التوبة الصادقة .. طريق العودة إلى الله

(كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) .. يكفينا هذا الحديث الشريف خير عظة وعبرة لفضل التوبة وأهميتها في حياة الفرد غير أن العديد من الناس وللأسف استهانوا بعظمتها وصارت الذنوب ديدنهم أوزارا تجرها أوزار من دون توبة ولا ندم على اقترافها وكأن مصيرهم بأيديهم فعصوا وتمادوا في غيهم من دون حسيب ولا رقيب حتى إذا جاء أحدهم الموت .. أدرك حقيقة دنياه وعظمة مصابه وقال إني تبت وأنى له التوبة وهنا دعوة صادقة لتجديد التوبة في كل حين وآخر كشرط إيماني وزاد روحي وفضل لا يعلم مداه ولا منتهاه إلا الله ..

بعض الناس يستهينون بذنوب يرونها من الصغائر وكأن لا توبة حينها هذا ما أوضحته هند شرف – تربوية – بالقول: جميعنا مقصر في مسألة التوبة أو ربما هي مشاغل الحياة وهمومها ولهفنا وراء لقمة العيش بل نضطر أحيانا للكذب والغيبة والرشوة حتى نسير بها أمورنا دون إدراك لفداحة هذه المعاصي تحت مبرر لقمة العيش وتحت مبرر أن الناس كلهم يعيشون هكذا فتمر الأيام والشهور والسنون ونحن نستهين بذنوبنا ونعظم ذنوب الآخرين وكأننا ملائكة معصومون من الخطأ ونمني أنفسنا بأننا غدا سنتوب ونبدأ حياة جديدة والشيطان يزين للإنسان ذلك حتى إذا ما وقع عليه مصيبة أو بلاء استشعر عظمة خالقه وتقصيره بحقه وقد يفوت الفوت ولا تنفع حينئذ توبة ولا ندم!!
غرور الإنسان
بينما يرى هشام حيدر – طالب جامعي – أن أهواء الدنيا وملذاتها وغرور الإنسان بشبابه وصحته وماله تجعله يسوف التوبة متجرئ على الله بارتكاب المعاصي ولا يخاف في ذلك ملة ولا ذمة !!
ميزان الإيمان
من جهتها تقول الداعية بشرى الصمدي أنه كلما زاد الإيمان في القلب استشعر العبد بعظمة ذنوبه وبادر ملتجأ إلى الله مستغفرا إياه وطالباٍ مغفرته وعفوه.
متمثلا لقول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم. )  فلا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار وإياكم ومحقرات الذنوب كقوم نزلوا في بطن وادُ فجاء ذا بعودُ وجاء ذا بعودُ حتى أنضجوا خبزتهم وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه .
ومضت تقول : إن اللامبالاة بصغائر الذنوب هي الهالكة لكونها تمني العبد بارتكاب مثيلاتها حتى تجتمع وتهلكه وهذا ما بينه نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه : إذِا أِخúطِأِ خِطيئِةٍ نْكتِتú في قِلúبه نْكúتِةَ سِوúدِاءْ فِإذِا هْوِ نِزِعِ وِاسúتِغúفِرِ وِتِابِ سْقلِ قِلúبْهْ وِإنú عِادِ زيدِ فيهِا حِتِى تِعúلْوِ قِلúبِهْ وِهْوِ الرِانْ الِذي ذِكِرِ اللِهْ: كِلِا بِلú رِانِ عِلِى قْلْوبهمú مِا كِانْوا يِكúسبْون )
رحمته وسعت كل شيء
فيما استهل العلامة عبد الله الجعدي حديثه بقوله الله سبحانه وتعالى: {يِا أِيْهِا الِذينِ آِمِنْوا تْوبْوا إلِى اللِه تِوúبِةٍ نِصْوحٍا عِسِى رِبْكْمú أِنú يْكِفرِ عِنúكْمú سِيئِاتكْمú وِيْدúخلِكْمú جِنِاتُ تِجúري منú تِحúتهِا الúأِنúهِارْ} وقوله تعالى: {قْلú يِا عبِاديِ الِذينِ أِسúرِفْوا عِلِى أِنúفْسهمú لاِ تِقúنِطْوا منú رِحúمِة اللِه إنِ اللِهِ يِغúفرْ الذْنْوبِ جِميعٍا إنِهْ هْوِ الúغِفْورْ الرِحيمْ}.
