الإسلام وحقوق المرأة

إن المرأة في الإسلام جوهرة ثمينة ودرة مكنونة ومخلوق لطيف كريم فالنساء شقائق الرجال وأمهات الأبطال ومدارس المجد وصانعات التاريخ وشجرات العز وحدائق النيل والكرم ومعادن الفضل والشيم وهن أمهات الاتقياء ومرضعات العظماء وحاضنات الأولياء ومربيات الحكماء فكل عظيم وراءه امرأة وكل مقدام خلفه أم حازمة وكل ناجح معه زوجة مثابرة فهن موضع الطهر وميلاد الحنان والرحمة ومشرق البر والصلة ومنبع الإلهام والعبقرية وقصة الصبر والكفاح فلا صلاح للحياة إلا بالمرأة ولا راحة في الدنيا إلا بالأنثى الحنون.
فرسولنا صلى الله عليه وسلم هو أبو البنات العفيفات الشريفات ذرف من أجلهن الدموع ووقف لأجلهن في المحافل والجموع أذاع بحقوقهن في كثير من المناسبات وسجل أعظم قصة من البر والإكرام والاحترام والتقدير للمرأة أما وأختا وزوجة وبنتا ظلمت المرأة عند الجهلة وفي الوقت المعاصر ظلما كبيرا سواء قبل زواجها بعدم الحفاظ عليها علميا وتربويا وأخلاقيا أو بعد زواجها من زوج بخيل شحيح تسلط على مالها وحرمها حرية التصرف في ما تملكه فصارت تنفق عليه وهو يقابلها بالفظاظة والغلظة وصنوف الإيذاء فظلمت لما منعت من أبسط حقوقها.
وبسبب مال المرأة منعت الكثيرات من الزواج لأن الأب الشرس الكنود الجحود أراد أن يبقيها في بيته ليستفيد من دخلها الشهري حتى ذهب شبابها وصارت عانسا لا يشتهيها الرجال.
والمرأة مظلومة عند الكثير من القساة الجفاة الجهلة بالدين الإسلامي وإنما يحصل هذا الظلم والإقصاء والتهميش للمرأة في المجتمعات الجاهلة في القديم والحديث فهي عندهم من سقط المتاع تشترى وتباع وتوهب وهي محرومة من الميراث بل تورث كما تورث الدابة وينظر إليها باستصغار. والمنكرون لحقوق المرأة ظلموها فأصبحت بلا قيمة وعقوها فأمست بلا فضيلة وجهلوا الشريعة فتبا لمن ظلم المرأة وسحقا لمن سلبها حقوقها والمرأة في الإسلام سلالة الأكرمين وحفيدة أمهات المؤمنين لقد رفع الإسلام مكانة المرأة وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه والنساء في الإسلام شقائق الرجال وخير المسلمين خيرهم لأهله فالمسلمة لها في طفولتها حق الرضاعة والرعاية وإحسان التربية وهي من ذلك الوقت قرة العين وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها.
وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة التي يغار عليها وليها ويحوطها برعايته فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء ولا ألسنة بأذى ولا أعين بخيانة ثم أن للمرأة حق التملك والإجارة والبيع والشراء وسائر العقود ولها حق التعلم والتعليم بما لا يخاف دينها كما ورد بذلك كثير من النصوص.
ومن إكرام الإسلام للمرأة أن أمرها بما يصون ويحفظ كرامتها ويحميها من الألسنة البذيئة والأعين الغادرة والأيدي الباطشة فأمرها بالحجاب والستر.
ومن إكرام الإسلام للمرأة أن أمر الزوج بالانفاق عليها وإحسان معاشرتها والحذر من ظلمها أو الإساءة إليها.
ومن إكرام الإسلام للمرأة أن جعل لها نصيبا من الميراث فللأم نصيب معين وللزوجة نصيب معين وللبنت وللأخت نصيب على نحو ما هو مفصل في مواضعه ومن تمام العدل أن جعل الإسلام للمرأة من الميراث نصف ما للرجل إلى جانب مالها من المهر والنفقة والحقوق أيضا فإن المرأة في المنهج الإسلامي تسعد في دنياها مع أسرتها وفي كنف والديها ورعاية زوجها وبر أبنائها سواء في حال طفولتها أو شبابها أو هرمها وفي حال فقرها أو غناها أو صحتها أو مرضها وإن كان هناك من تقصير في حق المرأة في بعض بلاد المسلمين أو من بعض المنتسبين إلى الإسلام فإنما هو بسبب القصور الإنساني والجهل البشري والبعد عن تطبيق شرائع الدين الإسلامي والوزر في ذلك على من أخطأ وجهل. وأما الدين الإسلامي فهو براء من تبعية تلك النقائص وعلاج ذلك إنما يكون بالرجوع إلى هداية الإسلام وتعالميه لعلاج الخطأ.
فهذه هي منزلة المرأة في الإسلام على سبيل الإجمال عفة وصيانة ومودة ورحمة ورعاية وتمسك بالطهر إلى غير ذلك من المعاني الجميلة السامية. وبالجملة فإن الإسلام رفع من شأن المرأة وأعلى من مكانتها وسوى بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام.
● عضو البعثة الأزهرية باليمن

قد يعجبك ايضا