمنيين يوما روحانيا فكل واحد يرتب نفسه من بدري ويرتدي الملابس النظيفة إذا لم تكن جديدة والذهاب إلى المسجد للاستماع للخطبة وأداء الصلاة بكل طمأنينة وخشوع تقربا إلى الله سبحانه وتعالى وطلبا للرحمة والمغفرة وبعد الصلاة زيارات الأهل والأرحام وغالبا ما تلتئم الأسر حول مائدة الطعام وعلامة البهجة والسعادة على الوجوه ..
فالبعض يكمل يوم سعادته باصطحاب أطفاله إلى الحديقة للتنزه وآخرون يذهبون إلى مقائل الأصدقاء لتبادل التحايا والترفيه على النفس بالنكت والحديث عما يجيش في الصدور لغسل هموم أسبوع من العمل .. ولكن تغير الحال وتبدد وأصبحت الجمعة يوما للرعب والمآسي للأسر اليمنية.
حيث حول الدواعش من فاقدي الوازع الديني والإنساني الجمعة الماضية إلى يوم دام بدأ باغتيال الناشط السياسي الكاتب الصحفي /عبدالكريم الخيواني -رحمه الله تغشاه- وبفارق زمني بسيط تبعه عمليتان انتحاريتان في مسجدي بدر والحشوش بحزامين ناسفين خلفتا عشرات القتلى والجرحى من المصلين الآمنين في بيوت الله  وهم خاشعين ومبتهلين لله عزوجل .. وفي مساء نفس اليوم استغل القتلة لحظة السكون واقتحموا معسكرا للقوات الخاصة /بلحج/ وذبحوا الجنود بالسكاكين وأعدموا آخرون رميا بالرصاص بأسلوب وحشي مجرد من كل القيم الإنسانية والدينية ونهب الآليات العسكرية وممتلكات الجنود المغدور بهم وهاجموا المقرات الحكومية وسرقوا كل ما في البنك المركزي من أموال وقطعوا الطرقات ونشروا الخوف في قلوب الأهالي بلحج كل هذه الأحداث الدموية نفذت يوم الجمعة من الأسبوع الماضي.
وبالعودة إلى جمع 2011م فقد كانت الأحداث تبدأ بمجرد أن ينتهي اليمنيون من أداء الصلاة فإذا نشاهد فريق مؤيد للسلطة وآخر معارض لها وهذا ليس على مستوى العاصمة صنعاء وإنماء في عموم عواصم محافظات الجمهورية .. وطبعا مصائب قوم عند قوم فوائد .. حيث استغل اللصوص هذا اليوم للدخول وسط المتظاهرين لسرقة التلفونات ونشل ما في الجيوب وكم سمعنا من أشخاص  تحدثوا عن  سرقتهم ناهيك عن الأحداث الدموية وما جرى في جمعة الكرامة من تدفق للدماء وتناثر لجثث القتلى والمصابين وكان السبب في المقام الأول غياب العقل عن لغة الحوار لإصلاح الشأن بين الأخوة الأعداء حتى أصبحت الجمعة فرصة لعرض الرأي بالقوة مما جعلنا نخشى من الجمعة.
لذا أتمنى أن يعود يوم الجمعة لسابق عهده .. اليوم الذي ننتظره من كل الأسبوع  لنؤدي الصلاة بأمن وأمان وتستريح فيه أعصابنا وعقولنا وأرواحنا من عناء العمل والخروج للتنزه فهو كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم خير يوم طلعت فيه الشمس.

قد يعجبك ايضا