من مقاصد الشريعة: الاعتدال والتوسط

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين نحمده ونشكره ونتوب إليه ونستغفره ونسأل الله أن يهدينا جميعا إلى صراطه المستقيم ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أيها الأخ الكريم ليعلم الجميع أن الله سبحانه وتعالى عندما اختار الإسلام ليكون هو الدين عنده سبحانه وتعالى: “إن الدين عند الله الإسلام…” سورة آل عمران.
وكذلك عندما أكمل الحق سبحانه وتعالى لنا الدين الإسلامي في يوم وقفة النبي صلى الله عليه وسلم على جبل عرفة في حجة الوداع في العام العاشر الهجري عندما نزل قول الحق سبحانه وتعالى: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا…” سورة المائدة وأيضا عندما اختار الله سبحانه وتعالى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون دينه هو خاتم الأديان وليكون هو خاتم الأنبياء والمرسلين فإن الله سبحانه وتعالى ما أراد بهذا الاختيار وهذا التشريع للدين وللأمة إلا ما فيه صلاح للبشرية بأسرها وفيه ما ينفعهم في دينهم وفي حياتهم الدنيوية من يوم ميلاد الحبيب إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فإن الإسلام ليس رحمة للمسلمين فحسب وإنما هو رحمة للبشرية بأسرها ألم يقل رب العزة سبحانه وتعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” سورة الأنبياء فدلت هذه الآية الكريمة بوضوح أن الإسلام وأن رسول الإسلام إنما هو رحمة لكل الخلائق التي خلقها الحق سبحانه وتعالى ومن مقاصد هذه الشريعة السمحة التي تصلح بناء على ما أسلفنا لكل زمان ولكل مكان وتصلح منهاجا ودستورا يعيش الجميع في رحابه ويحتمون بلوائه ويلتمسون عدالته ورحمته التي تتسع للجميع.
فمن مقاصدها وأهدافها الاعتدال والتوسط ونقصد هنا بالاعتدال والتوسط هو البعد عن النقص في العبادة الذي ربما يصيبها بالخلل في مبناها وتكوينها وكذلك ينقص في أجرها وفي ثوابها المرجو والمأمول من الله سبحانه وتعالى وكذلك أيضا أن تكون العبادة بعيدة عن الغلو والتنطع الذي ربما يؤدي لا إلى نقصان الأجر والثواب من الله وإنما ربما يؤدي إلى عدم قبولها من الله سبحانه وتعالى من الأساس وليس أدل على أهمية الاعتدال والتوسط في الإسلام من قول الحق سبحانه وتعالى عن أمة الإسلام.
وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا…” سورة البقرة.
إذن فهذا الاعتدال والتوسط هو الذي يليق بهدي الإسلام وبمنهاج خير الأنام صلى الله عليه وسلم.
لذلكم عندما نقرأ القرآن الكريم ونتدبر في آياته الكريمة نجد شواهد كثيرة لما نقول ولكن هناك آية جامعة مانعة لهذا المنهج أية تصلح خطة عمل للإنسان في حياته كلها إذ يقول رب العزة سبحانه وتعالى فيها: “وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين” سورة القصص أية 77 .
* عضو بعثة الأزهر الشريف

قد يعجبك ايضا