وأضاف : ما أرحم الله بنا وما أجرأنا على الله فرحمته سبحانه وتعالى وسعت كل شيء فباب توبته مفتوح ليل نهار لكل من أذنب وتاب وعاد إلى الصراط المستقيم لقوله صلِى الله عليه وآله وصحبه وسلِم : ( إنِ الله  يِبسْط يدِه باللِيل ليتوبِ مسيءْ النهار ويِبسْط يدِه بالنهار ليتوبِ مسيءْ اللِيل حتِى تطلع الشمس من مغربها) وهنا يتجلى المؤمنون في آناء الليل وأطراف النهار للاستغفار لربهم أملا في عفوه وطمعا في جنانه قبل أن تتوفاهم الملائكة إلى ربهم وفي حياتنا شباب ورجال ونساء من أولي الصلاح والإيمان لا يهجعون الليل إلا وقد استغفروا ربهم لذنوب علموها أم لم يعلموها توبة خالصة صادقة لا رجعة فيها !!
التوبة الصادقة
مبينا شروط التوبة الصالحة والصادقة وهي: الإقلاع  عن المعصية والندم على فعúلها والِعزمِ على عدم العودة  إليها وإرجاع الحقوق إلى أصحابها مادامت الأرواح في الأجساد ما أسهلها من شروط وما أعظمه من رب مستجيب ويكفينا من ذلك ما رواه  أنس بن مالك – رضي الله عنه – حيث قال : سمعتْ رسول الله – صلِى الله عليه وآله وصحبه وسلِم – يقول: ( قال الله – تبارك وتعالى -: يا ابنِ آدم إنِك ما دعوتني ورجوتني غفرتْ لك على ما كان فيكِ ولا أْبالي يا ابنِ آدم لو بِلغتú ذنوبْك عِنانِ السماء ثم استغفرúتِني غفرتْ لك ولا أبْالي يا ابنِ آدم إنِك لو أتيتِني بقْراب الأرض خطايِا ثم لِقيتني لا تشركْ بي شيئٍا لأتيتْكِ بقْرابها مغفرةٍ)
حائل الذنوب
وأما الداعية أحلام عبد الجبار – جامعة القرآن الكريم وعلومه – فذهبت  بالقول : بعض الناس يقترف الذنوب العظيمة وييأس من رحمة الله واليأس هنا والقنوط من الشيطان ليبعدهم عن رحمة الله التي وسعت كل شيء فمهما كانت الذنوب حائلة بينك وبين الله كبيرة تذكر أن رحمة الله وعفوه ولطفه وستره عليك أكبر فعِنú أِبى سِعيدُ الúخْدúرى رضي الله عنه أِنِ نِبىِ اللِه صلى الله عليه وسلم قِالِ : ” كِانِ فيمِنú كِانِ قِبúلِكْمú رِجْلَ قِتِلِ تسúعِةٍ وِتسúعينِ نِفúساٍ فِسِأِلِ عِنú أِعúلِم أِهúل الأِرúض فِدْلِ عِلِى رِاهبُ فِأِتِاهْ فِقِالِ : إنِهْ قِتِلِ تسúعِةٍ وِتسúعينِ نِفúساٍ فِهِلú لِهْ منِ تِوúبِةُ ¿ فِقِالِ : لاِ فِقِتِلِهْ فِكِمِلِ به مائِةٍ ثْمِ سِأِلِ عِنú أِعúلِم أِهúل الأِرúض فِدْلِ عِلِى رِجْلُ عِالمُ فِقِالِ : إنِهْ قِتِلِ مائِةِ نِفúسُ فِهِلú لِهْ منú تِوúبِةُ ¿ فِقِالِ : نِعِمú وِمِنú يِحْولْ بِيúنِهْ وِبِيúنِ التِوúبِة انúطِلقú إلِى أِرúض كِذِا وِكِذِا فِإنِ بهِا أْنِاساٍ يِعúبْدْونِ اللِهِ فِاعúبْد اللِهِ مِعِهْمú وِلاِ تِرúجعú إلِى أِرúضكِ فِإنِهِا أِرúضْ سِوúءُ فِانúطِلِقِ حِتِى إذِا نِصِفِ الطِريقِ أِتِاهْ الúمِوúتْ فِاخúتِصِمِتú فيه مِلاِئكِةْ الرِحúمِة وِمِلاِئكِةْ الúعِذِاب فِقِالِتú مِلاِئكِةْ الرِحúمِة : جِاءِ تِائباٍ مْقúبلاٍ بقِلúبه إلِى اللِه وِقِالِتú مِلاِئكِةْ الúعِذِاب : إنِهْ لِمú يِعúمِلú خِيúراٍ قِطْ فِأِتِاهْمú مِلِكَ فى صْورِة آدِمىُ فِجِعِلْوهْ بِيúنِهْمú فِقِالِ : قيسْوا مِا بِيúنِ الأِرúضِيúن فِإلِى أِيِتهمِا كِانِ أِدúنِى فِهْوِ لِهْ فِقِاسْوهْ فِوِجِدْوهْ أِدúنِى إلِى الأِرúض الِتى أِرِادِ فِقِبِضِتúهْ مِلاِئكِةْ الرِحúمِة “
مكر الله
ومضت تقول : وهنا يجب ألا يأمن العاصون مكر الله ويطول بهم الأمد وليسارعوا إلى التوبة وليعتبروا من سوء الخاتمة – والعياذ بالله : { أِفِأِمنِ أِهúلْ الúقْرِى أِن يِأúتيِهْمú بِأúسْنِا بِيِاتاٍ وِهْمú نِآئمْونِ أِوِ أِمنِ أِهúلْ الúقْرِى أِن يِأúتيِهْمú بِأúسْنِا ضْحٍى وِهْمú يِلúعِبْونِ  أِفِأِمنْواú مِكúرِ الله فِلاِ يِأúمِنْ مِكúرِ الله إلاِ الúقِوúمْ الúخِاسرْونِ }

قد يعجبك ايضا