إنما المؤمنون إخوة

نحمد الله سبحانه وتعالى الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام دين المحبة والتسامح والإخاء وأنعم علينا بنبي المحبة والرحمة محمد صلى الله عليه وسلم يقول المولى سبحانه وتعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وقد تجلت رحمة ديننا الإسلامي الحنيف ورحمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في النقلة النوعية التي نقلت العرب نقلة نوعية من المجتمع الجاهلي المظلم بظلام الحروب والظلم والعبودية والرق ووأد البنات وشرب الخمر إلى نور الإسلام الذي قضى على كل ذلك وساوى بين الناس لتكون التقوى والعمل الصالح هي ميزان التفاضل بين الناس جاء الإسلام ليحرم إراقة الدماء وقتل النفس المحرمة بدون وجه حق يقول المولى سبحانه وتعالى (ومن قتلها فكأنما قتل الناس جميعا)  وقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم (لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم) فالإسلام دين الإنسانية والعدالة أعطى الإنسان حقه من الحقوق وجعله مكرما ومعززا حرم الإسلام لعن المسلم وظلمه وإنتهاك حريته وكرامته وهتك عرضه ونهب أمواله حيث يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره) وقوله: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)  وغير ذلك من الأيات والأحاديث النبوية الشريفة التي تنظم العلاقات الإنسانية وتحفظ للإنسان حقه ولذلك أقر الإسلام العقوبات فجعل عقوبة القاتل الإعدام وجعل عقوبة السارق قطع اليد وجعل عقوبة الحرابة القتل والصلب والنفي من الأرض وجعل عقوبة قذف المحصنات المؤمنات الجلد وغير ذلك وكل ذلك حتى يعيش المجتمع المسلم في سلام ووئام دون انتهاك للحريات والحقوق التي أقرها الشرع.
إن عزتنا وقوتنا وكرامتنا تكمن في التمسك بديننا المحجة البيضاء التي تركنا عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم (لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي) غير أن هناك اختلافا كبيرا وشاسعا بين واقعنا اليوم وواقع المسلمين قبل أربعة عشر قرنا والسبب أننا أبتعدنا عن كتاب الله وسنة رسوله فأصابنا الضعف والهوان وصرنا كغثاء السيل كثرة بلا قيمة وهذا هو حالنا مع الأسف الشديد ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده اعتز المسلمون ونشروا رسالة الإسلام وتغلبوا على الفرس والروم رغم قلة عددهم كل ذلك لأنهم نصروا الله فنصرهم وثبت أقدامهم واليوم لم ننصر الله فهزمنا هزيمتنا من الداخل فيما بيننا لأننا ابتعدنا عن قواعد وأسس الدين الذي يدعو إلى الوحدة والتآخي والتناصر والتعاون ونتيجة لذلك انشغلنا ببعضنا البعض ودبت ثقافات الأحقاد والكراهية والتعصبات العمياء وظهرت الاختلافات والصراعات المختلفة في الدين والسياسة وتمكن أعداؤنا من النيل منا وإصابتنا في عقر دارنا بدون سلاح إنما نشروا ثقافة العداء والكراهية وفرقوا بين المسلمين وزرعوا فيهم بذور الخلافات والاختلافات حتى في ديننا فانقسم الناس إلى طوائف دينية متناحرة ومتقاتلة وصار المسلمون الذين يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ويحملون المصاحف في جيوبهم ويصلون في مسجد واحد صاروا حريصين على قتل بعضهم البعض لا يدرون لماذا وشوهوا ديننا الإسلامي الحنيف دين المحبة والرحمة وجعلوا منه دين الإرهاب وهو بعيد كل البعد عن ذلك يمارسون الإرهاب ويفلتون من العقاب ويغرسون الإرهاب في المجتمعات الإسلامية عن طريق مجموعة من المتطرفين الذين يتسترون بالدين ويقومون بقتل الأبرياء والدين بريء منهم ومن أعمالهم صار حالنا يرثى له تفرقنا واختلفنا وتصارعنا فذهبت ريحنا وتشتتت قوانا فحل فينا الضعف والهوان ودمرت أوطاننا وعمت المآسي والأحزان وصار حالنا يدعو للبكاء.
إن ما وصلنا إليه ناتج عن ابتعادنا عن جوهر الدين ولبه ولم يكن نصيبنا منه سوى الاسم فقط ولو لم نكن كذلك لما استطاع أعداء الدين والعروبة أن يفرقونا بهذا الشكل إلى أحزاب وطوائف متعددة تتصارع وتتقاتل وتخدم مؤامرات وأهداف أولئك الذين لن يرتاح لهم بال حتى ينالوا منا ونكون أشبه بأوراق خريفية متساقطة.

قد يعجبك ايضا