السيناريو الجديد في حضرموت.. عسكرة الموانئ وانفجار صراع الوكلاء

الثورة نت | تقرير ـ هاشم علي

لم يعد ما يجري في محافظة حضرموت مجرّد تنازع نفوذ بين أدوات محلية، ولا خلافًا عابرًا بين شركاء الأمس داخل معسكر العدوان، بل دخل مرحلة أشد خطورة وتعقيدًا، عنوانها عسكرة الموانئ، وضرب خطوط الإمداد، وفرض الوقائع بالقوة العسكرية المباشرة.

فالعدوان الذي استهدف ميناء المكلا بذريعة “ضرب دعم عسكري خارجي”، يكشف بوضوح عن سيناريو جديد يُدار من غرف عمليات إقليمية ودولية، تتقاطع فيه المصالح السعودية والإماراتية والأمريكية ومعها كيان العدو الصهيوني، على حساب السيادة اليمنية وأمن البحر العربي وخليج عدن.

ميناء المكلا.. من شريان اقتصادي إلى هدف عسكري

إعلان تحالف العدوان إخلاء ميناء المكلا، ثم إغلاقه، وصولًا إلى تنفيذ ضربة عسكرية وُصفت بـ”المحدودة”، يؤشر إلى تحوّل نوعي في طبيعة الصراع.

فالميناء لم يُستهدف باعتباره منشأة مدنية فحسب، بل جرى التعامل معه كنقطة ارتكاز لوجستية ضمن صراع إقليمي أوسع، تُستخدم فيه الموانئ اليمنية كقواعد خلفية لتغذية المليشيات وتصفية الحسابات بين الرياض وأبوظبي، واللافت أن تحالف العدوان برّر الضربة بادعاء دخول سفن محمّلة بالسلاح من ميناء الفجيرة، ما يؤكد أن الصراع انتقل من إدارة بالوكالة إلى التصادم المباشر بين أطراف التحالف نفسه.

تصادم الرياض وأبوظبي.. انهيار التحالف من الداخل

تشير التطورات المتسارعة في حضرموت والمهرة إلى أن الخلاف السعودي الإماراتي تجاوز مرحلة الاحتواء السياسي، ودخل مربع الضغط والتهديد العسكري المتبادل، فالتهديد السعودي باستهداف فصائل “الانتقالي” جوًا، يقابله إصرار إماراتي على المضي في التجنيد، وإدخال الطيران المسيّر، وفرض الأمر الواقع بالقوة في الشرق اليمني.

هذا التصادم لا يعكس خلافًا تكتيكيًا عابرًا، بل صراعًا استراتيجيًا مفتوحًا على:

ـ الثروات النفطية والغازية

ـ الموانئ والممرات البحرية

ـ النفوذ الجيوسياسي الممتد من حضرموت إلى القرن الإفريقي

أدوات محلية.. وأسياد إقليميون

ما يجري على الأرض يكشف حقيقة طالما جرى التستر عليها: الفصائل المسلحة، سواء الموالية للرياض أو لأبوظبي، ليست سوى أدوات تنفيذ لمشاريع خارجية، يتم تحريكها أو التضحية بها وفق ميزان المصالح الإقليمية، وترك الجثث في العراء أيامًا، وتأخر انتشال القتلى، لا يُعدّ تفصيلًا إنسانيًا عابرًا، بل مؤشرًا فاضحًا على هشاشة هذه التشكيلات، وغياب القرار الوطني، وانهيار القيم أمام أوامر الخارج.

البعد الأخطر.. الحضور الأمريكي والصهيوني

التقارير التي تحدثت عن وجود ضباط إسرائيليين في مطار المكلا، وإدارة المعركة عبر غرف تنسيق، تتقاطع زمنيًا مع:

ـ الاعتراف الصهيوني بـ“صومال لاند”

ـ تصاعد النشاط الإماراتي في بربرة

ـ تسارع عسكرة السواحل من حضرموت حتى القرن الإفريقي

كل ذلك يؤكد أن حضرموت لم تعد ساحة صراع محلي، بل حلقة مركزية في مشروع تطويق البحر الأحمر وبحر العرب، وتأمين مصالح كيان العدو عبر وكلاء إقليميين.

حضرموت في قلب المعركة لا على هامشها

رغم محاولات تصوير حضرموت كمنطقة “هادئة”، إلا أن الوقائع الميدانية تضعها اليوم في صلب الصراع:

ـ صراع على الثروة

ـ صراع على الموقع

ـ صراع على القرار

كما أن رفض المكونات القبلية فرض واقع بالقوة يعكس وعيًا متقدمًا بخطورة تحويل المحافظة إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية.

العدوان حين يأكل أبناءه

ما شهده ميناء المكلا ليس حادثة معزولة، بل إعلان عملي عن دخول معسكر العدوان مرحلة الافتراس الداخلي، حيث لم يعد يميّز بين شريك وخصم، ولا بين أداة وأخرى، وحين تتحول الموانئ إلى أهداف عسكرية، والجثث إلى رسائل سياسية، والسيادة إلى ورقة تفاوض، فإن النتيجة الحتمية واحدة: تفكك المعسكر المعتدي، وانكشاف مشروعه الاستعماري، واقترابه من نهاياته الطبيعية.

حضرموت اليوم ليست ساحة صراع عابرة، بل مرآة تعكس حقيقة العدوان كاملة، بلا أقنعة.

قد يعجبك ايضا